الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تشريع الابرتهايد

نشر بتاريخ: 23/07/2018 ( آخر تحديث: 23/07/2018 الساعة: 17:40 )

الكاتب: د. هاني العقاد

تسابق حكومة نتنياهو اليمينة الزمن بإتمام المشروع الصهيوني والتحول الى دولة يهودية خالصة القومية متمتعة بالحماية الدعم الأمريكي غير المسبوق من خلال طرح حل لصراع قائم على اساس الدولة اليهودية المطلقة، قانون القومية الذي شرعته حكومة نتنياهو اليمينة العنصرية يأتي في اطار تحقيق هذه الصورة اليهودية اليمينة العنصرية المطلقة بكامل مكوناتها العنصرية، هذا القانون يعني بالدليل ان اليهود لا حق لهم في فلسطين لان أي قوانين وضعية صنعها الاحتلال ليست قوانين نافذة ولا تسري على الارض مهما صنعت حكومتهم من إجراءات عنصرية لتطبيق هذا القانون ومهما لاقت من انحياز امريكي صارخ، لان اصحاب الارض الاصلين الفلسطينيين الكنعانيين هم القانون الطبيعي والالهي الذي يشرع وجودهم عليها، انهم الديموغرافيا الازلية التي اثبتت وتثبت في كل مرحلة ان اليهود كانوا مجرد قطعان بشرية هاجرت هربا من الاضطهاد العنصري والديني والموت من كل بلاد اوروبا الى بلاد الفلسطينيين طلبا للحماية والعيش الامن فحماهم الفلسطينيون واطعموهم وكسوهم وبنوا لهم بيوتا كبيوتهم ومن ثم انقضوا عليهم وقتلوا ابناءهم واغتصبوا نساءهم واستولوا على بيوتهم واراضيهم وسرقوا ثمراتها وطردوهم خارج ارضهم.
ما يسمى بقانون القومية الذي اعتمدته الكنيست الاسرائيلي الاسبوع الماضي ما هو الا قانون تعتقد حكومة نتنياهو انه سيعمل على ايجاد دولة يهودية مطلقة ذات لغة واحدة وبالتالي طرد باقي القوميات خارج المحيط اليهودي للدولة الجديدة في اشارة لتحول اسرائيل من دولة تدعي الديموقراطية وحقوق الانسان والحضارة الى دولة يمينة عنصرية لا تؤمن الا بشعبها وديانتهم المحدثة وقوميتهم اليهودية المصطنعة التي ليس لها وجود في التاريخ لان اليهودية ديانة وليس قومية مما يتنافى حتى مع دينهم وكتابهم المقدس غير المحرف وما هم الا اصحاب ديانة سماوية انسانية تعيش كباقي الديانات حيثما وطأت اقدام اصحابها الارض بسلام مع كل شعوب الارض. 
ولعل هذا القانون سوف يفتح الصراع على اوسع ابوابه وقد يحول الصراع الى ديني باعتبار ان اسرائيل ستعمل على سحب كل حقوق سكانها غير اليهود وقد تطردهم خارج اراضيها المزعومة، كما وان هذا القانون سوف ينكر وجود أي قومية اخرى او لغة اخرى يتحدث بها الناس وهم اصحاب الارض الاصلين، انها ذات الحكاية الامريكية القديمة عندما جاء قطعان الامريكية من اوروبا وامريكا اللاتينية وافريقيا وكل اصقاع الارض واستوطنوا القارة الامريكية واحتموا بسكانها الاصلين الهنود الحمر واكلوا من زادهم وتعالجوا بدوائهم ومازالوا اليوم ينظر اليهم انهم اصحاب الارض بالرغم من الممارسات العنصرية ضدهم ومازالوا يحتفظوا بلغتهم وعاداتهم وتقاليدهم وديانتهم، ما اقرب الحكاية من بعضها لكن باختلاف القاعدة الديموغرافية لان الفلسطينيين اليوم ديموغرافيا المنتصرين لانهم الاكثرية ولن تستطيع كل الحروب التي تصنعها اسرائيل من تغيير هذه المعادلة.
قانون القومية اليهودي الجديد يعتبر اساس كل القوانين المشرعة في اسرائيل، الان قد يصبح أي مواطن غير يهودي ليس له حقوق في هذه الدولة وبالتالي فان المواطن العربي المسلم او المسيحي لا يحق له التملك والعيش والمساواة في الحقوق مع أي من اليهود لأنه يعتبر اليهود اصحاب السيادة على هذه الارض وليس غيرهم، كما ان هذا القانون يعتبر اعلان رسمي بأنهاء صفة الديموقراطية لإسرائيل فمن الان وصاعدا قد لا يحق للعرب الفلسطينيين في الداخل الاسرائيلي أي حقوق متساوية ولا يستطيعوا الترشح والانتخاب ولا يستطيعوا التملك والبناء وعلاج ابنائهم في مستشفيات اليهود ولا يحق لهم ان تنظر قضاياهم في المحاكم اليهودية ولا ان يقاضوا اليهود في أي محاكم بالبلاد ولا يحق لهم الدخول الى المطاعم والشركات كشركاء وانما كخدام ليسوا اكثر حسب التلمود اليهودي، انه تشريع الابرتهايد والعمل على قواعده وتشريعاته واخشى ان هذا القانون لا يعتبر حتى العرب الفلسطينيين والمسلمين والمسيحين مواطنين من الدرجة الثانية فقط بل لا يعترف بأي مواطن على ارض الدولة اليهودية غير اليهودي، وجاء ليشرعن عاصمة الدولة اليهودية حسب النص الذي ورد بالقانون "ان القدس عاصمة موحدة لليهود" كما وان هذا القانون جاء ليشرع الاستيطان اليهودي في أي مكان من فلسطينيين على اعتبار انها ارض لليهود وهذا اخطر ما تضمنه القانون من حقوق لليهود وجاء النص بالقول ايضا "ان الدولة تعتبر تطوير الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية وإنها ستعمل على تشجيعه" أي لا احترام لقرارات الشرعية الدولية في ظل قانون القومية اليهودي وتلك التي صدرت بخصوص الاستيطان واعتبرت الاستيطان في القدس والضفة وكل حدود 1967 غير شرعي في اشارة لإلغاء قرار مجلس الامن الاخير 2334.
هذا القانون شرع التمييز العنصري ونزع صفة الديموقراطية عن دولة اسرائيل وشرع سرقة الارض والقتل اليومي وسرقة الثقافة والتاريخ كما ان هذا القانون اوجد نظاما عنصريا يهوديا بامتياز، لا حقوق دينية ومدنية ولا حقوق سياسية لأي قومية اخري تقيم على ارض هذه الدولة، الاخطر في هذا القانون اذا ما قامت الأذرع التنفيذية في دولة الكيان بطرد العرب المسلمين والمسيحين خارج الارض وهنا نعود لحديث قادة اسرائيل ومفكريهم عن الدولة الفلسطينية على ارض سيناء فاعتقد ان اسرائيل شرعت هذا القانون تجهيزا لصفقة القرن الامريكية التي تستهدف الوجود العربي الفلسطيني في فلسطين وبالتالي العمل معها على اخراج العرب من الارض تدريجيا حتى يتاح لهم تصفية الوجود العربي الفلسطيني المسلم او حتى المسيحي من على كامل ارض فلسطين وهذا ما يعني ان الصفقة تسير باتجاه فرض اليهودية على كامل تراب فلسطين رضي العرب ام لم يرضُ.. رضي العالم ان لم يرضَ... لكن لعل مشرع القانون غاب عن ذهنه ان الارض يملكها اصحابها... تاريخها من تاريخهم وترابها من لونهم واشجارها من عروقهم ترتوي من دمائهم وانها عصية على أي امة غيرهم فما محاولات اسرائيل سن هذا القانون سوي مزيد من انكشاف الحقائق للعالم الحر الذي يرفض هذا القانون رفضا قاطعا وسيحارب مع الفلسطينيين لإسقاط على منصات المجتمع الدولي لأنه كشف الوجه الحقيقي للاحتلال العنصري اليهودي اثبت حقيقة الجرائم الصهيونية القائمة على التمييز العنصري من ذبح وقتل وهدم بيوت واعتقال وسرقة الارض على انها جرائم ضد الانسانية يجب ان يحاكم اصحابها امام المحاكم الدولية.

[email protected]