الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

كوشنير... صبي ليس بمستوى المهمة

نشر بتاريخ: 28/08/2017 ( آخر تحديث: 28/08/2017 الساعة: 17:14 )

الكاتب: بهاء رحال

ما عجز عنه المخضرمون في السياسة من أمثال دنيس روس وكوندليزا رايز وجون كيري، لن يحققه ذلك الشاب اليافع الذي جاءَ به الحظ ليكون مبعوثاً للبيت الأبيض ويلتقي زعماء المنطقة التي تسير فوق صفيح ساخن، هذا الكلام ليس لي ولا لك عزيزي القارئ، بل لأولئك الذين لا زالوا يعولون على مواقف الولايات المتحدة والبيض الأبيض ويتوسمون خيراً كلما جاءت إدارة جديدة وتربعت على عرش البيت الأبيض. وقد سمعنا الكثير في الأيام الأخيرة من اولئك الذين يرون في الولايات المتحدة حليفا منصفا، وجاد في مشاريع الحلول التي تنتظرها المنطقة في العديد من الملفات والقضايا العربية والشرق أوسطية. 
بيد أن الملف الفلسطيني بشكل واضح لم يعد يأخذ مكانة مهمة على سلم الأولويات العربية ولو بدت التصريحات غير ذلك، فهناك قضايا مستعرة تحوز على اهتمام الأنظمة العربية لها علاقة بالخطر الايراني كما يسميه البعض، ولها علاقة بمحاربة الارهاب الذي بات يغزوا كافة الدول والمناطق بصورة مجنونة، ولها علاقة بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها بلدان كثيرة تحتاج إلى عمليات الدعم الأمريكي لإنقاذ البلاد والعباد.
زيارة المبعوث الأمريكي الجديد للمنطقة لم تأت بأي جديد، وما خرج من تصريحات هنا وهناك تأتي في اطار الدبلوماسية المعتادة في التصريحات، خاصة التصريحات التي تتجنب أن تأتي على ما يُغضب الإدارة الأمريكية، وهذا يجعلنا نضع التساؤل الآتي، حول ما هي الخطوات الفلسطينية المطلوبة لكي نعيد أولاً الملف الفلسطيني على سلم أولويات العرب، ولتكون القضية الفلسطينية ضمن الملفات المهمة على مستوى العالم في ظل هذه المتغيرات والتجاذبات والقوى التي بدأت تتململ لتأخذ دوراً لها في المنطقة التي لم تعد الولايات المتحدة فيها هي اللاعب الوحيد. وهل لدينا الخطط الكافية والاستراتيجيات اللازمة للتعامل مع تلك القوى. وماذا أعددنا لمواجهة السياسة الأمريكية التي بات واضحاً أنها ستزيد من الضغوطات وستحاول فرض حلول على الطريقة التي يريدها الاحتلال.
صبي لا أكثر ولا أقل، لن يحمل أي جديد في السياسة الخارجية الأمريكية المنحازة للاحتلال وحكومته المتطرفة، سوى المزيد من الضغوط ومحاولات فرض الحلول المؤقتة التي لن تفضي إلى حل الدولتين، وبات من الواضح أن الراعي الأمريكي تنكر لوعوده السابقة ولم يعد يتطلع جدياً للحل، كما أن دولة الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو تسعى لجعل ذلك الحل الذي قامت من أجله عملية السلام مستحيلاً.
كوشنير بحقيبة فارغة جاء إلى المنطقة. بلا مقترحات وتصورات وبلا ايضاحات، فلم يُجب على الأسئلة ولم يعلن عن نواياه لطرح مبادرة جديدة قد تأتي في القريب. فقط تداعى لإجراء لقاءات واجتماعات في صورتها شكلية ورسمية، ولكن في حقيقة الأمر فإنها غير مجدية ولا تنبئ بإدارة أمريكية صالحة وراشدة وقادرة على تقديم مبادرة سلام جادة وفاعلة، تخرج المنطقة برمتها من مستنقع التخريب والتدمير والانقسام والاحتلال، إلى واحات السلام والتقدم والازدهار.