الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المصالحة ومعالجة كافة القضايا

نشر بتاريخ: 04/10/2017 ( آخر تحديث: 04/10/2017 الساعة: 10:23 )

الكاتب: عباس الجمعة

اجمل ما كان لافت استقبال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لحكومة الوفاق الوطني والذي تابعه الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده في الداخل والخارج بعد مدة طويلة على أمل تحقيق نقلة نوعية على صعيد تطبيق اتفاق المصالحة الموقع في مصر بعد الاجتماعات الاخيرة في القاهرة، حيث شكلت مناخات ايجابية بدأت تسود بين حركتي حماس وفتح، وبعد انجازات فلسطينية هامة على صعيد اعادة حضور قضية فلسطين على أجندة المجتمع الدولي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واعتراف الانتربول الدولي بعضوية فلسطين فيه، فأن هذه الخطوات بحاجة الى شحذ همم الجميع من جديد بعد وقت طويل من الانقسام الفلسطيني الداخلي.
لذلك نقول لقد احتل موضوع الوحدة الوطنية مساحة هامة في خطابنا السياسي على مدى عشرات السنوات وكلما تزايدت الأخطار المحدقة بنضالنا الوطني نتيجة عوامل خارجية أو داخلية، أو لتداخل العاملين معاً، كانت تبرز أهمية العامل الذاتي الفلسطيني، ويتصاعد الحديث عن موضوع الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام وتطبيق اتفاقات المصالحة، وانا لا أظن أن نضالنا الوطني قد مر عبر تاريخه الطويل بمرحلة أكثر دقة وخطورة من المرحلة التي نمر بها الآن، وهو ما يتفق عليه الجميع، وربما كان الإحساس بهذا الخطر هو الذي يدفع الآن مختلف القوى والفصائل إلى التركيز على أهمية معالجة موضوع الوحدة الوطنية.
وانطلاقاً مما يجري، وحتى لا يبقى حديث الوحدة حديثاً موسمياً يطرح في المناسبات ولمعالجة اشكالات آنية تثار بين فترة وأخرى، فيجب معالجة كافة القضايا المستحقة الى قطاع غزة ، وخاصة في ظل الواقع المؤلم الذي يعيشه شعبنا وما وصلت إليه قضيتنا في مواجهة الاحتلال .
من هنا ندرك المخاطر المحدقة بشعبنا وقضيتنا، ونتحلى بأعلى قدر من المسؤولية تجاه هذه المخاطر وأهمية مواجهتها بكل الجدية المطلوبة، وذلك واجب على القوى والفصائل ان تقف بجدية حول الأزمة التي نعيشها، من كان في موقع المسؤولية التي تقع على عاتقهم، وخاصة ان الشعب الفلسطيني في مرحلة تحرر وطني متمسك باهدافه الوطنية المتمثلة في حق العودة للاجئين وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، لهذا فإن توفر كل هذه القناعات يخلق ظروفاً مواتية لإعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها .
إن الجدية التي تنطلق من إدراك حقيقة الأزمة التي نعيشها، وعمق المأزق الذي وصلنا إليه تقتضي معالجة الوضع بأسلوب يختلف عما تم التعامل به حتى الآن وبعيداً عن الارتجالية والاستخفاف، وعن سياسة تسجيل النقاط، وهذا يفترض عقد لقاء بين مختلف الفصائل والقوى لإستعادة روح الثقة بينهم، وتوفير القناعة بأن هناك توجهاً جديداً يستند إلى الإيمان بالمصالحة وانهاء الانقسام وتعزيز الوحدة ، هذه الوحدة التي تحمي العمل الفلسطيني ، وتحمي المجتمع الفلسطيني وساحاته المختلفة وتحافظ على منظمة التحرير الفلسيطينية كإطار ورافعة للعمل الوطني الفلسطيني في ظل تقلبات السياسة العربية والدولية.
امام كل هذه الظروف نرى ضرورة مراجعة شاملة لوضعنا السياسي والوطني بشكل عام، ومن باب الدعوة لتغليب المصلحة الوطنية العليا وقضية الوحدة الوطنية، على المصالح والمكاسب والحسابات التنظيمية والذاتية الضيقة وتطبيق ليس بنود اتفاق المصالحة فقط، بل كل ما يتعلق بترتيب البيت الفلسطيني، والتعامل مع المرحلة الراهنة والمقبلة، ولهذا نرى إن المفاوضات ليست الشكل الوحيد للنضال الوطني، ولا هي الطريق الوحيد لإنجاز عملية التحرير ، وبالتالي فهي لا تلغي أشكال النضال الأخرى ولا توقف استخدام كل وسائل الضغط لإجلاء المحتل عن ارض فلسطين وتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والاستقلال.
وفي ظل هذه الظروف ونحن نقدر دور مصر في العمل من اجل انهاء الانقسام نؤكد على إن مهمة توحيد شطري الوطن الفلسطيني وبنائه هي مسؤولية الجميع ، كما هي مسؤولية شعبنا بأسره ممثلا بكل قواه وشخصياته وفعالياته السياسية والشعبية ، بحيث تتاح للجميع فرصة المشاركة في عملية التحرير والبناء .
إن ما جرى في ظل الاوضاع التي تعيشها المنطقة ، يفتح الطريق أمام التوصل إلى تكامل نضالنا الوطني والقومي ، فالتطبيق العملي لعناوين اتفاق المصالحة وبتفاصيله على أرض الواقع يحتاج لاشتقاق مواقف شجاعة وعملية ان كان من قبل حركتي حماس وفتح، أو من قبل باقي القوى والفصائل الفلسطينية التي كانت بدورها جزءاً أساسياً من الاتفاق.
ختاما : إن التناقض الرئيسي هو بين شعبنا وبين الاحتلال بمختلف أشكال وجوده العسكرية والاستيطانية والاقتصادية ، وأن جهودنا جميعاً يجب أن تنصب للعداء للاحتلال ، ونحن اليوم على أعتاب تنفيذ اتفاق المصالحة ومباشرة حكومة التوافق مهامها نأمل أن يكون للمؤسسة الرسمية دور في انتقال المشهد الثقافي من حالة التشرذم، والانقسام إلى حمل خطاب ثقافي فلسطيني يعمل على تعزيز وتقوية النسيج المجتمعي، وتعزيز ثقافة الوحدة الوطنية من أجل الحفاظ على المكتسبات، والإنجازات التي تم تحقيقها، والبناء عليها.