الجمعة: 17/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

المركزي بين امال الشعب وحكمة القيادة

نشر بتاريخ: 26/10/2018 ( آخر تحديث: 26/10/2018 الساعة: 10:50 )

الكاتب: د. ياسر عبد الله

يتطلع الفلسطينيون ويتطلع العالم العربي والغربي الى الاجتماع المركزي الفلسطيني، وكل طرف ينظر اليه من زاويته الحادة؛ الفلسطينيون ينظرون الى اعلان انهاء أوسلو! وإلغاء قرار الاعتراف بإسرائيل! وتوجيه ردود مناسبة على اغلاق السفارة الفلسطينية في أمريكا! وينظرون الى انهاء الانقسام! وآليات جديدة للتعامل مع ملف غزة!
العرب ينظرون الى الاجتماع كأي اجتماع وردودهم حول الاجتماع فاترة لان العمق العربي غيب نفسه عن المشهد السياسي الفلسطيني، ولم يعد يشكل أي قوة ضاغطة مع القيادة الفلسطينية على الإدارة الامريكية؛ لم يستنكر أي زعيم عربي اغلاق السفارة الفلسطينية في نيويورك! لم يعترضوا على نقل السفارة الامريكية الى القدس! لم يحتجوا على وقف المساعدات المالية ولم يقدموا مبادرات بديلة! وهذا مؤشر على قوة النفوذ الأمريكي وسطوته على مصدر القرار العربي.
العالم غائب ومنقسم بين مؤيد للإدارة الامريكية وبين من يلعب دور المتفرج والمشاهدة لما يحدث دون أي خطوات تسهم في وقف الهجوم الأمريكي على القيادة الفلسطينية وتساوقها مع الحركة الصهيونية في منح اليهود دعم امريكي لتنفيذ مشاريعها على ارض فلسطين.
خصوم الشرعية، واخوان غزة، حتماَ ودائماَ هم يفتحون موجات مفتوحة ضد الرئيس وضد الاجتماع، وضد أي عمل تقوم بها القيادة الفلسطينية، سوف يعلنون فشل الاجتماع قبل انعقاده! سوف تشرع اقلامهم ومواقعهم الإلكترونية في تشويه الاجتماع والتحريض! فالقيادة مطالبة بأن تأتي بما هو جديد في قرارتهم لتخرس أولئك المتلاعنون على القيادة وعلى اجتماعاتها ومؤسساتها.
ان أهمية عقد المجلس المركزي في هذا التوقيت تأتي بعد اعلان الإدارة الامريكية اغلاق سفارة فلسطين في نيويورك، والاهمية للمجلس تتمحور في وضع سياسة وطنية وتصورات سياسية عامة للمشروع الوطني ومستقبل القضية الفلسطينية، وقد تكون حاسمة ومصيرية في طبيعة ومستقبل اتفاقية أوسلو، الموقف الوطني العام اتجاه صفقة القرن والاستهداف الأمريكي، اما على ارض الواقع فأن المواطن ينتظر الكثير من القيادة وقد لا يهمه قرارات المجلس بقدر ما يهمه ان يشاهد خطوات عملية تنفذ على ارض الواقع للوقوف امام التحديات القائمة.
أكثر ما يشغل المواطن الفلسطيني هو حالة الانقسام بين الضفة وغزة! البطالة في صفوف الشباب خصوصاً خريجي الجامعات! غلاء المعيشة! الضمان الاجتماعي! الحريات في فلسطين! تلك مشكلات اجتماعية تشغل تفكير المواطن ويعبر عنها في مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعة، أكثر مما ينتظره من اجتماع المركزي او عدم انعقاده! فقد أصبحت الاجتماعات في نظر المواطن مملة، لا تلبي ادنى درجات طموحه، ولم يعد يعقد اماله وتطلعاته على تلك الاجتماعات؛ وان كانت تلك الاجتماعات تشكل منعطف خطراً في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في نظر السياسيين؛ الا انها لا تعني أي شيء في نظر المواطن الفلسطيني المليء بالهموم، والمشاكل، والفقر، والمعاناة، والتهميش فهو يتطلع الى حياة كريمة، وعدالة اجتماعية حتى تحت الاحتلال وتحت الاستهداف الأمريكي، فالمواطن يفكر فقط في حياته وكرامته.
بعد تمزق ذاك الخيط الذي كان يربط الشعب بالقيادة؛ الانقسام وغياب الوحدة الوطنية، البطالة والفقر، العدالة الاجتماعية والمساوة وامور أخرى ترهق كاهله، جعلت الفجوة تتسع بين أصحاب القرار والمواطن الفلسطيني الذي ينتظر الكثير ولا يفكر في كيف؟ ولماذا؟ في حين نجد ان القيادة تفكر في: كيف؟ ولماذا؟ ومن؟ ومتى؟ وأين؟
بين وعي المواطن ونظرته الى اجتماع المركزي واي اجتماعات أخرى وبين نظرة القيادة الى الاجتماع يأتي دور الاعلام الفلسطيني في خلق حالة من الوعي الجمعي بين المواطن والقيادة تستند الى المكاشفة ومخاطبة العقل الفلسطيني بوعي، بحيث تسهم في تشكل كتلة وطنية (إرادة الشعب وحكمة القيادة)، متماسكة تستطيع الوقوف في وجهة التحديات التي تعصف بالقضية والوطن.