الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

أسئلة مشروعة حول مسيرة العودة

نشر بتاريخ: 26/09/2018 ( آخر تحديث: 26/09/2018 الساعة: 11:36 )

الكاتب: د.أحمد الشقاقي

تكمل مسيرة العودة نصف عام على انطلاق فعاليتها، قدم خلالها أهل غزة فاتورة تضحية كبيرة وصنعوا مساراً جديداً للنضال في وجه المحتل، هذه التضحيات المقدرة أصبحت عنواناً لشعب مجاهد متمسك بمقاومته ويبحث عن كسر المعادلات السياسية التي يحاول الاحتلال والمنظومة الدولية المتحالفة معه فرضها منذ انتخابات 2006، وكان واضحاً بعد نتائج تلك الانتخابات أن المطلوب من الفائزين بهذه الانتخابات أن يعترفوا بشروط الرباعية حتى يمكن مواصلة دعم هذا الجسم السياسي الذي أفرزته اتفاقات التسوية مع دولة الاحتلال.
وقد صنعت المسيرة لغة سياسية جديدة وساعدها على ذلك حماية المقاومة الفلسطينية وتقديم الغطاء لها، ووجدنا الحضور المباشر لقوى المقاومة في محطات متعددة، وأعلنت المقاومة عن معادلتها للمرحلة وفق مقتضيات الصالح الوطني بما يحفظ المنجزات ويصنع الفارق لصالح الحق الفلسطيني.
هذا الفعل النضالي والشعبي، وفي سياق رحلته الممتدة حتى تحقيق العودة وكسر الحصار يستدعى مجموعة من الأسئلة المشروعة التي يمكن استحضار بعضها:
- ما هو سر استمرار مسيرة العودة؟
حققت مسيرة العودة زخماً شعبياً كبيراً، وأعادت للحاضنة الشعبية إحساسها بدورها المباشر، وبقدرتها على المشاركة الفعلية في المواجهة المباشرة مع الاحتلال حتى وإن كان بالبالون والطائرة ومجرد التظاهر.
كذلك أيقظت المسيرة في أذهان الجماهير الشابة مفاهيم الثوابت الفلسطينية وطرحت قضايا الهمّ الوطني بشكل متجذر بعد أن حاول البعض أن يجرنا فقط إلى مربع جدول ساعات الكهرباء وتفاصيل آلية عمل معبر رفح.
من المهم القول أن المسيرة عملت على جمع كافة القوى الفلسطينية في هذا الفعل النضالي، وأعادت التأكيد على أن ما يجمعنا كفلسطين أكبر بكثير مما يفرقنا وأنه كلما اقتربنا من مقاومة الاحتلال كلما كان اتجاهنا بشكل حقيقي للوحدة والمصالحة مع ذواتنا وبرامجنا السياسية.
بالإضافة إلى ذلك تنوعت فعاليات المسيرة ولم تقتصر على شكل معين للاحتشاد والتظاهر، وقدمت اللجنة الوطنية التي تنظم عمل المسيرة نموذجا مهماً لقدرتها على التنظيم والحشد واستيعاب كل الطاقات التي تسعى لبذل الجهد في هذا الإطار.

لماذا حظيت المسيرة بدعم شبابي وبمشاركة واسعة من المرأة والشباب؟
طوال سنوات الصراع مع دولة الاحتلال كان دوما الشباب هم عنوانا لتأسيس وقيادة النضال في وجه الاحتلال، ومحطة مسيرة العودة جاءت في ذات الإطار، والدعوة لمسيرة العودة في الثلاثين من آذار كانت من أصوات شابة تستشعر الأزمة الداخلية الفلسطينية وانسداد الأفق أمام البرامج الحزبية في ظل الانقسام الداخلي.
كذلك فإن قرار المشاركة في المسيرة دعمته القوى السياسية الفاعلة والمهمة في الساحة الفلسطينية، وبالتالي وجدنا مشاركة عريضة وواسعة من الأسرة الفلسطينية بكل أركانها ولم تقتصر على فئة معينة.
هذا وتضمنت المسيرة فعاليات متعددة تجاوزت مسألة الالتحام المباشر مع قوات الاحتلال، ووجدنا فعاليات ثقافية واجتماعية متنوعة ضمن أنشطة المسيرة وعلى طوال حدود القطاع.

هل تمتلك المسيرة القدرة على تجديد نفسها؟
أثبتت مسيرة العودة قدرتها على تجديد نفسها وجددت من نشاطاتها خلال الستة أشهر الماضية وتمكنت اللجنة الوطنية للمسيرة من إدارة عملياتها باقتدار، بدأت عملها في المخيمات الشرقية لحدود القطاع وافتتحت نقطة جديدة في شمال القطاع وحرّكت فعاليات بحرية.
بالإضافة إلى أن الشباب الثائر قام بمجموعة واسعة من النشاطات المتنوعة وقام بإبداع أدوات بسيطة في تكتيكها، قوية في تأثيرها،أزعج الاحتلال ومنظومته الأمنية، وغيرت شكل الواقع في مدن غلاف غزة، وأربكت حسابات جيش الاحتلال في شكل التعامل مع القطاع بعد أن ظهرت معادلة المقاومة القصف بالقصف.

أين أخفقت مسيرة العودة؟
المسيرة كغيرها من الأفعال النضالية الفلسطينية لم تخلو من بعض التقديرات التي كان يمكن تجاوزها، وأتصور أن المسيرة وبعد نصف عام من العمل الدءوب والمتواصل كان ينبغي أن تنشط فعاليتها في الضفة المحتلة بما يؤهلها لتصبح أكثر تأثيراً وإرباكا للاحتلال وقواته ونظامه السياسي.

ماذا ننتظر من مسيرة العودة؟
ستحقق المسيرة في المرحلة الأولى كسراً للحصار، حتى وإن تعنتت دولة الاحتلال وحاولت بعض الأطراف تعطيل هذا الكسر للحصار، والثقة بتحقيق هذا الهدف تأتي من قوة إرادة المتظاهرين والمشاركين في مسيرة العودة، والملاحظ أن هناك ارتفاع واضح في المشاركة الشعبية في فعاليات المسيرة الأخيرة.

هل تخدم مسيرة العودة حزباً بعينه؟
الأهداف التي تضعها المسيرة كغاية وتسعى لتحقيقها تجعل من هذه المسألة غير حقيقية، فعملية كسر الحصار والعودة هي مطالب كل فلسطيني غيور يؤمن بقضاياه الوطنية، وتشغله هموم شعبه ومعاناته، ولذلك فإن الإدعاء بأن المسيرة تخدم توجهاً حزبياً غير صحيح وبالعكس تماماً فإن المسيرة تسعى لتحقيق أهدافاً وطنية بامتياز.