السبت: 18/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

نجاح مؤتمر "فتح" السابع مصلحة حيوية للكل الفلسطيني

نشر بتاريخ: 28/11/2016 ( آخر تحديث: 28/11/2016 الساعة: 19:42 )

الكاتب: نايف جراد

بغض النظر عن الخلاف مع فتح، مهما كان كبيرا، من أي طرف فلسطيني كان؛ وبغض النظر عن أية ملاحظات، مهما كثرت، حول عضوية مؤتمر "فتح" السابع وكيفية التمثيل فيه، والذي سمح للبعض القفز والوصول وهو لا يستحق، وأقصت البعض وهو كفؤ وجدير؛ وبغض النظر عن الاجتهادات والتوقعات والتحليلات المتشائمة وفاقدة الأمل من الوضع القيادي الفلسطيني؛ وبالنظر إلى التحديات والتهديدات التي يواجهها شعبنا وقضيته الوطنية داخليا وإسرائيليا وإقليميا ودوليا، والتي تتصدرها المخططات الإسرائيلية لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية عبر تأبيد الحكم الذاتي وتكريس الاستيطان والفصل العنصري وتهويد القدس وإبقاء الانقسام والتخلص من قضية اللاجئين، والمراهنة على تقويض وضع السلطة الفلسطينية والوضع الداخلي لصالح سلطة هزيلة تحت السيادة الإسرائيلية والفوضى والاقتتال الداخلي، والعودة بالقضية الوطنية إلى حالة ما قبل عام 1967، بل وأسوأ في ظل وضع عربي متدهور تتحالف أقطاب رئيسة فيه مع إسرائيل علنا، فإنني أجزم أنه لا مصلحة لأي وطني فلسطيني أن يفشل مؤتمر "فتح" السابع، بل إن نجاح المؤتمر هي مصلحة وطنية حيوية للكل الفلسطيني.
إن "فتح" التي كانت سباقة لإبراز الهوية الوطنية الفلسطينية وكانت العنوان الأبرز للوطنية الفلسطينية طوال أكثر من نصف قرن من الكفاح، والتي قادت حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ومثلت ولا زالت عمودها الفقري، ولأنها لا زالت القوة الأساس التي تقود حركة الشعب الفلسطيني وكيانه الوطني الجامع، منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية و"دولة فلسطين"، وتتصدى وتكافح لأن تبقى كذلك حاملة لواء المشروع الوطني، فإن لفشلها أو نجاحها، تأثير بالغ على الوضع الفلسطيني برمته، مما يعني أن قراراتها وسياستها ونتائج مؤتمراتها ليست شأنا فتحاويا داخليا، بل وطنيا عاما. ولعل هذا بالذات هو ما يدفع الكثيرين للاهتمام بمؤتمر فتح، وهو ذاته الذي يحمل الكل الفلسطيني، الفتحاوي وغير الفتحاوي، مسؤولية الحرص على إنجاح مؤتمر فتح، كي يخرج بنتائج تلبي المصالح الوطنية الحيوية للشعب الفلسطيني.
إن الوضع الفلسطيني برمته، سياسيا وتنظيميا، وعلى صعيدي مهمتي التحرر الوطني والبناء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بما فيه وضع" فتح " ذاتها، بحاجة إلى هذه المسؤولية الوطنية، التي يجب أن ترتقي إلى مستوى تضحيات وعذابات وحقوق وأهداف شعبنا وآماله وطموحاته. ولئن كان أعداء شعبنا والمتربصين بقضيته الوطنية شرا، يأملون أن يخرج مؤتمر فتح، لا سمح الله، بنتائج تلبي مصالحهم، فأن الوطنيين المخلصين من شعبنا بأسره يرجون أن يكون المؤتمر على مستوى التحدي الوطني المأمول من تنظيم وطني قائد، مسؤول، إلى جانب بقية القوى و الفصائل، عن مصير شعب.
إن المؤتمرات الوطنية العامة للأحزاب والتنظيمات السياسية الكبرى كفتح، محطة لتجديد وتغيير القيادات التنظيمية المركزية، وعليه من الطبيعي، أن يشهد تنافسا على المراكز القيادية، بل ومن الطبيعي أيضا، كما تدل تجارب أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى، بما فيها تنظيمات يسارية، أن تقوم الهيئات المركزية بترشيح من تراه مناسبا لإشغال عضوية الهيئات القيادية، أو أن تترك الأمر مفتوحا لترشح من يرغب ويجد في نفسه الكفاءة والقدرة، على أن يخضع كل مترشح لتقييم ويطرح أسمه للطعن، إن وجد، من قبل المؤتمرين. لكن المهم هنا، في الحالة التي نعالج، أن يحرص مؤتمر فتح على انتخاب الأكفأ والأكثر قدرة على تجديد فتح واستنهاضها في المرحلة القادمة، بحيث تتشكل قيادة تمكنها من معالجة حالة الترهل التنظيمي وتأطير الخلافات والتناقضات الداخلية وتدافع الأجيال فيها على أسس ديمقراطية تحفظ وحدتها وتنوعها بعيدا عن الإقطاعيات التنظيمية والولاءات الشخصية والمصالح الضيقة والاستحواذ على الامتيازات، وتكون قادرة على الحفاظ على الدور الوطني التاريخي لفتح وإعادة الاعتبار لها كحركة تحرر وطني أساسا، تنقلها نقلة نوعية في الأداء السياسي والكفاحي، بحيث تكون قيادة على مستوى المرحلة والتحديات، تستطيع الصمود بوجه الأنواء والرياح العاتية وقيادة دفة السفين الوطني في الظروف الحرجة. ولعل من المسائل الهامة على هذا الصعيد، أن على مؤتمر فتح السابع ، وهو يتصدى لتجديد شرعية قياداته، أن يعالج كافة المسائل وأن يجيب عن كافة التساؤلات، المتعلقة بما يحلو للبعض أن يسميه " مرحلة ما بعد أبو مازن"، أو "التوريث"، آخذة بعين الاعتبار سنة الحياة وما قد يخبئه القدر من مفاجآت، بحيث تنتحب نائبا لرئيس فتح مع التأكيد على احترام القواعد المتفق عليها وطنيا بشأن كيفية تولي المناصب القيادية في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين. ومثل هذا الأمر، هام وضروري جدا لقطع الطريق على كل من يتدخل بالشأن الوطني أو يستقوى بقيادات خارجية، سواء أكانت من الأقربين أو الأبعدين، من يحاولون أن يفرضوا الوصاية على الشعب الفلسطيني ويصادروا قراره الوطني المستقل الذي صانه بدماء أبنائه الشرفاء، وحتى لا تتحول الساحة الفلسطينية إلى بازار وقميص عثمان جديد ومطية للانحدار والتطبيع أو العودة إلى الوراء، إلى زمن الاحتواء والوصاية والهيمنة.
نعم، إن نجاح مؤتمر فتح السابع هو مصلحة حيوية للكل الفلسطيني، وحتى يكون كذلك بالفعل، فإنه مطالب بالإجابة عن الأسئلة الكبرى التي تطرحها التحديات والتهديدات الماثلة أمام شعبنا، وفي مقدمتها تحدي الصمود بوجه التوحش والتغول الصهيوني وخططته، في ظل الوضع العربي المزري وانكفاء الوضع الدولي وتقلبه السريع واحتمالات تراجعه في ظل الرئيس الأمريكي الجديد، للانقضاض على القضية الوطنية تمهيدا لتصفيتها. وبناء على ذلك، فإن مؤتمر فتح مطالب، على مستوى البرنامج السياسي وأولويات المهام وخطة العمل أن يؤكد على وحدة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية بكل مكوناتها، وبحيث تضع فتح نصب أعينها ضرورة إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية الذي أضر كثيرا بالقضية الوطنية ومن شأن استمراره أن يقوض كل مقومات القوة الفلسطينية اللازمة لاستكمال عملية التحرر الوطني والخلاص من الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ولعل تجديد شرعية قيادات فتح من شأنه أن يمهد الطريق ويكون الخطوة الأولى في تجديد كافة الشرعيات الوطنية.
إن وضوح البوصلة السياسية لفتح، ووجود قيادة متسلحة برؤية وطنية كفاحية، ضروران كل الضرورة، لإعادة الاعتبار للذات الوطنية الفلسطينية وللكفاح الوطني بكل أشكاله المشروعة، ولتوفير وحدة لإدارة الصراع مع الاحتلال توحد جهوده وتزج بكل طاقاته في مجموع المعارك الكفاحية الشعبية والميدانية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والقانونية الدولية من أجل انتزاع الحق الفلسطيني.
نعم، إن نجاح مؤتمر فتح السابع هو مصلحة حيوية للكل الفلسطيني، ويأمل الوطنيون الفلسطينيون أن يكون مؤتمر فتح على مستوى التحدي، وكلهم ثقة بأن فتح ياسر عرفات وأبو جهاد وأبو إياد، فتح الشهداء والأسرى الأبطال، فتح التي قادت معارك شعبنا البطولية تاريخيا وفي المحطات الحاسمة، لقادرة أن تكون على مستوى هذا التحدي.