الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المكتبة الوطنية والشتات الفلسطيني

نشر بتاريخ: 11/09/2017 ( آخر تحديث: 11/09/2017 الساعة: 19:04 )

الكاتب: عنان حمد

لا شك بأن أحد أدوار المكتبة الوطنية هو جمع وحفظ التراث الثقافي الفلسطيني، وهذه المهمة تعتبر من أولى المهام للمكتبة الوطنية من خلال قيامها بجمع وحصر التراث الفلسطيني منذ القدم، وهذا التراث والإرث لا ينحصر بنوع معين من الإصدارات وأينما يشمل جميع أنواع الإصدارات ( المطبوعة، المرئية، المسموعة، اللوحات الفنية... الخ).
حيث أنه منذ احتلال العدو الصهيوني لفلسطين منذ عام 1948 كان من أولى مهامه هو تغييب الهوية الثقافية الفلسطينية، وطمس كل ما له علاقة بالثقافة الفلسطينية والمثقف الفلسطيني وذلك لجعل فلسطين التاريخية تبدو وكأنها لهم وخاصة مع مقولة ساستهم (ارض بلا شعب لشعب بلا ارض)، حيث بدأت العصابات الصهيوينة بنهب المكتبات الخاصة لأعلام فلسطين البارزين من العلماء والكتاب نذكر بعضاً منهم الكاتب والمؤلف إسعاف النشاشيبي الذي ترك مورثاً ثقافياً ومخطوطات لا تقدر بثمن، الكاتب والمؤلف الفلسطيني خليل السكاكيني، المؤلف والكاتب محمد البطراوي، كما أكدت أطروحة دكتوراة أعدها الباحث الإسرائيلي د. غيش عميت من جامعة بئر السبع، ما كان قاله عشرات ومئات الفلسطينيين منذ النكبة الفلسطينية في العام 48، حول سرقة ونهب عشرات آلاف الكتب الفلسطينية النفيسة والفريدة من بيوت الفلسطينيين. وتمت أعمال النهب والسرقة هذه تحت حماية جنود العصابات اليهودية والجيش الإسرائيلي وبمراقبة ومساعدة أمناء المكتبة الوطنية الإسرائيلية، فقد تمت سرقة مكتبات كاملة لعائلات وكتاب وأدباء فلسطينيين، عدا عن مكتبات ووثائق الهيئات الفلسطينية العامة، والمدارس والكنائس. وهذه الكتب جميعها وضعت في المكتبة العبرية تحت مسمى أملاك الغائبين، وايضاً هناك الكتب التي وقعت بأيدي الجيش الإسرائيلي ولا تظهر أصلا في سجلات المكتبة وهذه قصة اخرى.
ومع بدء رحلة الهجرة و التهجير تعيين على اللاجئين الفلسطينيين في مختلف الأقطار أن يثبتو هويتهم الوطنية من خلال أعمالهم الثقافية سواء كانت المطبوعة أو المسموعة أو من خلال أعمالهم الفنية التشكيلية، ليست الهوية الفلسطينية التي تشكّلت في المنفى قبل أن تتشكل في الوطن، إلا محصلة لرفض الفلسطينيين التنازل عن وطنهم الموروث، وبدأت الحركة الثقافية الفلسطينية في الشتات تنشط و تنتشر لدرجة انه أصبحت الحركة الثقافية الفلسطينية جزء أصيل من عناوين الدول المقيمين فيها. وإذا كان للفلسطينين في منافيهم تجارب إنسانية ـ ثقافية متعددة، فكيف يمكن جمع المتناثر وحفظها في مكان واحد؟ ومن يحافظ على الذاكرة ويبنيها ويجمع موادها قبل الحفاظ عليها؟
ومن خلال ما تقدم يأتي دور المكتبة الوطنية بالإجابة على التساؤلات السابقة من خلال العمل على تجميع وحصر هذا التراث والإرث الثقافي الفلسطيني من قبل فلسطيني الشتات ليكون أرثا ثقافياً للأجيال القادمة ويحفظ حقوق الملكية الفكرية لأعمالهم من خلال تسجليها لدى المكتبة الوطنية من خلال قانون الإيداع وقانون الملكية الفكرية الذي سيكون من أوائل مهام المكتبة الوطنية في القريب العاجل لأنها من أساسيات ودعائم المكتبة الوطنية. وستقوم المكتبة الوطنية من خلال دخولها في المؤسسات الدولية الثقافية والاتفاقيات التي ستحفظ حقوق الملكية لهذه الأعمال والتي ستسجل باسم أصحابها وتحفظ لهم حقوقهم الفكرية من السرقات والتزوير.
وعليه من خلال هذه المقالة ندعو جميع الفلسطينين في الشتات الى دعم مشروع المكتبة الوطنية الفلسطينية والى ورثة وأصحاب الأعمال الفكرية و الثقافية بأنواعها المختلفة بتسجيل هذه الأعمال لدى المكتبة الوطنية كمرحلة أولى.

مدير مكتبة المجلس التشريعي الفلسطيني