الجمعة: 17/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسيرة العودة في ميزان الربح والخسارة

نشر بتاريخ: 02/04/2018 ( آخر تحديث: 02/04/2018 الساعة: 21:29 )

الكاتب: د.سفيان ابو زايدة

بعد انتهاء الجزء الاول من مسيرات العودة التي اعلنت عنها الفصائل الفلسطينية في غزة والتي استجاب لها عشرات الالاف، وربما اكثر، الذين تجمعوا في نقاط مختلفة على الحدود التي يبلغ طولها حوالي 40كم.
وبعد ان استشهد 17 مواطنا وجرح ما يقارب 1500 باصابات مختلفة، نصفهم اصابات من استنشاق الغاز، وكذلك اصابات حرجة، منها حوالي 100 جريح سيتم بتر احد اطرافهم، وهذا هو الجانب المؤلم في هذه الفعالية الوطنية.
في عملية تقييم سريعة لما جرى يوم الجمعة وتأثير ذلك على جميع الاطراف ذات العلاقة من حيث الربح والخسارة، يمكن قول التالي:
اولا: من الناحية الاسرائيلية، وفقا لتقييمهم، لقد خرجوا من هذا الحدث بأقل الخسائر الممكنة، وتقييمهم ان الجيش قد نجح في مهمته الاساسية وهي منع الشبان الفلسطينيين من اقتحام الحدود بالمئات او الالاف، وحقيقة ان رئيس هيئة الاركان قد اشرف بنفسه على ادارة العمليات تدلل على الاهمية التي اولاها الجيش لهذه المسيرات.
على الرغم ان عدد الشهداء والجرحى يقلل من قيمة هذا النجاح، حيث هذا العدد من الضحايا هو الذي وضع الحدث على طاولة مجلس الامن واستجلب الكثير من ردود الافعال والشجب والاستنكار من دول وزعماء العالم، واعاد الى الاذهان ان هناك شعب يرزح تحت الاحتلال وهناك احتلال لا يتردد في استخدام القوة المفرطة.
من الناحية السياسية اسرائيل هي الخاسر الاكبر حيث اعادت غزة ترتيب الاوراق على طاولة اي عمل سياسي مستقبلي بما في ذلك كل ما يتم الحديث حوله من مقترحات امريكية تتجاهل الحقوق الفلسطينية، خاصة حق العودة.
ثانيا: من ناحية الفصائل الفلسطينية، مسيرة العودة يوم الجمعة كان انتصارا كبيرا حيث شارك اعداد كبيرة، ولم ترفع رايات او يافطات حزبية، وهذا كان لاول مرة في تاريخ المسيرات والفعاليات الوطنية، حيث رفع فقط العلم الفلسطيني والشعارات كانت موحده تدعو الى حق العودة وكسر الحصار. هذا الامر سيؤسس الى مرحلة جديدة من العمل الوطني الشعبي والسلمي يقدم الشعار الوطني وعلم فلسطين على الشعارات والرايات الحزبية.
ثالثا: الرابح الاكبر من هذه المسيرات كانت غزة الجريحة والمحاصرة والمعاقبة والتي تئن تحت الفقر والبطالة والازمات الانسانية. غزة منذ يوم الجمعة اعادت تموضعها على رأس الاجندة الفلسطينية والاقليمية والدولية، واكدت للمرة المليون انها خزان الوطنية الفلسطينية الذي لا ينضب، لا تبخل على الوطن ولا تترد في حماية المشروع الوطني بعيدا عن المتاجرة بالشعارات الرنانة. الرسالة كانت واضحة لكل من يحاصرها ويعاقبها ويتجاهلها ويبخل عليها انها اكبر منهم جميعا، والمستقبل سيحمل لهم الكثير من الرسائل المشابهه التي ستشعرهم كم هم اقزام امام غزة و اهلها.
رابعا : هذه المسيرات ستتواصل على الاقل حتى الخامس عشر من شهر مايو المقبل، وهو يوم النكبة، ولكن الزخم على الارجح سيكون في ايام الجمعة.
السؤال الذي يجب ان يتم اعطاء اجابة له في الايام المقبلة هو هل كان هناك قصور في ضبط الميدان من خلال منع الشبان من الاقتراب الى الجدار و بالتالي تعرضهم للخطر.
بمعنى اخر هل من مصلحة الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية والقوى المنظمة ان تنتهي هذه المسيرات دون تعرض الشبان الفلسطينيين للخطر والحفاظ فعلا على سلمية هذه المسيرات، ام انه لم يكن هناك امكانية للسيطرة على الوضع وكانت هذه النتيجة معروفة مسبقا؟
كأحد الاشخاص الذين كانوا هناك واقترب الى اقصى حدا ممكن من الحدود ومناطق الخطر، اقول جازما ان امكانية الضبط كانت صعبة وستكون صعبة في المستقبل ولكن على الاقل يجب ان يبذل الجهد المطلوب للحفاظ فعلا على سلمية هذه المسيرات وتجنب خسائر لا داعي لها لان الثمن الذي يتم تقديمة اغلى بكثير من النتيجة.
لذلك اعتقد ان على الفصائل في المرات القادمة ان تكون واضحه في توجهاتها وعدم ترك الميدان وترك القرار للشباب الصغار.
هذا الامر يحتاج الى جهد كبير لضبطه، سيما انه جزء من ثقافة الشعب في فهمه للمقاومه والنضال ولكن على الاقل يجب ان يكون هناك قرار ويكون هناك جهد واضح لتطبيق هذه القرارا على ارض الواقع، وهذا ما لم يحدث حتى الان.
شخصيا، لو كان لي اولاد صغار لاخذتهم معي الى مسيرة العودة ولكن لن اسمح لهم الى الذهاب الى الجدار ويعرضون حياتهم للموت او الاصابة التي قد ترافقهم طوال حياتهم.
اذا كان هذا مفيد للقضية والنضال الفلسطيني سأذهب قبلهم او برفقتهم ولكن لا اتركهم لوحدهم، هذا بطبيعة الحال لا يعطي مبرر لقوات الاحتلال اطلاق النار على اطفال وشباب عزل كما حدث مع الشهيد عبد النبي الذي تم اطلاق النار عليه وظهره الى الخلف باتجاه غزة.
طوبى للشهداء والشفاء للجرحى والفخر لشعبنا واهلنا الصابرين المرابطين.

[email protected]