الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترامب وقانون اللاجئين... مستكبر يلعب بالنار!

نشر بتاريخ: 02/09/2018 ( آخر تحديث: 02/09/2018 الساعة: 17:54 )

الكاتب: موفق مطر

صحيح ان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإيقاف مساهمة الولايات المتحدة المالية لميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التابعة للأمم المتحدة، يعتبر بمثابة هروب من المسؤولية تجاه اهم القضايا الحساسة المؤثرة على الاستقرار والأمن والسلام في الشرق الأوسط والعالم ألا وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة الى وطنهم فلسطين، لكن محاولة الادارة الأميركية السطو على صلاحيات القانون الدولي، عبر مشروع القانون المقدم للكونغرس الأميركي بتحديد عدد اللاجئين، وترويج الادعاء الأميركي بانتهاء صلاحية (الأونروا) قد يكشف لنا مدى احترام القوى الكبرى ودول العالم الحر للمواثيق والقوانين الدولية، ونسبة تطابق قوانينها مع القيم الانسانية، وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها وتحمل مسؤولياتها رغم (بلطجة) ادارة ترامب. 
أما اذا ثبت لنا أن تفاؤلنا مبالغ فيه فإننا نكون بذلك قد دخلنا اخطر مرحلة في الصراع مع المشروع ألاحتلالي الاستعماري العنصري الاسرائيلي- الأميركي، لا يمكن لأحد تصور حيثياتها، ونتائجها، وتداعياتها لأننا في تلك الحالة السلبية التي لا نتمنى للعالم أن يدخل ويدخلنا بها سنكون كالمسيح الذي حاول مقاومة قياصرة وسلاطين الشر والظلم والجبروت بتعاليم المحبة والسلام، لكنه انتهى جسدا مدمى على صليب قبل ان تقوم روحه من جديد، لتنشر قيم الحق والعدل والسلام.. مع التأكيد ان قدرة الشعب الفلسطيني على تحمل الآلام والظلم قد بلغت ذروة المعايير والمقاييس المعروفة لدى الأمم، ولم يعد بينه وبين الانفجار إلا درجة واحدة، حيث على العالم الادراك ان الصبر بلا حدود هي سمة الأنبياء فقط.. وأن الشعب الفلسطيني الذي قدم للعالم الرئيس محمود عباس- الرئيس الانسان- رسولا للسلام لن يسمح لقوة على هذه الأرض بإنهاء وجوده أو حقوقه التاريخية، حتى لو انهوا حياة كل فرد منه على صليب.
القرار الأميركي فرصة جديدة لأحفاد اللاجئين الفلسطينيين ليثبتوا للعالم أن الوطن عندهم ليس سلعة، أو مجرد حساب في مصرف، وأنهم أغنياء بانتمائهم لوطنهم فلسطين ولا يحرصون على استمرار الخدمات المقدمة من المجتمع الدولي لأنهم فقراء، وليؤكدوا لمن كان مسؤولا عن نكبتهم وهجرتهم أن تمسكهم بالوكالة وخدماتها سينتهي في اللحظة التي يبدأ العالم بالانتصار لقضيتهم، فيساندهم في تنفيذ قراراته التي نصت على عودتهم الى ديار وأراض آبائهم وأجدادهم والتعويض عن خسائرهم، فقيمة الإنسان الفلسطيني كقيمة أي انسان على وجه الأرض، ولا يملك ناظمو الشريعة والقوانين الانسانية الأممية الا الاقرار بحقوقهم كاملة، وإلا فإن الدعاة للحرية والعدالة والديمقراطية، سيسجلون على انفسهم ارتكاب خطيئة الازدواجية في المعايير والتمييز بين انسان وآخر، وهذا مالا نرضاه لأمم وشعوب حضارية كنا ومازلنا نعتقد بنصرتها لقضيتنا وحقوقنا، على رأسها حقنا في انجاز استقلالنا الوطني على ارضنا وقيام دولتنا على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتباره ذلك الحل الواقعي والممكن.
يحتاج ترامب الى صفعة دولية ربما تعيده الى الحد الأدنى للرشد المطلوب توفره لدى رئيس دولة عظمى تمتلك مصالح عظيمة في منطقة الشرق الأوسط، عبر اعلان اوروبا والأمم المتحدة انعدام شرعية القوانين والقرارات الأميركية، وتجديد التزام المجتمع الدولي بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قراراته وعلى رأسها القرار رقم 194 الصادر بتاريخ 11/12/1948 المتعلق بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين والتعويض كذلك، والتأكيد على اعتبار حق العودة والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية ذات سيادة، وحرية الأسرى جوهر الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وتنبيه ادارة ترامب بمخاطر لعبها بهذه الثوابت لدى الفلسطينيين، وانه بقراراته وقوانينه كمستكبر يلعب بالنار.