السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إتضح أننا كنا أفضل عندما كنا نظن اننا  أسوأ

نشر بتاريخ: 10/04/2020 ( آخر تحديث: 11/04/2020 الساعة: 00:52 )

الكاتب: عبدالناصر عطا الاعرج

في نهاية كانون ألاول ديسمبر الماضي ، إذا سُئل الكثير والكثير من الناس في أجزاء مختلفة من كوكب الأرض الي نعيش عن كيفية تخيلهم للمستقبل القريب ، فأنا مقتنع بأنه لم يكن هناك من يرسم صورة بانورامية قاتمة وخطيرة مثل تلك التي تعيشها البشرية في أبريل 2020.
قال لي صديق وهو خوسي بياتو نقيب الصحفيين في جمهورية الدومينكان وهي البلد الجميلة جدًا في البحر الكاريبي قال : "اتضح أننا كنا أفضل حالًا عندما كنا نعتقد أننا في وضع أسوأ".
لأنه في أواخر عام 2019 كنا نعيش بالفعل في عالم بائس ، وهو ما يعني ، وفقًا للتعريف الأكاديمي ، "مجتمعًا له خصائص سلبية تتسبب في اغتراب الإنسان" (بدون اليوتوبيا ، كما يقول اليونانيون).
إن هذا الوباء أظهر وكشف أن هذا العالم هش ومزيف ، فالدول التي تمتلك الترسانة العسكرية وقادرة على تدمير العالم اصبحت غير قادرة على مواجهة هذا الفيروس بسبب ضعف النظم الصحية والامكانات الصحية في هذا الكون.
لقد اصبحت العلاقت بين الدول ثابتة غير متغيرة كما يدعي البعض ، لأن الحكم الرئيس هو الشركات وأصحاب المال و( مافيا ) شركات بيع المعدات الحربية والترسانة العسكرية وقلة ما يعنيهم المصلحة الانسانية والفقراء والمسحوقين ، واستشهد بما قال القائد الثوري تشي جيقارا وهو أرجنتيني الاصل وطبيب وكاتب وقائد ثوري ( كل الناس تكد وتنشط لتتجاوز نفسها ، لكن الهدف الوحيد هو الربح ، وأنا ضد الربح ومع الانسان ، ماذا يفيد المجتمع أي مجتمع ، اذا ربح الاموال وخسر الانسان )

بالكاد كان عالمنا مهددًا بالانفجار البيئي الناجم عن الضغوطات العالمية والبيئية، مع علامات تلوح في الأفق في أزمة اقتصادية جديدة ، مع زيادات مخيفة في جميع الأصولية التي يمكن تخيلها ، وازدياد الكراهية واتفاق ترامب نتنياهو على صفقة قرن والتفكير بشطب دول ، والخوف الذي لا يمكن السيطرة عليه من الإرهاب ، والتركيز على الأسلحة والقوة .

نظام عالمي ضعيف التنظيم ، حيث يحتكر القليل حيازة العديد من الثروات ويهدف أيضًا إلى تسليم مقاليد السلطة الحقيقية ، لكل السلطة ، إلى الذكاءات الاصطناعية التي باستخدامها الفعال للخوارزميات ستحكم رغباتنا واحتياجاتنا.

كيف يتخيل المستقبليون العالم بعد جائحة الفيروس التاجي؟

ليس هناك شك في أن جائحة الفيروس التاجي قد غير الحياة اليومية. كيف سنعيش عندما ينتهي كل شيء؟ من منا يبقى ؟ وما هي النهايه ومتى سينتهي الوضع القائم حاليا ؟ ومن سيكون نجوم الكورونا في كل بلد ؟ هل سيكونوا مسؤولين أظهرتهم الكاميرات ومناصبهم ؟ ام الكوادر الطبية والعلماء ؟ ام اجهزة الامن ؟ أم هؤلاء الذين انفقوا مما امتلكوه سرا لأولئك الفقراء من المجمتع الي يعيشون فيه ولم تصورهم كاميرات ولم يتحدث عن اعلام ؟ .
اعتقد أن النجوم سيكونوا نوعان ، أما الاول فهو من وجد من منصبه فرصه للظهور بحكم امكانياته الاعلامية والسلطوية والبرستيج ومنهم من عمل وأنجز سرا ورفض غوغاء الاعلام وهم في نظري كبار سواء كانوا مسؤولين أمنيين أو ممدنيين ، مع أن هذا واجبهم الوظيفي والمسؤولية كما قال احدهم لي .
اما النوع الثاني وهم اولئك الذين لن يكون لهم القدر الكافي من الثناء بحكم أن جزء من الشعوب تعشق التطبيل والتزمير فقط ، وهم الطواقم الطبية والامن ومن قدموا الخير من حر اموالهم بقدر ما استطاعوا سرا ، وهذه الفئة لها الاجر العظيم عند رب عظيم ، لن ينساهم .

سيظهر المستقبليون رؤياهم حول هذا الموضوع وسيكونوا من صناع القرار .
حتى الآن ليس هناك شك في أن جائحة COVID-19 أحدثت تغييرات في المجتمع والحياة اليومية: الانسدادات ، والإغلاق ، تراجع الاقتصاد ، الفقر ، البطالة ، الغني لموردي الأدوية والكمامات والأقنعة وتجار الحروب والانتهازيين من التجار .إلا مشاكل سلسلة التوريد ، وتباطؤ الحياة اليومية. ولكن ربما هذا أخيرًا هو ما نتطلع إليه سراً: التباطؤ في المجتمع بشكل عام .

قبل خمسين عامًا ، نشر اثنان من أشهر المستثمرين المستقبليين في العالم ، ألڤين وهايدي توفلر ، كتاب الصدمة المستقبلية ، وهو كتاب عن تسريع الحياة. اقترح توفلر أن العديد من الأشخاص سيجدون صعوبة في التعامل مع المزيد من التغييرات ونتيجة لذلك ، سيواجهون صدمة اجتماعية أو شخصية.
تقول ماريا بوثويل ، رئيسة شركة Toffler Associates: "عندما كتب ألفين وهايدي صدمة المستقبل ، لم يعتبروا أنفسهم مستقبليين ، ولكن كان من الواضح أنهم ضربوا على وتر حساس في مجتمع عالمي يواجه أعدادًا غير مسبوقة من التغيير". . وتضيف أنه ما إذا كان الناس يستطيعون النجاة من الصدمة أم لا.

ويقول: "السيناريو المتفائل هو أن هذه ستكون حقيقة" فريدة "سوف نتعافى منها ، بعد أن تعلمنا درسين على الأقل" وهما :-
أولاً : يجب ألا نعتمد على سلاسل التوريد الطويلة غير المرنة. نحن بحاجة إلى الاستثمار في القدرات الإضافية ، في الأشخاص في الكفاءات العلمية والطبية والمشافي والمعدات ، للتعامل مع مثل هذه الأحداث".
والثاني : هو أنه يمكننا أن نتعلم أن عمال المدينة لا يحتاجون لقضاء "ساعة أو ساعتين غير سارتين" كل يوم في التنقل بين منازلهم وأماكن عملهم ، كما يقولأن أي ( أن يكون احترام للانسان وخاصة العامل والمنتج باجر .

تعتقد سوزان شنايدر ، مديرة منظمة Mind and Society Group بالذكاء الاصطناعي بجامعة كونيتيكت ، أن " وباء كورونا سيسرع من تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم البنية التحتية للعمل عبر الإنترنت." "زيادة استخدام أنظمة الإنترنت والاتصال الإلكتروني بشكل مخيف".

اذن في النهايه يختلف العالم بمستوياته في تحليل هذا الوباء فهناك من يقول انه جند من جنود الله ضد الظلم والفساد ، وآخرين يدعون انه حرب بين دول عظمى ، وانقلب السحر على الساحر ، وجزء اخر يبكي خوفا من الموت ، ولا نعلم ما القادم وماتحمله لنا الأيام والأشهر القادمه .
ليس لنا إلا التفاؤل بالخير والأفضل ، ويدعوا كل منا حسب معتقداته وديانته في العالم ان يخلصنا الله من هذا المرض ومن الفاسدين بشتى أنواع فسادهم السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي .
ولا بد لنا في الختام ، أن نقدم الشكر لكل الطواقم الطبية والذين تعرضوا ولازالوا لأكبر المخاطر وكذلك من رجال الامن من سهر والتزم بالحفاظ على التزام الناس ، والى كل وسيلة اعلام نقلت للناس في بيوتهم ما يجري وما المطلوب ، والى كل مواطن صبر والى كل الجهات الرسمية الحكومية التي قامت بواجبها تجاه شعبها بكل أمانة في إدارة الازمة التي نعيش وكان عملها خالصا لله وللشعب وليس لغير ذلك من طموحات مستقبلية .