الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

روافع الخطاب وطنيا ودوليا

نشر بتاريخ: 01/10/2018 ( آخر تحديث: 01/10/2018 الساعة: 17:28 )

الكاتب: تحسين يقين

او رافعات.. كلاهما يجوز، لكن الجواب هنا ليس نحويا ولا صرفيا ولا صوتيا، بل في الدلالة!
تلك هي مستويات التحليل اللغوي الأربع، لكن في التحليل السياسي-الوطني، فإن الفعل-الأفعال، الفردية والجماعية هي من تبقى، وهي من تبقي!
وهذا يحتاج رافعين ورافعات.
كلما تفاعلت الأمور، وازداد التحدي، أجد في كتب الحضارة ملاذا، فهي من ينبئ عما هو قادم لا محالة.
أظنه هناك في القاعة الأممية يرانا، ويدرك معنى وعينا الشعبي الوطني لما هو واجب يأتي باختيار حرّ.
وما قضيتنا الا قضية عادلة، لا قضية رومانسية للتصفيق، بل لوضع الاستحقاقات من المجتمع الدولي، وما القائد الفلسطيني أبو مازن الا كل ما هو فلسطيني، ينطق باسمنا، فثمة ما هو مشترك ووطني عام ينبغي الالتفاف حوله.
فلسطين وقفت هناك، لكنها هنا أيضا واقفة!
هنا وهناك، وهناك في نيويورك يعني أولا هنا؛ فثمة دوما مجال لفعل الرفع، فكل بناء مادي ومعني، لأن ما يهمنا معا هو حضور الروافع: الذاتية، والاجتماعية، والاقتصادية والثقافية.
نبدأ بالذات، لأنها الهدف والوسيلة، ومحصلة مجموعها يعني الكثير للفعل الوطني، فكل منا لديه ما يقدمه بكونه أولا وأخيرا مواطنا إيجابيا، يعمل على تنمية نفسه وأسرته ومحيطه، ضمن سياق تنموي وطني عام، لا يتناقض معها، بل يتكامل، وذلك هو خلاصنا الفردي الوطني الأكثر متانة، وهو الضمانة للسياسي بالارتفاع وقوة الحضور والتمثيل للكل الوطني.
أما الرافعة الاجتماعية، فهي ما يصنعه محبو فلسطين ومحباتها:
في التربية والتعليم العالي، فإن التربية على البقاء والانتماء للعصر، توطنت وهي تترسخ يوما بعد يوم، وهذا ما يدركه الاحتلال؛ فما معنى أن يحول الاحتلال دون دخول وزير التربية والتعليم العالي المناضل د. صبري صيدم لقريتي بيت إكسا والنبي صموئيل شمال غرب القدس، أليس في ذلك دلالة ما؟ لقد أصبح الحضور التربوي الوطني والعصري متواجدا، وهو يتطور بالذوات المتعلمة والمعلمة، معا، فأن يبقى الإنسان، وأن تتقوى علاقاته وفكره وأدواته، يعني ضمان البعد الأول للحياة: الإنسان، حتى لو انتقص من الزمان والمكان، فهو قادر دوما ان يعيد الاكتمال.
صحة الفرد-المواطن، قطعنا شوطا، بل أشواطا، وأمامنا متسع لنقطع المزيد، من خلال شبكة فاعلة من العيادات والمراكز والمستشفيات، ولن يجد مريض نفسه بدون معالج ودواء، نستطيع صنع ذلك، فكل مركز حكومي يدرك ما لديه وما ينقصه. وما علينا سوى التعاون، والاستجابة لملاحظات الناس، حتى ولو كانت ناقدة. من المهم أيضا زيادة دعم مستشفيات القدس، عبر التحويل اليها، وتمتين منظومة الصحة، من تعليم عال يتمثل بكليات الطب، والعيادات والمستشفيات ووعي المواطن، والتأمين الصحي الحكومي.
أما الرافعة الاقتصادية، فهي منظومة معروفة، تعمق تشخيص الحال، وفهم الفجوات، والاستجابة إلى الثغرات التي حدثت، بمحاولة جادة لتخفيف الفجوات، لوقف حالة الاغتراب الفردي والجماعي. إن المسؤولية الاجتماعية وحدها لا تكفي، لا بد من إحداث شيء ما في البنية، وأظن الطريق معروفة.
ولعل هنا أركز على قطاع الزراعة فوق أي تراب فلسطيني، حيث لم يقصر المزارعون/ات، فعمارة الأرض تعني الكثير؛ فقضية فلسطين هي قضية الأرض. وهذا يعني الصناعة والتجارة القائمة على الزراعة أيضا.
أما رافعتنا السياسية، إن امتلكنا الموضوعية الوطنية، فلن يكون لنا رأيان وموقفان، بل صف واحد، تلك هي فلسطين، وصولا لطفل وطفلة يرفعان علم بلادي الحرة المستقلة. أما التشظي، والاختلاف فيما لا حق فيه الاختلاف، فهو مرتبط بخلاص فردي لا خلاص وطني.
قوميا، لفلسطين أن تبادر الآن، مع عدد من الدول العربية لإعادة التضامن العربي الى حده الأدنى، ووقف نزيف القدرات والمقدرات، إن حل نزاعات الدول العربية أمر ممكن وليس ضربا من المستحيل، فيمكن مثلا التعاون مع دول في المشرق لحل نزاعات المغرب، كذلك يمكن التعاون مع دول المغرب في حل مشاكل الشرق. آن الأوان ليسمع الفلسطينيون أشقاءهم العرب بما ينبغي أن يسمعوه، باحترام كرامة الجميع والحفاظ على ماء وجوهنا العربية.
عالميا، يمكن أن تكون رافعتنا الآن غدا، من خلال الاستجابة لاشتراط اختيار فلسطين على رأس مجموعة السبعة والسبعين والصين.
لقد سعدنا بانتخاب رئيس دولتنا أبو مازن بالإجماع رئيسا لهذه المجموعة الدولية، حيث "سيناط بدولة فلسطين أثناء رئاستها للمجموعة التي تضم 134 دولة يمثلون 80% من سكان العالم، قيادة المجموعة والتفاوض باسمها مع باقي الشركاء والدول الأعضاء في المنظمة، على كافة المواضيع التنموية والإنسانية والقانونية المطروحة على جدول أعمال الأمم المتحدة للعام 2019، سواء تلك التي تتكرر بشكل سنوي مثل تغير المناخ، والوثيقة الختامية لمنتدى تمويل التنمية، والإعلان الوزاري الصادر عن الجزء عالي المستوى للمنتدى السياسي رفيع المستوى، وكذلك الإعلان الوزاري الصادر عن وزراء خارجية مجموعة السبعة والسبعين والصين، إلى جانب المواضيع الخاصة التي يأتي على رأسها إعادة إصلاح منظومة الأمم المتحدة الانمائية، والمنتديات المتعددة التي تعقد سنويا مثل منتدى الأمم المتحدة للغابات إلى جانب اللجان المتخصصة، مثل لجنة الأمم المتحدة للمرأة، ولجنة الأمم المتحدة للإحصائيين، وغيرها الكثير من المواضيع التي من المفترض أن تقود فلسطين جهود مجموعة السبعة والسبعين والصين سواء في عرض وجهة نظر المجموعة في المواضيع المطروحة للبحث، أو في الوصول إلى أفضل النتائج أثناء التفاوض على مخرجات متعلقة بهذه المواضيع. إلى جانب هذا، سيناط بدولة فلسطين وعلى مدار عام، مدة رئاستها للمجموعة، العمل على ضمان التنفيذ الأمين لأهداف التنمية السبعة عشر المتفق عليها عالميا، وعلى رأسها محاربة الفقر بكل أبعاده، والذي لا يزال مئات الملايين من البشر حول العالم يرزحون تحته، الأمر الذي لا يعيق تحقيق التنمية المستدامة في ظله"
إن التأمل في القضايا التي تهم مجموعة ال 77 والصين، يعني وجود فلسطينيين مهنيين قادرين، يندمجون في هموم 80 % من سكان العالم، والذي يعني تقوية وإبراز الذات الوطنية الفلسطينية الفاعلة، جنبا الى جنب مع الوجود في مؤسسات الأمم المتحدة.
وأخيرا:
كلمة واحدة في عبارة: سنختار الزمان، وحتى ذلك سنبقى، وسندير الصراع بشكل أكثر ذكاء مما يتوقع الخصم، ولنا في دعم اخوتنا الواعي سند يقوي ظهرنا.
- لا مساومات؟
- هل ضاع حق وراءه مطالب؟
ذلك هو منطق العدل السماوي والأرضي أيضا.
سيأتي ذلك الزمان الذي تنهزم فيه العنصرية، لن يطول، ولمن يريد التأكد العودة للكتب التي تتحدث عن الحضارة!
تلك هي الروافع والرافعات..
وهؤلاء وأولئك ونحن..انا وانت وهم وهن..انتما انتم..
ولعله الضمير الوطني النقي.

[email protected]