الأربعاء: 01/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

فشل حتمي للسياسات الامريكية!!!!

نشر بتاريخ: 05/07/2018 ( آخر تحديث: 05/07/2018 الساعة: 13:16 )

الكاتب: عوني المشني

ادارة بوش الابن أراد لامريكيا ان تحضر بقواتها للشرق الأوسط لتسقط أنظمة وتعين أنظمة حديدة ، خاضت حربين متتاليتين متوازيتين في كل من العراق وافغانستان ، أسقطت نظامي صدام وطالبان ، عينت أنظمة جديدة ، ومع الوقت والمقاومة فشلت امريكيا في كل من العراق وافغانستان ، فشلت فشلا ذريعا باستمرار ازمة الحكم وازمة وبفعل المقاومة وبفعل الصلف الامريكي .
ادارة اوباما عملت صفقة مع "الاسلام والسياسي المعتدل " عبر العراب قطر لاسقاط أنظمة الحكم المتهالكة في الوطن العربي وتسليم الاخوان المسلمين السلطة ، بدا للوهلة الاولى وان الامور تنجح ، سقط نظام تونس وتسلم الاخوان السلطة ، سقط نظام مبارك وتسلم الاخوان السلمين السلطة ، وقبلها نجحت حماس بمساعدات من هنا وهناك في الانقلاب في غزة ، ليبيا سقط النظام وفشلت محاولات الاخوان للوصول للسلطة فتحولت ليبيا الى دولة فاشلة ، في المغرب سلم النظام نصف السلطة طواعية وبدون حرب ، في سوريا لم تعد الا دمشق في النظام وكادت الامور ان تستقر للإخوان وحلفاءهم لولا تدخل بكل قوة من روسيا وإيران وحزب الله . كل هذا للوهلة الاولى ، سرعان من تغير الوضع في مصر وسقط حكم الاخوان ، خسر الاخوان ديمقراطيا في تونس ، ليبيا لم يستقر الحكم لأحد ، سوريا استعاد النظام زمام المبادرة ، وغزة تراجعت قوة السيطرة وأصبح الحكم عبئا ثقيلا على حماس لم تستطع التخلص منه او احتماله .
ادارة ترامب جاءت من اقصر الطرق ، تكريس الاحتلال لفلسطين وإسقاط فلسطين من خارطة الشوق اوسط ، ادخال اسرائيل الى منظومة العلاقات في الشرق الأوسط كقوة قائدة مسيطرة ، واستنزاف إمكانيات الدول العربية المالية بقوة الاتاوة . بصفقة عصر او بدونها لا يهم ، اسرائيل بدون اي تحفظات وعلى الدول العربية ان تدفع فواتير لا تنتهي ، فواتير السلاح والحرب وإعادة البناء بعد الحرب وغزة ومحاربة ايران ....... الخ . يبدوا للوهلة الاولى ايضا ان الامور استقامت لامريكيا واسرائيل ، أنظمة ما في الخليج همست بالموافقة على صفقة العصر ، الخليج دفع بدون حساب للأمريكيين ، بدأت علاقات دافئة بين تل ابيب وكل من عواصم عربية اخرى ، لكن الامر بدى يختلف .
الموقف الفلسطيني والالتفاف الشعبي حول قضايا القدس وغيرها اثار تخوفات تلك الأنظمة فلم تستطع ان تجهر بتأييدها لصفقة القرن بل تراجعت تدريجيا . دول عربية متضررة والأردن ونسبيا مصر رفضت الانخراط بقوة وها هي صفقة القرن نراوح مكانها دون اي تقدم ان لم يكن بتراجع واضح .
هذا يعكس مجموعة من الحقائق
اولا .... الإدارات الامريكية المتتالية مربكة في الشرق الأوسط لها سياسات متباينة متناقضة ، لكنها جميعا تفشل بشكل مدوي
ثانيا ..... ان الاخوان المسلمون حرقوا السفن خلفهم في سعيهم للوصول للسلطة السياسية ، صفقات مع امريكيا ، انقلابات ، تأزيم سياسي واجتماعي ، وهذا ما جعلهم الان ابعد ما يكون عن النجاح في تحقيق اي هدف
ثالثا ..... ان مرحلة التجاذبات والتحالفات في الشرق الأوسط تشير بشكل جلي وواضح باتجاه فشل الحلف الاسرائيلي الخليجي الامريكي ، فشل في سوريا ، وهو على طريق الفشل في اليمن ، وفِي فلسطين مؤشرات فشل صفقة القرن واضحة ، الفشل بات امرا محتوما وان كان يحتاج لوقت
رابعا .... ان الانقسام الفلسطيني جزء من سياسة امريكية في تسليم الاسلام المعتدل الحكم في الشرق الأوسط ، فشلت تلك السياسة وتخلت عنها ادارة ترامب وبالتالي هي في نهايتها ومسارها المحتوم الفشل .
خامسا ..... ان حل الدولتين لم يعد قائما كحل سياسي باعتبار انه سقط من برامج اليمين الحاكم في كل من امريكيا واسرائيل ، وان استمرار التطورات على الارض يضعنا امام دولة أبارتهايد واحدة ومطلوب برامج فلسطينية خارج اطار كليشيهات حل الدولتين للتعاطي مع متطلبات الواقع المستجد وربما ان هذا يحتاج الى اكثر من برامج جديدة وصولا لقوى سياسية جديدة مختلفة شكلا ومضمونًا وأدوات عما هو سائد .
سادسا ... ان اعادة ترتيب دور إقليمي لاسرائيل في المنطقة عبر تحالف عربي معها مسار مسدود ، فحجم وعمق المعارضة الشعبية العربية المستندة لموروث ديني وبعد قومي ستسقط حتما هذا التوجه ولن يكون مآل هذا الوضع افضل حالا من مآل حلف بغداد الذي سقط تحت ضغط الشارع العربي
استنتاجات متفائلة !!!! ربما هذا صحيح ، ولكنه تفاؤل له علاقة بقراءة شمولية واضحة وبإيمان بحتميات التاريخ وبثقة بان مرحلة عدم الاستقرار في المنطقة تسير الى نهاياتها والتي لن تكون في مصلحة اسرائيل وامريكيا .