الجمعة: 17/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مدى دستورية حل المجلس التشريعي

نشر بتاريخ: 28/10/2018 ( آخر تحديث: 28/10/2018 الساعة: 18:09 )

الكاتب: د.عبد الكريم شبير

رئيس التجمع الفلسطيني المستقل- خبير في القانون الدولي
لقد كثره التساؤلات فى الاونة الاخيرة عما اذا كان يجوز حل المجلس التشريعي من عدمة ومن الجهة المخولة بذلك دستوريا وقانونيا أو من الجهة التي يحق لها ذلك؟
في البداية نود ان نؤكد على أن التوصية التي رفعها المجلس الثوري كونه أحد مؤسسات حركة فتح، وهي حركة وطنية لها باع كبير في تاريخ النضال الفلسطيني الحديث وهي من احد اهم الفصائل التي اسست المشروع الوطني مع باقي الفصائل والحركات الفلسطينية وهي لها الحرية في ان توصي من خلال مجلسها الثوري أو غيره ما تشاء، ولكن السؤال الاهم هل تعتبر تلك التوصية ملزمة للمجلس المركزي أو الشعب الفلسطيني؟ أو هل تعتبر تلك التوصية ملزمة للمجلس المركزي أو للمجلس الوطني او للجنة التنفيذية أو لباقي الفصائل والحركات الفلسطينية أو اي جهة اخرى ذات اختصاص؟ أو هل تلزم تلك التوصية بتعديل القانون الاساسي حتى وان كانت صادرة من اي فصيل كان؟ أو من مجلس اخر يتبع تنظيم اخر ؟
نحن اليوم نود التأكيد للجميع بأن توصية المجلس الثوري تعتبر غير ملزمة للمجلس المركزي وان الرئيس لا يملك حل المجلس التشريعي أولآ وان الذي يملك صلاحية حل المجلس التشريعي هو المجلس نفسه وهو صاحب الولاية على نفسه بهذا الشأن ويكون ذلك بإجراء الانتخابات أو أن يكون هناك توافق بين الكتل البرلمانية بحل المجلس التشريعي شرط أن يحوز على الثلثين من اعضاء المجلس التشريعي حسب ماجاء بالقانون الأساسي المعدل لعام 2003 ، وهنا يجب التفريق بين القانون الدستوري والنظام السياسي الفلسطيني، فالنظام السياسي الفلسطيني عندما انشئت السلطة الوطنية الفلسطينية بتاريخ 12/3/1993 كان بموجب قرار صادر عن المجلس المركزي والذي لم يكن في حينه علية اي خلاف أما اليوم فتشكيل المجلس المركزي والمجلس الوطني محل خلاف كبير بين الفصائل والحركات والمستقلين الذين لم يأخذوا حقهم بالتمثيل سواء فى المجلس الوطني او المركزي كما نص عليه بالانظمة القانونية لكليهما، فهل هذا الأمر يخول الآن المجلس المركزي أن يقوم بإصدار قرار بحل المجلس التشريعي؟
طبعًا نؤكد على ان من تم انتخابه من الشعب لا يمكن حله الا بنفس الطريقة وصاحب الصلاحية في ذلك هو المجلس التشريعي ولا يمكن حله من اي جهة اخرى مختلف عليها اولا يوجد بها او عليها اجماع وطني كما نؤكد بأن المجلس التشريعي تم انتخابه من الشعب ولا يملك حله إلا الشعب من خلال الكتل البرلمانية التي تمثله ويكون ذلك بموجب قرار صادر عنه واجراء انتخابات جديدة.
ولكن في حالة ان كان المجلس المركزي لا خلاف عليه يحق له حل المجلس التشريعي حيث تنص القاعدة الدستورية على ان من يملك الإنشاء يملك حق الإلغاء أو التعديل او الابقاء ولكن نؤكد على انه إذا كان هناك حل للمجلس التشريعي سيكون تلقائيًا حل للسلطة الوطنية الفلسطينية ولو كان هناك حلًا للسلطة الوطنية الفلسطينية فتلقائيًا سيكون هناك حلًا للحكومة ولكل أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية فمن يقوم بالتفكير او الاقدام على مثل ذلك عليه ان يعرف ويعلم علم اليقين ان المبدأ الدستوري لا يجوز المساس به وان أي قانون او تشريع يخالف اي قاعدة دستورية يعتبر باطلآ عملا بتدرج القاعدة القانونية ومن يفكر أن يقوم بحل المجلس التشريعي عليه أن يعرف جيدًا أنه يحل السلطة الوطنية الفلسطينية مباشرةً ومن ثم لا شرعية لأحد في هذه الحالة رغم أن هناك اختلاف كبيرة على الشرعيات لإنتهاء المدد القانونية والدستورية في هذا الأمر.
وهناك سؤال اخر يطرح نفسة اليوم وهو هل المقصود من حل المجلس التشريعي هو حله نهائيًا ؟ أم تمهيد لإعادة انتخاب المجلس التشريعي؟
ان حل المجلس التشريعي يفقد الاعضاء الصلاحيات المنصوص عليها بالقانون الاساسي، وعند حله يبقى أعضاء المجلس التشريعي هم أعضاء بالمجلس التشريعي لحين اجراء انتخابات جديدة ويتسلم الاعضاء الجدد المنتخبين من الشعب مكانهم ولكنهم يكونوا قد فقدوا صلاحياتهم التي نص عليها القانون الاساسي كما ذكرت، وان القاعدة القانونية تنص على ان فاقد الشيء لا يعطيه بمعنى أنه عضو مجلس تشريعي ولكن لا يملك أي صلاحيات بالتشريع او اقرار الميزانية او الرقابة على الحكومة أو هيئات واجهزة السلطة التنفيذية حسب ما نص عليه القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 .
وعندما يتم حل المجلس التشريعي يكون الهدف من ذلك هو تجديد الشرعيات للمجلس التشريعي والرئاسة والعودة للشعب لانتخاب رئيس ونواب جدد. ولكن حله لا بد ان يكون قد حدد بموجب مرسوم رئاسي صادر عن الرئيس فقط، وهذا يعني دستوريًا أن الذي يملك صلاحية حل المجلس التشريعي هو المجلس التشريعي نفسه لانه صاحب الولاية ويكون ذلك باتفاق الكتل البرلمانية وفي حالة الحل لابد أن يتم تحديد موعد انتخابات قادمة، وإن لم يكن هناك تحديد موعد انتخابات قادمة يترتب على ذلك مسؤلية دستورية وقانونية على من يتسبب بذلك.
فالأصل عندما يحل المجلس التشريعي يجب تحديد موعد للانتخابات وعمل الاجراءات اللازمة وبحالة عدم فعل ذلك يتحمل المتسبب في ذلك المساءلة الوطنية والدستورية والقانونية.