الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حراك "بدنا انتخابات".. "العقل زينه" وفلسطين بلد للجميع

نشر بتاريخ: 02/10/2019 ( آخر تحديث: 02/10/2019 الساعة: 17:14 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الشباب في اي بلد او اي مجتمع هم قلبه النابض الذي يضخ الدم لدماغ هذا المجتمع الا وهو قيادة هذا المجتمع التي لا بد وان تكون خبرة وقدرة هذه القياده على تدبر امور المجتمع وادارة كل شؤونه متناسبه طرديا مع هذا الضخ الشبابي ، من هنا نرى ان في عالمنا الفسيح هناك قيادات تحيل تراب الوطن الى ذهب واخرى تحيل ذهبه الى تراب بدليل تقدم مجتمعات تفتقر الى اي ثروه طبيعيه على مجتمعات تزخر بالثروات الطبيعيه ومع ذلك نراها ما زالت مجتمعات فقيره وفيها من يعيش تحت خط الفقر وليس لنا ادل على ذلك من امثله وليس الحصر اليابان وسويسرا اللتان لا تملكان اية ثروه طبيعيه مقابل دول كثيره في هذا العالم سبب فقرها هو في فقر العقول التي تدير شؤونها وهذا يذكرني بما قاله الراحل جبران خليل بقوله " هناك فقراء في هذا العالم لا يملكون سوى المال".
هناك في العالم 194 دوله ما يعنينا منها في هذا المقام هو دولة فلسطين التي ما زالت تحت الاحتلال ولا تملك من الثروات غير الانسان والانسان الفلسطيني ما زال يافع في سن الشباب وبالتالي مليء بالطاقه والحيويه ما يجعل منه كصياد السمك الماهر الذي يقضي وقت راحته من الصيد في اصلاح شبكه صيده.
في غزه تفجر عنفوان شبابنا هناك قبل عدة اشهر في حراك "بدنا نعيش" وفي الضفه ها هو يتفجر في "بدنا انتخابات" وهاتان "البِدو اياهم" شباب فلسطين متطلبات اساسيه ملحه وضروريه من اجل المحافظه على قلب المجتمع الفلسطيني ليكون في صحه وعافيه من اجل ان يستمر في ضخ الدماء لدماغ المجتمع وهو كما اسلفنا قيادته حيث من المفروض ان يكون ردة فعل الدماغ (القياده) حيال احتياجات الشباب هذه ايجابيه وذلك من خلال توظيف هذه القياده لكل قدراتها من اجل ضمان تحقيق الطلبات المشروعه للشباب وطبعا لا نطالب بالمستحيل ولكن ضمن الممكن. لانه عندها فقط يتم توظيف طاقة الابداع لدى هؤلاء الشباب لخدمة هدف القياده في تحويل التراب الفلسطيني الى ذهب بالرغم من ان هذا التراب يدنس يوميا ببساطير جنود الاحتلال.
اذ كيف يعقل لشباب فلسطين في الجزء الجنوبي من فلسطين "غزه" في ان يُبدعو في ظل وجود اداره حاكمه حمساويه غير سويه لم تسمح لهم حتى بالعيش كما حصل في طريقة التعامل الوحشي لهذه الاداره مع حراك بدنا نعيش وكيف يمكن لشباب فلسطين في الجزء الشمالي من فلسطين "الضفه الفلسطينيه" في ان يبدعو في حال عدم الاستجابه لطلبهم في "بدنا انتخابات".
الديمقراطيه هي اساس التطور والتنميه لاي مجتمع واستدامتهما تكمن في ممارسة هذا المجتمع لهذه الديموقراطيه كنهج وبكافة مفاصلها وتفاصيلها , مثلا لا حصرا حرية التعبير وحرية الاختيار لمن يصلح لادارة شؤون المجتمع ومن يحقق للناخبين طموحاتهم وبناء عليه يعاد المنتخَب لمنصبه او يعزل من قبل الناخبين بحسب ايفاءه لهذه الشروط وذلك ضمن المدة الزمنيه التي يحددها الدستور.
الديمقراطيه الفلسطينيه كانت في يوم مضى كما وصفها الزعيم الراحل ياسر عرفات سكر زياده ولكن هذه الديمقراطيه وللاسف دفنها الانقلاب الحمساوي وهي حيه في سنة 2007 وعليه اصبح من الواجب ان تعاد هذه الديمقراطيه للحياه وهذا ما يطالب به حراك "بدنا انتخابات" ادراكا من هذا الحراك للقيمه الحقيقيه للديمقراطيه التي تؤسس لتساوي الفرص في الوظائف وفي المساواة في المواطنه ولكن ليس "انت عارف بتكلم مين " وضياع الحقوق والواجبات التي توجِب ان يحاسَب بشده كل من يتفوه بهكذا هراء وكل من يسانده في ذلك . وفي هذا السياق نحن لا نكتشف اكتشاف فلنا في سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه اسوة حسنه وهو الذي استدعى قبل 1400 سنه تقريبا ابن الاكرمين من مصر الى مكه حتى يعيد للفلاح البسيط حقه في ان يلطم ابن الكرمين هذا على وجهه وقال قولته المشهوره "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا" .
قبل بضعة ايام كان السيد بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا يتمشى في احد شوارع المدن الصغيره في وسط بريطانيا وفجأة انهال عليه الناس يوبخوه على تقصيره في اداء مهامه الا ان احدهم ذهب ابعد من التوبيخ حيث اقترب من رئيس الوزراء وقال له اخرج من مدينتي فاجابه رئيس الوزراء حاضر ساخرج بعد قليل وفعلا خرج.
رئيس الوزراء او الحاكم ( رئيس ادارة المجتمع) في المجتمعات الديمقراطيه ينتخبه الناس بمحض اختيارهم وبعد قناعه بقدراته على حسن الاداره من اجل ان يلبي احتياجاتهم في توفير العنايه الصحيه والتعليم الجيد والغذاء والى اخر المتطلبات الاساسيه للمواطنين وعلى ان يكون حارسا امينا على مصلحة الدوله ورقيها وسمعتها بين الدول وعليهم كمواطنين بالمقابل ان يقوموا بواجباتهم بما يمليها عليهم قانون منصف للطرفين.
هذه المعادله المنصفه في العلاقه بين الحاكم والمحكوم او بين اي طرفين تتلاشى في حال فرض احدهم نفسه على الاخر الامر الذي يحول امر هذه العلاقه من منصفه وبناءه الى حالة خصام قوامها التخريب والفساد وتدمير موارد المجتمع بشريه كانت ام طبيعيه. الامر الذي يؤكد على ضرورة اعتماد الاسس الصحيحه في التعامل مع الشباب من اجل ضمان ان يكونوا معاول بناء لدوله ما زالت في مراحل التكوين .
الانتخابات الحره والنزيهه هي اولى لبنات الديمقراطيه التي كما اسلفنا فهي الشمعه التي تضيء الطريق امام كل من يريد ان يعيش حياه كريمه في جغرافيا سخرت نفسها له ونفسه لها واطلق عليها اسم الدوله , وهي الوسيله العقلانيه والواقعيه الوحيده التي بواسطتها يوقع الحاكم والمحكوم على عقد اجتماعي هدفه بناء دوله بالعقل وليس
بالذراع ولا ننسى ان "العقل زينه" وفلسطين بلد للجميع.