الأربعاء: 25/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

هنا دمشق من القاهرة

نشر بتاريخ: 19/04/2020 ( آخر تحديث: 19/04/2020 الساعة: 15:52 )

الكاتب: حمدين صباحي

تحية الإكبار لشعبنا العربي في سوريا الحبيبة في يوم عيد الجلاء ، ذكرى تطهير أرض سوريا من آخر جنود الاحتلال الفرنسي في 17 ابريل 1946.
لقد كانت الثورة العربية الكبرى تجسيدًا لسعي الامة العربية نحو التحرر من الحكم العثماني وإقامة دولتها المستقلة الحافظة لحقوقها وهويتها وكرامتها. لكن قوي الاستعمار تآمرت لإجهاض الثورة النبيلة وتحويل نتائجها إلى استعمار غربي فرنسي احتل سوريا بقوة السلاح عقب معركة ميسلون عام 1920
وفي المواجهة استبسل شعبنا العربي السوري وتصدى للاحتلال وتقسيم وطنه الي دويلات عبر مقاومة بطولية تألق فيها رموز لازالت ذكراهم تلهمنا بينهم يوسف العظمة وابراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش وعشرات من قادة الضمير والنضال وآلاف من الشهداء والجرحى والمقاتلين حتي تحقق لوطنهم النصر المستحق وانسحب جنود الاحتلال واستقلت سوريا في 17 ابريل 1946.

و ما اشبه الليلة بالبارحة ، سوريا اليوم تواجه باستبسال مؤامرة استعمارية صهيونيه ظلامية تستهدف تقسيم سوريا الأرض والشعب والدولة وإدخالها كرهًا الي حظيرة الصلح مع العدو الصهيوني والرضوخ للهيمنة الأمريكية ونزعها من عروبتها وإنهاء دورها كقلعة اخيرة للممانعة واحتضان المقاومة في وجه أعداء الأمة.
في مواجهة هذا الخطر وقفنا ونقف مع سوريا وندعو كل أصحاب الضمائر في العالم وخصوصا كل عربي وبالأخص كل مصري إلي تأكيد دعمه الكامل لحق سوريا المشروع في رد العدوان والحفاظ علي استقلالها وعروبتها ووحدة ارضها وشعبها ودولتها وبسط سيادتها علي كامل ترابها الوطني، ومؤازرة صمودها الباسل حتي يتحقق لها النصر وتتهيأ لإعادة بناء ما خربه العدوان في العمران والإنسان وتواصل دورها القومي العربي الرائد حصنًا للممانعة وحضنا للمقاومة. و تعزز هذا الدور وتكمله بتلبيه طموحات شعبها النبيلة المشروعة في الاستقلال الوطني والعدل الاجتماعي والديمقراطية وصون حقوق الإنسان علي قاعدة المواطنة الدستورية التي تلم شمل كل السوريين وتبلسم جراح المحنة بالعدل والمحبة والمساواة أمام القانون بلا تمييز بين الموالاة والمعارضة. لا تعزل ولاتقصي إلا من خرج علي دولته الوطنية بالسلاح والإرهاب وإراقة الدماء .
ان دعوات التغيير والاصلاح حق لا ينبغي أن يسلب من مواطن او يصادره حاكم ، لكن حمل السلاح باطل يؤدي الي فتنة الاقتتال ويودي بالدولة ودعوات التغيير والاصلاح معا . وقد كانت سورية عرضة لهذه الفتنة المحنة التي كلفتها غاليا من دم شعبها ومقدراته و كنا كلنا من ضحاياها . وقد آن الأوان أن يتوقف هذا النزيف المروع لتمتد الأيادي للأيادي وتعانق القلوب القلوب وتطوي صفحة الشكوك والظنون وان يدرك المعارضون قبل الموالين أن الحفاظ علي سوريا هو شرط التغيير والإصلاح ، فإذا احتلت وتفتت الأوطان اين سيتحقق التغيير والإصلاح و تحترم حقوق الإنسان؟!
و ماهو ماثل أمامنا هو دولة تواجه الإرهاب والعدوان وفي هذه الحرب لسنا ولا ينبغي ان نكون على الحياد فللدولة شعب نثق في قدرته علي الاختيار وجيش يضحي لرد العدوان والإرهاب وسلطة للدولة الوطنية على رأسها الرئيس بشار الأسد . وواجب الوقت أن نحفظ لسوريا وحدة واستقلال شعبها و جيشها ودولتها ومن قلب منظومة الدولة يكون السعي السلمي المشروع لكل تغيير وإصلاح .

ومصر لا تنسى: سوريا هي الشقيقة في دوله الوحدة الأولى، و جيشها هو الجيش الاول . ودم جول جمال امتزج بدم جلال الدسوقي شهداء معركة البرلس البحريه دفاعا عن مصر عام 1956 .
وحين قصف العدوان الثلاثي مصر وأسكت إذاعتها انطلق من سوريا الحبيبة نداء " هنا القاهرة من دمشق " ، فلا أقل الآن من أن يعلو في مصر نداء " هنا دمشق من القاهرة " فهو نداء حق وواجب ، حق لكل سوري وواجب على كل مصري .
ولا اقل من أن تنهض مصر الشعبية بواجب دعم سوريا وفي مقدمتها القوي والرموز الوطنية و بالأخص القومية الناصرية .
ولا اقل من أن تبادر مصر الرسمية بدعم الموقف السوري والمطالبة برفع الحصار عنها والمبادرة بإعادة كامل العلاقات الرسمية وفتح سفارة سوريا في القاهرة و مصر في دمشق. والعمل علي التعجيل باستعادة سوريا لمقعدها المختطف في جامعة الدول العربية.
ومهما كان الدور الشعبي او الرسمي أقل مما تستحقه سوريا من مصر واقل من عشم اخوتنا السوريين فينا ، وهو عشم المحق وعتب المحب ، فإن ما يجمع مصر وسوريا في قلب امتنا العربية هو اقوي وأبقى وأعمق و أوثق .
ولعل في صدق بلاغة والد الشعراء فؤاد حداد ما يغني عن مزيد القول :

" ايدك لسه فى ايدي بتعرق لسه بتعزق
الأرض اللي رواها بردى
عينك لسه في عيني بتلمع لسه بتدمع
لسه بتتكلم ع الشهدا
صدرك لسه قلبي فى صدرك..
.جدري وجدرك
ف الجمهوريه المتحدة .

دا سلامك ولا زيه سلام
ونشيدك ولا زيه نشيد
متعلق يا دمشق الشام
بحبالك ولا حبل وريد
ولا تتقطعش الارحام
دم جدودنا بدم جديد
بيغمض عيننا بأحلام
ويفتح عيننا بشهيد
وان نمنا حالف ما ينام
ولا تهرب منه المواعيد
مهما بعدنا مفيهش بعيد
مهما اتفرقنا ما نتفرق .
الفاس اللى فى يد جمال
تحرس قبر صلاح الدين
راجل واحد كل الشعب
مصر وسوريا العين والعين
واحد واحد زي القلب
عمر القلب مايبقى اتنين "

ستنتصر سوريا علي هذا العدوان الصهيوأمريكي الظلامي كما انتصرت علي العدوان والاحتلال الفرنسي.
تحية الإكبار والإجلال و الدعم لصمود وتضحيات شعبنا العربي في سوريا والجيش العربي السوري الباسل .
عاشت سوريا عربية حرة منيعة ممانعة.