الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

استطلاع للرأي لمعهد أوراد: خسائر بالجملة إثر الجدل حول تقرير غولدستون

نشر بتاريخ: 14/10/2009 ( آخر تحديث: 14/10/2009 الساعة: 21:50 )
رام الله -معا- اظهر استطلاع للرأي أجراه معهد أوراد ارتفاع شعبية فتح وعباس في الضفة الغربية فيما اظهر الاستطلاع ان غالبية تنظر سلبا لموقف حماس والجزيرة من الجدل الدائر حول غولدستون، وتحذر من تعمق النزاعات العصبية بين الضفة والقطاع.

وكان معهد العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد" اعلن اليوم عن نتائج استطلاعين للرأي أولهما أجري بداية النقاش حول تأجيل تقرير غولدستون (أي بين 31/9 و 3/10)، فيما أجري الثاني بتاريخ 11/10/2009، وذلك بعد أن تصاعد الجدل بين الفلسطينيين وفي وسائل الإعلام حول تأجيل النظر في التقرير، وقبل خطابي الرئيس محمود عباس والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

ويعرض تقرير غولدستون جملة من القرارات بشأن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

وأجريت المرحلة الأولى من الاستطلاع بعينة عشوائية من 1200 مواطن فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين شملت المرحلة التالية عينة قوامها 200 مواطن من الضفة وغزة، أي بمجموع 1400 لمرحلتي الاستطلاع.

وكشفت النتائج أن الجدل المحتدم أدى إلى ارتفاع في شعبية الرئيس عباس وحركة فتح في الضفة الغربية، وتراجع شعبية كلا من حركتي فتح وحماس في قطاع غزة، وفي نفس الوقت أدى الجدل إلى تراجع غير مسبوق في شعبية حماس ورئيس الحكومة المقالة السيد إسماعيل هنية في الضفة الغربية.

وتبين النتائج أن ما بعد غولدستون أدى إلى ارتفاع نسبة الفارين من تأييد فتح وحماس. وقد يعزى التراجع الكبير في شعبية حركة حماس وهنيه، وعلى عكس المتوقع، إلى أن غالبية المستطلعين يجدون أن انتقادات حماس والجزيرة مبالغ فيها وغير بناءة، بالإضافة إلى أنها تؤدي إلى ازدياد حدة الانقسام بين الضفة وغزة والابتعاد عن المصالحة الوطنية. ومن الملفت أن أقلية ضئيلة تعرف تفاصيل تقرير غولدستون حسب نتائج استطلاع أوراد.

وقال الدكتور نادر سعيد، رئيس معهد أوراد، أن نتائج الاستطلاعين أظهرت حالة من الاستياء والتذمر من الوضع القائم، وحتى الفزع لدى المواطنين الفلسطينيين من تبعات ما يحدث، ما انعكس جليا على تأييد المواطنين لحركتي حماس وفتح، الرئيس عباس، ورئيس الوزراء المقال هنية (ولو بدرجات متفاوتة كما ستظهر تفاصيل النتائج)، مع احتفاظ الرئيس بنسبة أكبر من الدعم والتأييد.

واشار د. سعيد الى إن اللافت للنظر أن مستطلعي الضفة الغربية يعاقبون حركة حماس وهنية على طريقة معالجتهم لما بعد تقرير غولدستون، في حين أن مستطلعي قطاع غزة، أظهروا ميلا لمعاقبة حركة فتح والرئيس عباس لطريقتهم في التعامل مع التقرير.

1. دعم أكبر لموقف القيادة الفلسطينية بالمقارنة مع موقف حماس

أظهرت النتائج أن هنية هو الخاسر الأكبر من النقاش الحاد حول تقرير غولدستون، إذ انخفضت شعبيته 33% عما كانت عليه (أي من حوالي 21% قبل بداية النقاش حول التقرير إلى 14% حاليا). ووصلت شعبية الرئيس عباس إلى 36% (بنسبة انخفاض تصل إلى 21% عما كانت عليه قبل بدء الجدل حول التقرير حيث كانت 45%). مع بقاء نسبة دعم الرئيس عباس 22 نقطة أعلى من هنية.

أما نسبة الذين يعلنون استقلالهم وعدم تأييدهم لأي من القياديين، فقد ارتفعت إلى 52% (في حين كانت هذه النسبة قبل هذا الجدل حول التقرير 34%)، وهي أعلى نسبة للمستطلعين الذين لا يبدون دعما لأي من القادة السياسيين المتنافسين خلال العقد الأخير.

وحول تعامل القيادة الفلسطينية مع تقرير غولدستون، عبر حوالي ثلث المستطلعين (33%) عن دعمهم لموقف القيادة الفلسطينية في تعاملها مع التقرير، واعتبروا أن للقيادة الفلسطينية الحق في تأجيل التصويت على التقرير إن استدعت الضرورة ذلك.

وفي المقابل، فان 22% يؤيدون موقف حماس، ويرون أن موقفها كان مناسبا ومتوازنا. وحوالي 30% يرون أن موقف حركتي فتح وحماس من التقرير غير مقبول، في حين لم يبد 18% آراءهم.

وأوضح د. سعيد أن غالبية المستطلعين قد عبروا عن عدم موافقتهم على الطريقة التي تناول فيها متحدثو حماس وقناة الجزيرة مسألة تأجيل النظر في التقرير في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وخلافا للاعتقاد العام، فمن الملاحظ بأن المبالغة في الانتقاد أدت إلى نتائج عكسية على شعبية حركة حماس وخاصة في الضفة الغربية (وذلك تماشيا مع المثل الشعبي: الزايد أخو الناقص).

وأشار د. سعيد إلى أن النتائج تظهر تراجعا مطردا في دعم حماس في الضفة الغربية إبان (أزمة) تقرير غولدستون، فيما لم تسجل حماس أي زيادة في معدل التأييد لها بين مستطلعي قطاع غزة. وعلى عكس ذلك، فإن معدلات الدعم للرئيس عباس وحركة فتح سجلت ارتفاعا في الضفة الغربية.

2. درجة الاهتمام بالتقرير ومدى المعرفة به أقل من المتوقع

بينت النتائج أن 21% فقط من المستطلعين يتابعون الأخبار حول تقرير غولدستون بدرجة عالية. كما يتابع 42% من المستطيعين موضوع التقرير إلى حد ما، في حين أن النسبة الباقية من المستطلعين (38%)، بالكاد يتابعون الموضوع، أو لا يتابعونه إطلاقا.

وأفادت نسبة ضئيلة من المستطلعين (3.5%) أن لديهم معلومات مفصلة حول التقرير. كما أن 42% صرحوا بأن لديهم بعض المعلومات عن التقرير. وفي المقابل، فإن 55% من المستطلعين ليس لديهم أي معلومات عن تقرير غولدستون.

3. انقسام المستطلعين حول عدالة/ إنصاف التقرير

أبدى 10% فقط من المستطلعين أن التقرير كان منصفا إلى درجة كبيرة، من وجهة النظر الفلسطينية، وإضافة لذلك فإن 38% يرون أن التقرير كان منصفا إلى حد ما. بينما يعتقد 39% أن التقرير لم يكن منصفا. و14% آخرين ليس لديهم رأي تجاه هذه القضية.

4.غالبية: انتقادات حماس و الجزيرة غير مبررة

وعبر غالبية المستطلعين عن عدم موافقتهم على الانتقادات الموجهة ضد القيادة الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، والتي شنها متحدثو حماس وقناة الجزيرة. ويعتقد 51% من المستطلعين أن الانتقادات الموجهة لموقف السلطة من التقرير مبالغ بها، ويعتبرون أن حركة حماس والجزيرة تبحثان عن كل فرصة متاحة لانتقاد القيادة الفلسطينية.

وأبدى حوالي ربع المستطلعين فقط أن الانتقادات الموجهة للسلطة مبررة، لأن تأجيل التصويت على التقرير ينتقص من حقوق ضحايا غزة. في حين لم يبد 24% من المستطلعين آراءهم حول ذلك.

5. تراجع فتح من 45% الى39% و حماس من 17.5% إلى 13.5%

انخفضت شعبية كل من حركتي فتح وحماس، إذ خسرت حركة حماس 21% من نسبة شعبيتها قبل الجدل حول غولدستون (من 17.5% إلى 13.5%)، في حين خسرت حركة فتح حوالي 14% من نسبة شعبيتها قبل الجدل (من 45% إلى 39%). وعلى عكس ذلك، فإن نسبة الذين لا يؤيدون أيا منهما، أو المستقلين ارتفعت من 38% إلى 47% (أي بنسبة زيادة 25%).

6. تكريس الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة

وأشار د. سعيد إلى أن أكثر النتائج أهمية وخطورة، تلك المتعلقة بأثر النقاشات الحادة (والمبالغ في صداميتها) على تكريس الانقسام والاصطفاف المناطقي والعصبية بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ققد أدى احتدام الجدل الإعلامي، والتصريحات المتبادلة إلى تعزيز الفجوة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. إذ خسرت حركة حماس وهنية هامشا واسعا من مؤيديها في الضفة الغربية، وحركة فتح والرئيس عباس خسرا في قطاع غزة، فيما لم تسجل حركة حماس أي تقدم في القطاع.

لقد أيد حوالي 36% من مستطلعي الضفة الغربية موقف القيادة الفلسطينية فيما يتعلق بتقرير غولدستون، في حين أن 11% فقط أيدوا موقف حركة حماس. وعلى العكس، فإن 38% من مستطلعي قطاع غزة أيدوا موقف حماس، مقابل 25% أيدوا موقف القيادة الفلسطينية.

وبرغم أن نسبة كبيرة من المستطلعين في كل من الضفة والقطاع ترى أن الانتقادات الموجهة للقيادة الفلسطينية من حركة حماس، إلا أن الفجوة استمرت بين مستطلعي المنطقتين. حيث أن 57% من مستطلعي الضفة الغربية يعتقدون أن القيادة الفلسطينية لا تستحق هذا الهجوم من حركة حماس وقناة الجزيرة نتيجة لموقفها من التأجيل، مقابل 43% من مستطلعي قطاع غزة الذين يشاطرونهم الرأي. في حين اعتبر حوالي 25% في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة أن الانتقادات الموجهة ضد السلطة مبررة.

7. الضفة غاضبة على حماس وغزة غاضبة على القيادة

خلال أقل من أسبوع، تآكلت نسبة الدعم لهنية في الضفة الغربية إذ وصلت إلى 7.5%، بعد أن كانت 18% قبل احتدام الجدل حول تقرير غولدستون (أي قبل أسبوع تقريبا).

وفي المقابل، ارتفعت نسبة تأييد الرئيس في الضفة الغربية لتبلغ 44%، والتي كانت قبل التقرير 41%. وانخفض الدعم لكل من الرئيس عباس ورئيس الوزراء المقال هنية في قطاع غزة.

وتراجعت شعبية حماس في الضفة الغربية بعد الجدل حول تقرير غولدستون، ففي الوقت الذي سجلت فيه حماس نسبة دعم بلغت 50% بعد انتخابات التشريعي 2006، انخفضت تدريجيا إلى 16% حتى قبل تقرير غولدستون، ووصلت الآن وبعد التقرير إلى 6% فقط. وفي قطاع غزة لم تسجل شعبيتها أي ارتفاع بعد الجدل حول التقرير.

اما حركة فتح فقد عززت شعبيتها في الضفة الغربية بعد تقرير غولدستون، إذ ارتفعت من 43% إلى 51%. أما في قطاع غزة فقد تدهورت شعبية حركة فتح بشدة لتبلغ 25%، بعدما كانت 48% قبل التقرير.

ولم ينعكس تراجع تأييد حركة فتح في قطاع غزة على زيادة في نسبة مؤيدي حركة حماس، وإنما ازدادت نسبة الذين لم يقرروا توجهاتهم من 31% إلى 54%.

8. قراءة تحليلية في نتائج الاستطلاع

وفي معرض قراءته للنتائج، يصل د. سعيد إلى الاستنتاجات التالية التي قد تفسر وضع الرأي العام:

أولا: تعكس النتائج، إلى حد بعيد، نظرة الجمهور لإنجازات الحكومة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعبر هذه الفروقات الجوهرية في المنطقتين عن الظروف الموضوعية على الأرض، إذ تبين نتائج الاستطلاع رضا كبيرا عن إنجازات حكومة السلطة الفلسطينية في الضفة في المجالات الخدماتية، والتنمية الاقتصادية والأمن. فيما الوضع في قطاع غزة مناقض لذلك مما ينعكس على حالة من عدم الرضا عن أداء حكومة هنية كما تظهره نتائج الاستطلاع.

ثانيا: تزايد الحذر بين المستطلعين بسبب تصاعد الغضب والاستقطاب، آخذين بعين الاعتبار الجدال الصدامي، والاستقطاب بين شطري الوطن، والذي قد يؤدي إلى أن معدلات أعلى من الحذر بين المستطلعين في إجاباتهم على أسئلة الاستطلاع. هذا الأمر يتجسد في الضفة الغربية نتيجة التشديد الأمني تجاه حماس، لكنه يتجسد في قطاع غزة بشكل جلي نتيجة السمة العامة لنظام الحكم هناك، والعداء المعلن لحركة فتح والسلطة الفلسطينية وخصوصا في ظل الظروف السائدة خلال الأسبوع السابق.

ثالثا: التوجهات السياسية لأطراف فلسطينية تؤدي لتعميق العصبية المناطقية وتستفيد منها في نفس الوقت، بحيث تؤكد النتائج تعمق الانقسام ومستويات التعصب بين مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة، مما قد يكون عائقا في وجه أي اتفاق وطني للمصالحة.

رابعا: لقد سئم الفلسطينيون من الجدل السلبي والعدمي السائد والذي يؤدي إلى خسارة للجميع ويعزز الانقسام ويؤذي القضية الفلسطينية ككل، ويصرف انتباه الفلسطينيين عن القضايا الرئيسية، كما يفضي لتقوية النزعات الإقليمية والتعصب الجهوي. ويؤكد د. سعيد أن الحالة السياسية والصخب الاعلامي يعمقان ويكرسان الانقسامات الاجتماعية والنفسية والثقافية وخصوصا بين الشباب والأطفال، ويؤديان إلى هدر الطاقات الايجابية وتحويلها إلى طاقات سلبية هدامة، إلى درجة لا يمكن الرجعة عن الأضرار التي تحدثها.

خامسا: تمثل النتائج مؤشرا تحذيريا لكافة الأطراف الفلسطينية، هنا يتوقع د. سعيد أن نسبة الدعم المتراجعة التي عكستها النتائج لكل من فتح (في غزة) وحماس (خصوصا في الضفة) كنتجية لأحداث الأسبوع الفائت، تمثل حالة مؤقته، وسوف تعود لتقارب معدلاتها الطبيعية واتجاهاتها العامة قبل الجدل حول تقرير غولدستون. غير أن حالة السخط الشعبي، والاستياء ربما تتكرس إن لم تراجع الحركتين مواقفهما، وتبديان رغبة أكبر في المساءلة والمكاشفة للجمهور بشكل عام.

ويعتقد رئيس معهد اوراد أن الجمهور يرفع صوته عاليا، وبشكل واضح، محذرا الحركتين الرئيسيتين من الاستمرار في نهجهما الحالي. ومن خلال هذا الاستطلاع، يعبر الجمهور الفلسطيني، عن رغبته في جبهة موحدة لإدارة القضية الوطنية الفلسطينية، ومعالجة القضايا الداخلية باعتدال وحكمة، كما تؤكد النتائج أن تغليب الاتجاهات والنزعات السلبية لدى الأطراف الفلسطينية لن تساعد أحدا وستعود بالخسارة على أصحابها والجميع، وأكبر الخسائر تلك المرتبطة بالعلاقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة على المدى البعيد.