الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مؤتمر الدوحة يختتم أعماله بتشكيل لجنة تحمل توصيات حماية الصحافيين

نشر بتاريخ: 28/01/2012 ( آخر تحديث: 28/01/2012 الساعة: 21:37 )
رام الله- معا- اعلن الاتحاد الدولي للصحفيين عن ترحيبه بالدعوة لمزيد من الحماية للإعلاميين والصحافيين، مؤكدا دعمه للتوصيات التي خرج بها المؤتمرالدولي حول حماية الصحفيين الذي انعقد في الدوحة ما بين 22-23 يناير/كانون الثاني، حيث التزم المشاركون بتعزيز حملاتهم في الضغط على الحكومات كي تتحمل مسؤوليتها في حماية الصحفيين.

وقد قرر المؤتمر أن يقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مجموعة من التوصيات التي تؤكد على الحاجة الملحة لتطبيق الادوات القانونية المتاحة التي تلزم الحكومات الوطنية بوقف العنف ضد الصحفيين ومعاقبة الجناة.

وقال جيم بوملحة، رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين وأحد المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر: "اننا نرحب بهذه المبادرة وهذه التوصيات التي تبناها المؤتمر والتي تتوافق مع موقف الاتحاد الدولي للصحفيين الخاص بحماية الإعلاميين. نحن نعتقد أن لدى المجتمع الدولي ما يكفي من الأدوات كافية في مخزونه لتقديم حماية للصحفيين ونحن سعداء بأن هناك أعضاء آخرون من المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة التي تشاركنا وجهة النظر هذه."

قد ضم مؤتمر الدوحة الذي نظمته اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، مئات المندوبين من المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة، بما في ذلك نقابات أعضاء في الاتحاد الدولي للصحفيين من العراق، والصومال، وباكستان، واليمن، وفلسطين، وزيمبابوي، وإثيوبيا، وإسبانيا، والبرازيل، والمغرب، والسودان، وموريتانيا، وكرواتيا، هذا بالإضافة إلى منظمتين اقليميتين أعضاء في الاتحاد الدولي للصحفيين هما اتحاد الصحفيين الأفارقة واتحادصحفيي أمريكا اللاتينية والكاريبي.

وشدد الاتحاد الدولي للصحفيين اثناء جلسات المؤتمر على أهمية تركيز الجهود على ضمان تطبيق حقيقي للنصوص القانونية الدولية الخاصة بحماية الصحفيين، بدلا من الضغط من أجل تبني معاهدة جديدة أو تبني شارة دولية خاصة بالصحفيين معترف بها دوليا. وفي هذا الصدد، دعا المشاركون في المؤتمر الأمم المتحدة، ومنظمة اليونسكو، باعتبارها الهيئة ذات الاختصاص في تنفيذ خطة العمل الخاصة بسلامة الصحفيين والتي اتفق عليها في مؤتمر اليونسكو الذي عقد في أيلول سبتمبر الماضي في باريس.

كما طلب المشاركون من الامم المتحدة أن تضع استراتيجيات جديدة لتعزيز التزام الدول بمسئولياتها التي يجب توسيعها لتشمل الاعتداءات على الصحفيين وغيرها من الانتهاكات مثل حالات الاختفاء القسري، والاعتقال، والاختطاف. كما ودعوا الامم المتحدة إلى إنشاء وحدة خاصة في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لمتابعة هذه الحالات.

وشدد المشاركون على اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة إفلات قتلة الصحفيين من العقاب، وحق أسرهم في الحصول على تعويضات، وأيضا دعوا لأن يقوم المانحون بربط مساعداتهم للدول بسجل هذه الدول في حماية الصحفيين. كما وطالب المؤتمرالمؤسسات الإعلامية بتوفير تدريب سلامة مهنية للعاملين لديها بالإضافة إلى جميع أشكال الدعم التي يحتاجونها بما في ذلك معدات الوقاية. كما أن الصحفيون هم مسؤولون عن سلامتهم الشخصية وهم بحاجة إلى تطوير وعيهم بالبيئة التي يعملون فيها، بما في ذلك وعي بالممارسات الأمنية والجيش.

وقال الاتحاد الدولي للصحفيين، الذي دعا الأمم المتحدة للتحرك بعد أن نشر قائمته السنوية والتي تضمن اسماء الصحفيين والاعلاميين الذين قتلوا في عام 2011، أن هذه التوصيات التي بتناها المؤتمر تمثل فرصة لجعل سلامة الصحفيين واقعا ملموسا.

وأضاف بوملحة أن: "لقد ظلت حماية الإعلام قضية مهملة لسنوات، وإننا نأمل أن تتبنى الامم المتحدة هذه التوصيات كنقطة بداية لتحركات جادة على الإرض".

وستقدم توصيات المؤتمر إلى الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك من قبل وفدا يتألف من ممثلين عن الاتحاد الدولي للصحفيين، وممثلين عن منظماته الإقليمية في أمريكا اللاتينية و أفريقيا، واتحاد الصحفيين في الفلبين، واتحاد الصحفيين العرب وحملة شعار الصحفي بقيادة اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان.

واجمع المشاركون في المؤتمر العالمي لحماية الصحفيين على اهمية وضع إطار قانوني عالمي لحماية الصحفيين و استحداث منصب مقرر دولي خاص لحماية الصحافيين وهيكل لمتابعة أوضاع الإعلاميين ضمن المفوضية العليا لحقوق الانسان، مؤكدين في الوقت ذاته الحاجة لاتخاذ خطوات عاجلة لحماية الصحافيين في ظل تعرض عشرات الصحفيين للقتل كل عام أثناء أدائهم لواجبهم المهني دون اجراء التحقيق في كثير من تلك الانتهاكات وعدم معاقبة مرتكبوها رغم ان القوانين والآليات العديدة التي وضعتها الامم المتحدة ووكالاتها والهادفة الى ضمان سلامة الصحفيين.

وشدد المشاركون على ضرورة العمل على تطوير أدوات جديدة ملزمة لجميع الدول للاعتراف وقبول الالتزام بتوفير حماية وسلامة الصحافيين،وتوسيع مجالات الأحكام القانونية الحالية إلى أبعد من حماية الصحافيين ضد الهجمات على حياتهم، لتشمل الاختفاء والخطف بالقوة (من قبل الحكومات أو الجهات الخاصة) والاعتقال التعسفي والترحيل ومنع الدخول والمصادرة وتدمير الممتلكات وأشكال العنف الجديدة التي مر بها الصحافيون خلال ثورات الربيع العربي".
وشكل المؤتمرون لجنة تمثل الاتحادات والنقابات الصحافية لرفع توصيات المؤتمر إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك والتباحث معه في إمكانية تبني الجمعية العامة لها.

وشارك في فعاليات المؤتمر قرابة مائة مشارك من منظمات محلية واقليمية ودولية، وسط تزايد الإعتداءات ضد الصحفيين. فقد بينت آخر التقارير أن عدد الصحفيين الذين لقوا مصرعهم خلال العام 2011 قد تجاوز المائة. كما قتل تسعة صحفيين منذ مطلع العام الحالي في دول مختلفة، حيث سادت جلسات المؤتمر نقاشات ساخنة بخصوص اهمية تدابير عاجلة لحماية الصحافيين في المناطق الخطرة.

وناقش المؤتمر الذي نظمته اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان على مدى يومين خمس ورقات عمل قدمتها هيئات حقوقية واعلامية مختلفة. كما قُدِمت خلاله أربع ورش عمل تناولت تطوير آليات حماية الصحافيين.

واكد بوملحة رئيس الفيدرالية الدولية للصحفيين النتائج التي توصل اليها المؤتمر وقال في لقاء خاص مع مركز الدوحة لحرية الاعلام " ليس هناك شك في نجاح هذا المؤتمر وكونه شكل فرصة طيبة للصحفيين والفاعلين في مجال حقوق الانسان لمناقشة موضوع حماية الصحفيين."
ورأى بو محلة ان التوصيات المنبثقة عن المؤتمر اننا لا نتوقع أن يتم تطبيق هذه التوصيات لكنها بالتاكيد تعيد طرح الموضوع وتقول للمسؤولين أننا سنظل نطالب بحماية الصحفيين طالما ان هناك صحفيون يتعرضون للقتل وتنتهك حقوقهم ونأمل أن يساعد كون قطر تتولى رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدفع باتجاه أخذ التوصيات مأخذ الجد هناك."

من جانبه دعا سيلوس شرودر رئيس الفيدرالية الصحفية في أمريكا اللاتينية الى صياغة قوانين عملية وسهلة التنفيذ لحماية الصحفيين.كما دعا الى احترام المعاهدات الدولية في هذا الصدد والزام الدول الموقعة عليها بوضع قوانين تتوافق مع نصوصها.
واوصى المشاركون في ختام اعمال المؤتمر، بدعوة لرصد انتهاكات الدول لحقوق الصحفيين وربطها بالمساعدات، والمطالبة بآليات ملزمة لجميع الدول لحماية وسلامة الصحفيين، ودراسة التفتيش الداخلي والعقوبات الإجبارية وتحديث الأنظمة الحالية، اضافة الى تنظيم حملة واسعة للمنظمات الدولية لضمان سلامة الصحفيين وملاحقة الجناة.

وقال عضو الامانة العامة في نقابة الصحافيين ومنسق مشروع السلامة المهنية، منتصر حمدان، الذين مثل نقابة الصحافيين الفلسطينيين في فعاليات المؤتمر" ان لدى الجانب الفلسطيني تجربة مريرة مع تطبيق الاتفاقيات والقرارات الدولية ذات العلاقة بحماية الصحافيين وغيرها خاصة عندما يتعلق الامر بدولة الاحتلال"اسرائيل" التي يجري التعامل معها على اساس انها دولة فوق القانون"، مشددا في الوقت ذاته على اهمية اعتماد مبدأ تجريم كافة الاطراف التي لا تلتزم بتطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي لها علاقة بحماية الصحافيين وعدم الاكتفاء بنصوص الادانة والشجب".
وشدد حمدان على ان الصحافيين الفلسطينيين يتعرضوا منذ سنوات طويلة لملاحقة واستهداف من قبل سلطات الاحتلال وقواتها التي تعتبر المنتهك الاول لحقوق الصحافيين وتعريض حياتهم للخطر من خلال الاستهداف المباشر، الامر الذي يتوجب تشكيل لجنة مختصة من قانونين واعلاميين للبدء بتحريك قضايا قانونية امام المحكمة الدولية لمعاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات والجرائم بحق الصحافيين الفلسطينيين، موضحا ان الانتهاكات بحق الصحافيين الفلسطينيين متزايدة في وقت يعاني منه اغلبية الصحافيين من افتقار ابسط ادوات ومعدات الحماية والسلامة الشخصية.

من جانبه قدم الباحث القانوني وممثل عن الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، ياسر علاونة دراسة بحثية في جلسة خاصة في فعاليات المؤتمر بعنوان" آليات الحماية الدولية للصحفيين"، مؤكدا ان الاعتداء على الصحافيين يشكل جريمة حرب، موضحا ان الصحافة تعتبر مهنة محفوفة بالمخاطر في مناطق النزاع المسلح، حيث أعلنت منظمة «حملة شعار الصحفي» أن (106) صحفياً لقوا مصرعهم خلال العام (2011)، أغلبهم أثناء قيامهم بتغطية الثورات العربيةأو عنف عصابات الجريمة في المكسيك أو الاضطرابات السياسية في باكستان.
وأشارت منظمة (صحفيون بلا حدود) إلى أن عدد الصحفيين الذين لقوا مصرعهم خلال مظاهرات الربيع العربي ارتفع إلى (20) صحفياً خلال العام (2011) كما وتضاعف مقارنة بالعام (2010). ،مشيرا الى أن عددا مماثلاً من الصحفيين لقي مصرعه في أمريكا اللاتينية، حيث تنتشر عصابات الجريمة المنظمة. وإلى أنه تم إلقاء القبض على حوالي (1044) صحفياً خلال العام (2011).

وأضافت أن العام (2011) شهد فرار (73) صحفياً من بلدانهم ومقتل (5) صحفيين الكترونيين، وتوقيف (199) مدوناً وصحفيا إلكترونياً، والاعتداء على (62) مدوناً وصحفيا الكترونياً، وفرض شكل من أشكال الرقابة على الإنترنت في (68) دولة. وبينت المنظمة أن باكستان تعد الدولة الأكثر دموية في العالم بالنسبة لاستهداف الصحفيين، حيث قتل (10) صحفيين، اغتيل معظمهم، وبقيت الصين وإيران وإريتريا أكبر الدول تقييداً للصحفيين في العالم.
وأشارت منظمة اليونسكو إلى أن عامي (2008) و(2009) شهدا سقوط أكثر من (3000) صحفي ما بين قتيل وجريح وُتعرض لسوء المعاملة. وبين المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير والرأي، فرانك لا روي، أن العام (2009) شهد زيادة في نسبة القتلى من بين الصحفيين بحوالي (29%) مقارنة مع العام (2008)، واضطر (157) صحفي للذهاب إلى المنفى ومغادرة بلدانهم، ويشار إلى أنه قتل في العام (2009) حوالي(122) صحافياً بينهم (32) قتلوا في يوم واحد في الفلبين، وقتل(91) صحفياً في العام (2008) و(115) صحفياً في العام (2007) ، وقد ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا بنسبة (244%) خلال الأعوام (2002-2008).

وقال علاونة في دراسته يعتبر الإفلات من العقاب في حالات استهداف الصحفيين في النزاعات المسلحة المشكلة الرئيسية في موضوع الحماية وسبلها، حيث أشارت منظمة اليونسكو إلى أن أكثر من (94%) من حالات استهداف الصحفيين بقيت بدون تحقيق واكد ان القانون الدولي الإنساني يسبغ على الصحفيين المدنيين الحماية نفسها المكفولة للمدنيين شريطة عدم اشتراكهم بشكل مباشر في العمليات العدائية مشيرا الى اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية (لاهاي) الصادرة بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول للعام (1907) تناولت حماية الصحفيين أثناء المنازعات المسلحة، فقد نصت المادة (13) منها على أنه " يعامل الأشخاص الذين يرافقون الجيش دون أن يكونوا في الواقع جزءاً منه، كالمراسلين الصحفيين الذين يقعون في قبضة العدو كأسرى حرب، شريطة أن يكون لديهم تصريح من السلطة العسكرية للجيش الذين يرافقونه".

وتناولت اتفاقية جنيف الخاصة بأسرى الحرب الصادرة بتاريخ 27/7/1929، حماية الصحفيين في المادة (81) منها بنصها على أنه "يحق للأشخاص الذين يتبعون القوات المسلحة دون الانتماء لها مباشرة، مثل المراسلين، ومراسلي الصحف الذين يقعون في أيدي العدو، والذي يعتقد أنه يحق له احتجازهم، أن يعاملوا كأسرى الحرب، شريطة أن يكون لديهم تصريح من السلطة العسكرية للجيش الذين يرافقونه. وفي حال اعتقالهم يتم معاملتهم كأسرى حرب مع احتفاظهم بذات الوقت بوضعهم المدني بشرط أن يكون لديهم تصريح من قبل السلطات العسكرية التي يرافقونها.

واشار الى ان اتفاقيات جنيف وفرت الحماية (للمراسلين الحربيين) وفقاً لشرطين، بأن لا يكونوا جزء من القوات المسلحة وألا يشاركوا في أعمال عدائية، والحصول على تصريح من القوات المسلحة التي يرافقونها، وبالتالي يكون هناك عدم مشروعية للهجمات التي تستهدف الصحفيين ووسائل الإعلام، وحماية الصحفيين كونهم أفراداً مدنيين، ووجوب حماية الصحفيين الذين يقومون بمهام خطرة، وحماية للمراسلين الحربيين.
وجاء البرتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية أكثر وضوحاً في طلبه حماية كل صحفي يمارس مهام خطرة في مناطق النزاع، حيث جاء في المادة (79). أنه "يعد الصحفيون الذي يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق المنازعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ضمن منطوق الفقرة الأولى من المادة (50). وأعطى هذا النص الصحفيون الحماية القانونية والحصانة من الأعمال الحربية باعتبارهم مدنيين، وكما هو وارد في نصوص الاتفاقية فالمدنيين ليسوا من ضمن المواقع والأهداف العسكرية".

كما تضمنت المادة (79) من البرتوكول الأول على ضمانة إضافية لحماية الصحفيين، بنصه على أنه "يجب حمايتهم (يقصد الصحفيين) بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا الملحق "البروتوكول" شريطة ألا يقوموا بأي عمل يسئ إلى وضعهم كأشخاص مدنيين وذلك دون الإخلال بحق المراسلين الحربيين المعتمدين لدى القوات المسلحة في الاستفادة من الوضع المنصوص عليه في المادة 4 (أ-4) من الاتفاقية الثالثة.
وهذا النص أيضا أعطى حماية للصحفيين من حيث معاملتهم معاملة أسرى الحرب في حال اعتقالهم واشتراط ذلك بعدم قيامهم بأي أعمال حربية، وبالتالي حظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، أخذ الرهائن، الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة. والفقرة السابقة من المادة مشروطة، حيث يفقد الصحفي حقه في الحماية ويصبح هدفاً مشروعاً إذا شارك بشكل مباشر في الأعمال العدائية، (التوقيت المحدد) الذي يقصد به لحظة قيامه أو مشاركته بالأعمال العدائية، ولا يجوز التعرض له بعد ذلك حيث يستعيد حقه بالحماية كونه صحفي ومدني.

كما تضمن البرتوكول الأول حق الصحفيين في الحصول على بطاقة الصحفي، حيث نص على أنه" يجوز لهم (يقصد الصحفيين) الحصول على بطاقة هوية وفقا للنموذج المرفق بالملحق رقم (2) لهذا الملحق "البروتوكول". تصدر هذه البطاقة، حكومة الدولة التي يكون الصحفي من رعاياها، أو التي يقيم فيها، أو التي يقع فيها جهاز الأنباء الذي يستخدمه، وتشهد على صفته كصحفي". وتحتوي البطاقة إضافة إلى المعلومات الشخصية والمهنية، عبارة (ملحوظة) "تصرف هذه البطاقة للصحفيين المكلفين بمهمات مهنية خطرة في مناطق المنازعات المسلحة ويحق لصاحبها أن يعامل معاملة الشخص المدني وفقا لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949، وملحقها (بروتوكولها) الإضافي الأول. ويجب أن يحتفظ صاحب البطاقة بها دوما، وإذا اعتقل فيجب أن يسلمها فورا إلى سلطة الاعتقال لتساعد على تحديد هويته". والبطاقة لها فوائد عديدة منها الإثبات على أنهم مدنيين وليسوا عسكريين، ومعاملتهم معاملة أسرى الحرب، حيث أن البطاقة تلعب دوراً مماثلا للملابس العسكري.

وبالرجوع إلى نص البرتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية، لا نجد أي ذكر أو حماية للصحفيين لكن المادة الثالثة المشتركة في الاتفاقية والبروتوكول الثاني حول الحماية العامة للمدنيين التي توفرها الاتفاقية، نجد أن الصحفيين يعدون مدنيين أو أشخاصاً لا يشاركون في العمليات العدائية، وتسري عليهم وعلى أطقمهم كل الحماية المنطبقة على هؤلاء المدنيين.
وحسب الدراسة فان الصحافيين يتمتعوا بحكم وضعهم كمدنيين في القانون الدولي الإنساني بحماية من الهجمات المباشرة بشرط عدم المشاركة بطريقة مباشرة في الأعمال العدائية، ومعاملتهم كأسرى حرب في حال اعتقالهم، وحماية ممتلكاتهم شريطة أن لا تكون ذات طابع عسكري، وتعتبر محطات الإذاعة والتلفزيون أعياناً مدنية، وضرورة إنذار الصحفيين قبل الهجوم في الوقت المناسب وبوسائل فعالة.

وتشكل أية مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيرا لاتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول. ويرى روبين غايس، خبير قانوني في اللجنة الدولية للصلب الأحمر، أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد شخص مدني(بما فيهم الصحفيين بحكم وضعهم كمدنيين بحماية القانون الدولي) يرقى أيضاً إلى جريمة حرب بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأشارت الى ان اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب إلى المخالفات الجسيمة التي تتضمن أحد الأفعال التالية "القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية".

وطالبت الاتفاقية الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية. ويتضمن ذلك أن يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى محاكمة، أيا كانت جنسيتهم. وله أيضا، إذا فضل ذلك، وطبقا لأحكام تشريعه، أن يسلمهم إلى طرف متعاقد معني آخر لمحاكمتهم ما دامت تتوفر لدى الطرف المذكور أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص.
ويقع على عاتق كل طرف متعاقد اتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية بخلاف المخالفات الجسيمة المبينة، وينتفع المتهمون في جميع الأحوال بضمانات للمحاكمة والدفاع الحر لا تقل ملائمة عن الضمانات المنصوص عنها في المواد (105) وما بعدها من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب.

وشدد على أن الاتفاقية تناولت العديد من إجراءات الحماية، حيث حظرت المخالفات الجسيمة سابقة الذكر، ودعت الأطراف إلى ملاحقة المتهمين، فرض عقوبات جزائية على من فعل أو أمر بفعل تلك الأفعال، والعمل على وقف تلك الأفعال والانتهاكات.
وحول القتل العمد الذي يعد جريمة حرب، اشار علاونة الى سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمدت قتل العديد من الصحفيين الفلسطينيين فقد قامت بتاريخ 16/4/2008، بقتل المصور الصحفي فضل شناعة مصور وكالة رويترز العالمية للأنباء في غزة، وذلك أثناء قيامه بعمله المهني، حيث كان يستقل سيارة مكتوب عليها بخط واضح (T.V)، (REUTERS)، وفي تفاصيل الحادثة توقف شناعة على مسافة تبعد (700) متر من تواجد آليات الاحتلال الإسرائيلي وذلك عند مدخل قرية جحر الديك في قطاع غزة، ونصب حامل الكاميرا في محاولة منه لالتقاط صور للدبابات الإسرائيلية المتوغلة في القرية، وفجأة استهدفتهما هذه الدبابة بقذيفة مدفعية مسمارية بشكل مباشر ما أدى إلى استشهاده على الفور جراء إصابته بشظايا مسمارية في جميع أنحاء الجسم مع كسور متعددة في فقرات الرقبة والقفص الصدري، واستشهد معه ثمانية مدنيين فلسطينيين.

وقد برأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي طاقم الدبابة الإسرائيلية الذي قتل شناعة وثمانية مواطنين آخرين، وقال المحامي العام للجيش الإسرائيلي البريجادير جنرال (أفيهاي ميندلبليت)،"أن طاقم الدبابة تصرف بشكل مناسب ولن يواجه أي إجراءات قانونية، لأنه لم يتمكن من رؤية ما إذا كان شناعة يحرك كاميرا أم سلاحاً ويرتدي سترة مكتوب عليها كلمة "صحافة"، ولكن كان لديها ما يبرر إطلاق قذيفة الدبابة التي قتلته وثمانية فلسطينيين، وأن طاقم الدبابة لم يكن بمقدوره تحديد هوية الجسم المنصوب على حامل ثلاثي القوائم، وأن الجنود لم يكونوا قادرين على رؤية سترة شناعة والسيارة التي كتبت عليها "صحافة" و"تلفزيون"، وقد ازدادت شكوكهم لأن شناعة ورفيقه فني الصوت كانا يرتديان درعا واقياً ، وخلص على ضوء النتيجة المعقولة التي توصل لها طاقم الدبابة وقادتها، من أن الأجسام التي يرونها معادية وأنها كانت تحمل شيئاً يمكن أن يكون في الغالب سلاحاً، كان قرار إطلاق النار على الهدف سليماً.
واضاف " ان الأدلة المتاحة لا تشير إلى سوء تصرف من طاقمها، ومن ثم قررت عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية أخرى". وعبرت جمعية الصحافة الأجنبية التي تمثل وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية عن الاستياء من نتائج التحقيق التي توصل لها الجيش الإسرائيلي
وبتاريخ 13/3/2002، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي الايطالي (رفائيلي تشيريلو) أثناء قيامه بتغطية اجتياح قوات الاحتلال لمدينة رام الله، حيث كان المذكور يرتدي ملابس وشارات تدل على أنه صحفي كما أنه كان واضح بأنه يحمل كاميرا.

وتكفل العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية حرية الرأي والتعبير وحرية وسائل الإعلام والحق في الحصول على المعلومات، وقد جاءت هذه الحماية في نصوص العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وتمثل إشارة ميثاق الأمم المتحدة إلى أن من ضمن مبادئه ومقاصده حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أمراً في غاية الأهمية، ومن الأمور الأساسية في احترام حرية الرأي والتعبير وحرية وسائل الإعلام وتدفق المعلومات والحصول عليها كذلك، فهي المرة الأولى التي نص فيها على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية في وثيقة دولية ملزمة قانوناً لجميع الدول، وتعتبر بمثابة الوثيقة الأولى في مجال القانون الدولي.
ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون مضايقة أو تدخل من أحد، وفي الحصول على الأنباء والأفكار ونقلها إلى الآخرين في كافة الوسائل دون اعتبار للحدود الموجودة. وبهذا يكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمن إحدى الحريات الأساسية التي لابد من أن تتوفر في مجتمع ديمقراطي حر يحترم حرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات ويعمل على ضمانها وضمان الحصول عليها ونشرها، وهذا يعطي تأكيد على أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومنها حرية الرأي والتعبير وحرية وسائل الإعلام هي حريات عالمية وليست مكانية ولا يمكن أن ترتبط في منطقة جغرافية معينة دون أخرى، وبذلك يكون واضعو الإعلان العالمي ركزوا على حرية تدفق المعلومات والحصول عليها وعلى إزالة الحواجز التي تشكل عائق للحصول عليها.

وتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حرية الرأي والتعبير، حيث تناول أن من حق كل إنسان الحق في اعتناق أراء دون مضايقة، وهذا الحق يشمل كل إنسان بغض النظر عن الجنس أو اللغة أو الدين، وكذلك الحق في حرية الرأي والتعبير، وهذا يشمل الحق في الحصول على المعلومات والأفكار ومنها وسائل الإعلام، ولا يقتصر هذا الحق في حصول الأفراد على المعلومات بل يتعدى ذلك في حق نقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود وبجميع الأشكال والوسائل.
وعلى الرغم من أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تناول حرية الرأي والتعبير إلا أنه أورد ضوابط وتقييداً لها عندما تتعلق في احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وقد تشكل هذه القيود تأثيراً سلبياً على حرية الرأي والتعبير ونوعاً وسنداً قانونياً لمصادرة الحريات والحقوق في داخل الدولة لاسيما أن هذه عبارات فضفاضة وتحتمل التوسع والتفسير في ظل غياب أدوات قياسية تحدد ما المقصود بسمعة الآخرين"، أو ما هو الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة.
وأكد القرار على مسؤولية الدول عن الامتثال للالتزامات ذات الصلة بموجب القانون الدولي ووضع حد للإفلات من العقاب ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي. ودعا الدول التي لم تفعل ذلك بعد، إلى أن تنظر في أن تصبح أطرافا في البروتوكولين الإضافيين للعام (1977) لاتفاقية جنيف الأول والثاني في أقرب تاريخ ممكن.

وأكد على أنه سيتناول مسألة حماية الصحفيين في النزاع المسلح حصرا تحت بند "حماية المدنيين في النزاع المسلح". وطلب إلى الأمين العام أن يضمن تقاريره القادمة بشأن حماية المدنيين في حالات النزاع المسلح مسألة سلامة وأمن الصحفيين وموظفي وسائط الإعلام والأفراد المرتبطين بهم، كبند فرعي.

واكد ان القرار أعاد التأكيد على حماية الصحفيين وإدانة الهجمات ضدهم، واعتبارهم مدنيين ومعاملتهم كأسرى حرب، وعلى اعتبار المعدات ووسائل الإعلام أعيانا مدنية، وملاحقة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحفيين ووضع حد للإفلات من العقاب، وأنه سيبقي مسألة حماية الصحفيين في النزاع المسلح على جدول أعماله.