الأربعاء: 08/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تراتيل في ظل القتل والتفجير على ضفاف النيل ...

نشر بتاريخ: 14/12/2016 ( آخر تحديث: 14/12/2016 الساعة: 16:10 )

الكاتب: يونس العموري

في ظل الدم الذي يحاصر ميدان التحرير وكنيسة القبطي الاول بقاهرة المعز ، والتاريخ يحترق بارض الكنانة يسافر الغمام مهموما، والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد المحزون، الذي ينكشف على الحقيقة بعد ان ساد الوهم بان سادة وجنرالات الجيش والقمع وجموع الفقراء متحدين بأزقة الليل والمدائن الشاهدة الشهيدة على العبث بمصائر الصغار وهم الكبار بعزتهم وبذوات كانت ان أمنت بأحقيتهم بالأدمية والحب وممارسة اللهو واللعب دون وجل او خوف يطارد احلامهم ومن حق الطيور ان تحلق فوق الغمام وان تهبط لإلتقاط حبوبها بأمن وامان ربهم الذي اطعمهم من خوف واسقاهم من حيث اللا احتساب ..

ومن هنا من الشهيد الكنعاني الاول رسول المحبة والسلام ، حينما نطق وهو بالمهد ووجه النداء لكل من لم يؤمن بالقدير الواحد الأحد .. وقال ما قال بوجه الخوف بلغة الحب والايمان وصار وكان العشاء الاخير على تلك الروابي وتحدث عن يهوذا ودمه المسفوك على جلجلة القيامة ... بالحب كان يتحدى وبالسلام كان ناطقا ... هناك حيث تعانق الصليب طويلا بغمام بحواري الفقر مع معاناة هلال القهر والعذاب .... وبيوم مولد العدناني العربي محمد ابن عبد الله النبي العربي الأمين المؤمن بيسوع المحبة كان وبلحظة وباسم الاسلام المقهور والمطارد من ارهاب الليل كانت التفجير لبيت الرب ، وكأن الرسالة التي لابد ان تصل بيوم مولد النبي العربي وهو البريء من كل تلك الحروف والابجديات ....

يا ايتها الشمس (هذه التي تجيء من الشرق بلا استحياء) لا وقت للبكاء ولا وقفة امام العرافة المقدسة للتعرف على القادم فقد جئنا اليك متخنين بالألم والحزن بعد ان بانت عوراتنا جميعا في ظل المسمى بالربيع فقد كانت الصحوة على الكابوس المرعب حيث ان تلك اليمامة الملقاة على الارض والمسحلوة قد كشفتنا جميعا بعد كنا بسبات وافقنا بعدها من السبات ولن يكون التصالح ما بين العصا والجزرة وان كانتا متحدتين في الكثير من الافعال، والفوضى قد غزت الأمكنة واختلط الباطل بصياغة النصوص الالهية وصارت المحرمات جزء من افعال السجد الركع العابدين الموحدين والعابثين بنصوص الألهة الكونية المتجمعة بثنايا الكتب المحترقة بايقونة القداسة والمشهد يتراءى امام الجميع.

فتية جاءوا من خلف الستار متسللين وكأنهم ارادوا ان يمارسوا لعبة الشيطان ليتصدروا المشهد بعد ان ظلوا لالاف السنين منسيين مهملين وسخين من غبار الازمان، هؤلاء الذي لفظتهم البيوت والشوارع قد صاروا الآن سادة بالطرقات ويعتدون على الميراث والتراث وبطون الكتب وعقدوا العزم خلسة مع ابليس والشيطان واشعلوا النار بتواطىء ممن كان وما زال يدعي حمايته للجموع المتدفقة عند خوفو وخفرع متضرعين لأرباب الليل بقليل من الفتات ...
على ابواب الأحياء كان ان انتفض ممن يتوقون للحرية وممن ضاقت بهم الصحاري والتائهين الذين يبحثون عن اسماءهم وصورهم المبعثرة بجدوال النيل ... كانوا ان علقوا بصدروهم تعويذات جداتهم وحفظوا اهازيجهن وركضوا لاهثين خلف السراب وايقنوا ان الساعة قد ازفت التي قد تعلن الانتصار على التنين الذي ما انفك يبث الرعب بالمدائن المحتضرة وما كان منهم الا الاستسلام الدائم مقدمين قرابينهم في سبيل ارضاءه ورضاءه ... وزوج من الماشية يفي بالغرض وبليلة وعندما نفذت الماشية قاموا بتقديم الأطفال الذكور لهذا التنين ثم قاموا بتقديم الإناث حتى لم يتبقى الا اميرة حزينة وجاء قديس من بعيد فوجدها باكية شاكية لمن ينصر ليلها ويمحوا عنها عار كل سيدات الارض ... وهذه المرة انقلب القديس ليلبس ثوب الشيطان على عكس اسطورة الجدة وتعويذتها ... فالكل منقلب على حقيقته .....

وحيدة عمياء هي الحقيقة وللحقيقة وجهان المخفي منها والمزور وان كان المخفي سيظهر ويدحض كل الافتراءات التي من شأنها تزويرها، واشباه الرجال هؤلاء الذين يعتقدون انهم بالهروات يفرضون سطوتهم .... وما تزال اغنيات الحب ممنوعة مطاردة ما بين عباءة التحريم والتحليل وذاك المنقلب على حقيقته برغم ارادته .... والسيد هنا واحد وللسادة حسابات اخرى في لعبة الفعل وردة الفعل والخافي لابد ان يكون الاعظم ....
ايتها الحكاية كم انت مثقلة بالحروف وبالجمل غير المترابطة والعصية على الفهم والاستيعاب ... والرواة مختلفون ومتبارون بسردها ... والكل يعلم اصل الرواية واقاصيصها وفصولها والتوقف عند فواصلها ... والبداية كانت منذ ان سقط الفتى قربانا للتنين ابن سعيد الخالد وصار ايقونة معلقة بافئدة الفتية المنتشرين على النواصي وعند الشواطىء، الحالمين بالأمس الممتد نحو الغد الرافضين لليوم وقوانينه ... ووسط الزحام وجد البسطاء انفسهم قادرين وظنوا انهم للتنين صارعين ... وتعالت الصيحات مهللة بنشوة الانتصار ..

وافاقوا على الكابوس من جديد وسقط الشعار الابرز بتحالف جنرالات العسكر وبسطاء الميادين بعد ان ظن من ظن ان حماة الديار هم ذاتهم من يحمي الرقيق التواقون للإنعتاق من قبضة الولاة بالقلاع والحصون .. فداستهم بلحظة بساطير الجند بأمر من اصحاب المقامات الرفيعة النسور والسيوف والنياشين .... وكان العري والتعري في العراء ذا المشهد العظيم والكل وقف مشدوها من هول الصدمة المفاجاءة لجموع المسحوقين ....
وكان السؤال لماذا هذا الانقلاب في الموازيين ..؟؟ واختلاف فنون واساليب التعاطي والتعامل مع فقراء الازقة والميادين ... بعد ان قوبلت بنادقهم بالورد والياسمين ...؟؟ وبعد ان تبادولوا القبلات يوم ان تم الاعلان عن سقوط التنين ...؟؟ فهل لذلك علاقة بالسيناريو الذي رُسم منذ البدايات ..؟؟ ام انها النهاية للطفرة العربية ..؟؟ ام انها الاوامر العليا للمُستثمر في اسواق الربيع العربي ....؟؟ ام هي الفوضى المبشر بها بنصوص فلاسفة رعاة البقر ...؟؟

مرة اخرى يكون العبث بمصير الاطفال بحواري النيل ، ومرة اخرى تضيع الحقيقة الغائبة المغيبة عمن يقتل ويذبح ويقجر باسم الرب وباسم الصلاة والصوم ، ومرة اخرى نجدنا مضطرين مدافعين عن قدرة الله تعالى بجمع عمر وياسين وجريس على مائدة العشاء الأخير ، ومرة اخرى نجدنا نسوق انفسنا مرغمين لنقدم واجب العزاء ... ونحن هنا الجالسين على ارصفة الانتظار بالأزقة ما بين معراج النبي العربي وقيامة يسوع المسيح نجدنا خائفين والخوف هذه المرة سقيم مرعب .... فحينما تحترق بيوت الله على ضفاف النيل يهتز البيت العتيق قبلة الله الاولى بايلياء المحبة ...