الأربعاء: 01/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تفكيك البلديات الموحدة خضوع للتهديدات أم تصحيح للسياسات

نشر بتاريخ: 08/07/2017 ( آخر تحديث: 08/07/2017 الساعة: 16:08 )

الكاتب: سعيد زيد

تسعى وزارة الحكم المحلي- منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية - لتطوير نظام حكم محلي، يسهم في تنمية وتطوير المجتمع، ويعزز الانتماء للوطن. لهذه الغاية تبنّت الوزارة سياسات مختلفة تغيرت بشكل سريع حتى بدت كأنها سياسات متضاربة وعشوائية، ففي بداية إقامة السلطة شكلت وزارة الحكم المحلي مجالس بلدية وقروية ولجان خدمات ومشاريع في التجمعات السكانية، دون محددات حتى فاق عددها الأربعمائة والخمسين، عانت غالبيتها من ضعف الموارد والقدرة على تغطية النفقات وإقامة المشاريع ما أثر سلباً على نوعية وجودة الخدمات المقدمة للمواطن، وهذا دفع الوزارة إلى تبني سياسة دمج الهيئات المحلية في بلديات موحدة لتمكينها من القيام بدورها بفعالية، ورغم عدم زوال الأسباب التي أدت لتبني سياسة الدمج تقوم الوزارة بدراسة طلبات تفكيك بعض البلديات الموحدة.
تبدأ آليات أو إجراءات تفكيك البلدية الموحدة بظهور مجموعة ناشطة في إحدى القرى المكونة للبلدية، تعمل على إعداد العرائض وتقديمها للوزارة وادّعاء تمثيل الأغلبية الساحقة من السكان دون الاعتماد على أداة قياس علمية تبين موقف السكان الحقيقي من القضية المطروحة، كاستطلاع للرأي، أو استفتاء يشارك فيه جميع أصحاب حق الاقتراع، إضافة لوجود شبكة علاقات للقائمين على الانفصال والداعمين لهم، تسهّل الوصول والتأثير على مركز القرار.
يحاول البعض الضغط على وزارة الحكم المحلي ومجلس الوزراء لاتخاذ قرار سريع بتفكيك البلدية الموحدة وانشاء مجالس قروية بالتهديد بالمساس بالسلم الأهلي، أو بمحاولة الاعتداء على مؤسسة البلدية، ومنع موظفيها من ممارسة واجباتهم. ونتيجة الحرص الشديد على حياة وسلامة المواطن قد يستجاب لهم دون طلب تقدير موقف من الجهات الأمنية صاحبة الاختصاص، ودون الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك مؤشر خطير على ضعف الحكومة الفلسطينية، ومؤثر سلبي على الحالة الأمنية السائدة في المناطق المصنفة (باء، وجيم) ومشجع على تحدي سلطة القانون.
ما سبق يدفعنا إلى التساؤل عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة في حال تخوفت من حدوث تهديد للسلم الأهلي في احد المجالس القروية المستحدثة نتيجة خلاف على رئاسة المجلس أو التمثيل العائلي، هل ستشكّل الوزارة لكل عائلة أو حمولة كيان مستقل، وتعّين لكل منها مختار يقوم بإدارتها ذاتياً. أم تقوم بمعالجته (التهديد) بالقانون، لأن محاولات تهديد وابتزاز الحكومة ووزارة الحكم المحلي والعبث والمساس بالأمن والمؤسسات وجودة الخدمات المقدمة للمواطن غير مقبولة.
بات من الضروري قبل أن تتخذ الوزارة قراراً أو تقدم توصية لمجلس الوزراء بتفكيك أي بلدية موحدة دراسة الأسباب التي أدت إلى ظهور مطلب الانفصال ومحاولة معالجتها، وعدم التعميم بفشل سياسة الاندماج فلكل بلدية موحدة تجربتها، والعمل على توعية المواطنين بإيجابيات وجود مجلس بلدي موحد وسلبيات الانفصال، وإعلام المواطنين في القرية الراغبة بالانفصال بنية الوزارة دراسة طلب الانفصال وفتح باب الحوار مع المؤيدين والمعارضين للفكرة، وألّا تعتمد العرائض المقدمة (المعارضة أو المؤيدة ) للانفصال على أنها تمثل آراء الأغلبية في الهيئة المحلية.
وعليه لا بدّ من تعديل الأنظمة المعمول بها بقرار من مجلس الوزراء، لتتضمن إجراءات تنظم عمليات الدمج والانفصال والأخذ برأي المواطنين بإجراء استفتاء، وتحديد نسبة الحسم لصالح القضية المستفتى عليها، مع العلم بأن تكلفة إجراء أي استفتاء ليس باهظاً، لأنه سيجري في عدد محدود من الهيئات المحلية، كما يجب التوقف عن الادعاء بالخوف من وقوع مشاجرات وغيرها من مظاهر الإخلال بالأمن وترك التقدير للأجهزة الأمنية المختصة؛ لأن هناك من يستفيد من تهويل الأحداث لتحقيق أهدافه،
وفي النهاية يمكن القول أن تفكيك البلديات الموحدة جاء نتيجة الخضوع للتهديد والابتزاز بالاخلال بالسلم الاهلي واساءة تقدير وعدم معرفة حقيقة مواقف وتوجهات المواطنين من الانفصال بسبب عدم توفر أداة قياس علمية، ولم يأت نتيجة استدراك الوزراة او الحكومة لخطأ في السياسات المتعلقة بتوحيد الهيئات المحلية واقامة بلديات موحدة لأن الأسباب التي أدت الى تبنيها ما زالت موجودة .