الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المصالحة الفلسطينية والأسئلة الحرام. !!

نشر بتاريخ: 03/10/2017 ( آخر تحديث: 03/10/2017 الساعة: 17:33 )

الكاتب: عماد توفيق عفانة

سيسطر التاريخ يوم الثاني من أكتوبر 2017 كيوم عاد فيه قطاع غزة المحاصر إلى الحضن الرسمي الفلسطيني برعاية مصر أكبر جارة عربية في خضم حالة من التحولات الحادة التي يشهدها الإقليم.
ففي هذا التاريخ تخلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن إدارة القطاع منفردة، بشكل طوعي وبمبادرة منها لتسلمه إلى حكومة الوفاق التي عقدت في الثالث من أكتوبر اجتماعها الأول وتلت بيانها المفعم بالوعود والأمل بحياة أفضل للفلسطينيين في قطاع غزة.
يؤسس الاجتماع الأول لحكومة التوافق في غزة للخطوة الأولى للإمساك بالوزارات والمؤسسات الحكومية بالقطاع، بشكل فعلي وعملي على خلاف تصرف حكومة التوافق في أعقاب اتفاق الشاطئ في 2014، لتحسم ملفات شكلت ألغاما أمام تطبيق اتفاق الشاطئ مثل مشكلة الموظفين، ما سيجعل من غزة ميدانا لاختبار التعايش والوفاق بين حكومة تسيطر على المؤسسات والعمل الإداري، وحركة مقاومة تمسك بالملف الأمني للقطاع، إلى حين الاتفاق على تفاصيل الشراكة في اجتماع القاهرة المرتقب بعد عدة أسابيع.
الفرق بين مصالحة 2014 واتفاق 2017م
وصف اتفاق الشاطئ 2014 في حينه بأنه كان يمثل إطارا عاما لا يصلح لتحقيق المصالحة نظرا لعدم توفر البيئة السياسية الكاملة بين فتح وحماس، حيث لم تكن تكفي حسن النوايا.
في حين أن اتفاق المصالحة 2017م يشهد حضورا قويا للوسيط المصري للحيلولة دون تفسير كل طرف الاتفاق على هواه، مما يوجد حالة من الديناميكية في التطبيق انعكست على الحكومة وربما تنعكس على ملف شائكة أخرى كملف الانتخابات.
إن اللحظة الحرجة التي تعيشها القضية الفلسطينية استدعت من قطبي الساحة الفلسطينية فتح وحماس إعطاء دفعة قوية للمصالحة الداخلية؛ علما أن مساري التسوية السلمية والمقاومة المسلحة يواجهان أفقا مسدودا وتحديات كبيرة وظروفاً معقدة.
قد لا يندفع الأمريكان والصهاينة لتعطيل تنفيذ الاتفاق على الأرض، لكنهما قد يتمسكان بوضع شرطهم التعجيزي باعتراف حماس بإسرائيل لعرقلة الوصول إلى وحدة وطنية حقيقية يستعيد فيها البيت الفلسطيني عافيته، وتشارك في بنائه وقيادته جميع القوى والفصائل الفلسطينية.
يرقب الشعب الفلسطيني بكثير من الشك والريبة تنفيذ اتفاق المصالحة، خصوصا وأن شعبنا عايشَ فصولا من الفشل في تطبيق اتفاقات سابقة مثل اتفاق القاهرة 2005، واتفاقية الوفاق الوطني 2006 واتفاق مكة 2007 برعاية سعودية، ووثيقة الوفاق الوطني للمصالحة تحت رعاية مصر والجامعة العربية 2011 ثم اتفاق الدوحة (2012) وأخير اتفاق الشاطئ 2014م.
قد يخطئ البعض حين يتصور أن المصالحة بين فتح وحماس ستلغي الخلفيات الأيديولوجية للطرفين؛ ببساطة لأن المصالحة لا تتم بين المتماثلين بل بين المختلفين.
وستبقى حماس رغم الاشتراطات والضغوط الدولية ترفض التنازل عن أيّ جزء من فلسطين وترفض الاعتراف بـ “إسرائيل"، وتسعى لتحرير كلّ فلسطين؛ وربما لن تتخلى فتح عن أيديولوجيتها العلمانية البرجماتية التي سمحت لها بالمناورة والتنازل عن أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين وعن بعض الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
كما أن أزمة بناء الثقة بين الجانبين؛ قد تأخذ وقتا ليس بالقليل خصوصا وأن العلاقة بين الطرفين تتسم بالتنافس الشديد، والتشكيك المتبادل؛ حيث تصر فتح على إبقاء حماس خارج منظمة التحرير، حيث شهدت سنوات ما بعد أوسلو 1994 تغولا من فتح وأجهزتها على حماس وعناصرها لسنوات عديدة، وتجلت أبرز مظاهر الصدام بين الجانبين في غزة 2007م
إلى جانب أن اختلاف البرامج السياسية للجانبين؛ يصعب من تحقيق بنية مؤسسية فلسطينية موحدة نظرا لاستحالة الجمع بين برنامجي التسوية والمقاومة تحت سقف واحد.
الأسئلة الحرام:
هل يجبر استمرار انسداد الأفق أمام مسار التسوية السلمية نتيجة للتطرف "الإسرائيلي" والانحياز الأمريكي، ومع التحولات والفوضى التي يشهدها الإقليم وتراجع القضية الفلسطينية في سلم الاهتمام الدولي والإقليمي، حركة فتح على إدخال تعديلات على نهجها السياسي، وحركة حماس لتليين شروطها لدخول منظمة التحرير. !!.
وهل سيكتفي الرئيس عباس من المصالحة بتعزيز شرعيته وولايته وشرعية م.ت.ف في تمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني دون باقي القوى والفصائل وعلى رأسهم حماس. !!
وهل ستكتفي حركة فتح من المصالحة بالسعي إلى معالجة الأزمات التنظيمية الداخلية خصوصاً المرتبطة بقطاع غزة في إطار التصدي لمحاولات محمد دحلان لمعاودة ممارسة دور قيادي داخل فتح دون الاستجابة لمطالب الكل الفلسطيني بإعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها التنظيمية بالشكل الذي ينهض بالقضية الفلسطينية. !!
أم ستوظف حركة فتح ما يبدو أنه لحظة ضعف تمر بها حماس؛ نتيجة الحصار الخانق والموجة الاستئصالية التي تستهدف "الإسلام السياسي في المنطقة" لتحجيم حماس. !!
هل ستقنع الحشود والجماهير الهادرة التي خرجت لاستقبال حكومة الحمد الله في غزة حركة فتح والرئيس عباس للمضي بالتحضير للانتخابات العامة لتجديد الشرعيات، ام ستخضع ذلك مرة أخرى لنتائج استطلاعات الرأي. !!
هل ستسعى حكومة الوفاق بغزة لإعادة الاعتبار لصورة حركة فتح الوطنية، التي تضررت جراء سلوك الأجهزة الأمنية والتنسيق الأمني مع الاحتلال، أم ستواصل ذات التنسيق الأمني من غزة التي تعتبرها حماس حصنها الحصين.!!
هل سيسعى الرئيس عباس لإقصاء حماس كلياً من المشهد، أم سيسعى للشراكة الوطنية معها بالرغم من كل الضغوط الخارجية، لينهي حقبته السياسية بعمل وطني نوعي...!!
هل ستنجح حماس في النهوض بمشروع المقاومة عبر إعادة الاعتبار لدور الضفة الغربية والشتات في التصدي للاحتلال والاستيطان والتهويد.
هل سينجح اتفاق المصالحة بشكل كامل، وينجز كافة الملفات المطروحة، أم سيخفق في التعامل مع ملفات معقدة مثل الأمن ومنظمة التحرير والانتخابات.
هل سيغلب الطرفان المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، ويقاوم الضغوط الخارجية، أم سيواصل الرئيس عباس الرهان على التطورات الإقليمية.
هل سيتخلى الجانبان عن لغة وعقلية الإقصاء ويغلبان لغة الحوار والعمل المشترك في الملفات الوطنية.
تساؤلات مشروعة نأمل أن تترجم اجاباتها إيجابا واقعا ملموسا على الأرض.