الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

من باب المسؤولية في هذا الظرف لِنُفكر بغيرنا وليتوقف اِحراج الرئيس الذي نُحِب

نشر بتاريخ: 29/04/2020 ( آخر تحديث: 29/04/2020 الساعة: 13:26 )

الكاتب: مروان طوباسي


\من الصواب والضرورة بمكان ان نفكر بغيرنا، لكن " غيرنا " هم الفئات المهمشة والمسحوقة وهم كثر في مجتمعنا الفلسطيني.


على رأس المال الذي يفترض وطنيته ان يقدم الان بالمقدار اللازم والعادل من تلك الارباح (وإلتى هي حقه) التي جناها اما من احتكارات او عطاءات مغلقة كمورد وحيد في بعض الأحيان او افتعال هزات السوق والاسهم او فوائد القروض المتراكمة التي اغرقت الناس أو من انخفاض قيمة سلم الضرائب المفروضة على أصحاب الأموال او تصدير المال الى خارج الوطن الذي لم ينعم به احد في فلسطين، رغم ان هنالك من أصحاب روؤس الأموال الوطنين والذين اعرف جزء منهم قاموا ودون سؤال من احد بتقديم ما استطاعوا عليه وفق ضميرهم الوطني والأخلاقي.
وهنالك من المهمشين وأصحاب الدخل المحدود الذين لم يبخلوا أيضا بالتفكير بغيرهم الأكثر حاجة منهم وهؤلاء ترفع لهم القبعات احتراما.
إن بناء السلطة الوطنية الفلسطينية واقول كمحطة على طريق الحرية والاستقلال واستكمال بناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس ، قد اتاح فرص كبيرة للاستثمار لم تكن قائمة في زمن الاحتلال، رغم ان الاحتلال ما زال جاثما على صدورنا، لقد كنت وحين تأسست السلطة الوطنية وقبل ان انخرط بالخدمة العامة، اعمل مديرا تجاريا لشركة "يونيبال التجارية " حين قرر عدد من أصحاب روؤس الأموال الفلسطينين المقيمين بالشتات الاستفادة من هذا التحول السياسي في حينه ومن القاعدة القانونية لنشؤ السلطة الوطنية وما يترتب عليها وفق القانون الدولي والقوانين التجارية من حصد وكالات حصرية لشركات عالمية لتمثيلها في مناطق السلطة الوطنية كانت قبلها تتبع للوكيل الإسرائيلي المعتمد، وهذا كان حال شركات استثمار متعددة عملت في نفس الاتجاه، كنت اعرف معنى وقيمة ان تكون وكيلا حصريا مستوردا وموزعا لبضائع شركات عالمية كبرى وكيف تبنى الأسعار وكيف تكون هوامش الأرباح خاصة وان كنت وكيلا لشركات التبغ والدخان او البضائع الاستهلاكية السريعة.
وما زلت اذكر معارك الانفصال بالتوكيلات التجارية باعتبار ذلك من ضرورات وأهمية استقلالية السوق الفلسطيني كوحدة تجارية منفصلة عن السوق الإسرائيلي وكيف اقامت مؤسسات سلطتنا الوطنية الدنيا ولم تقعدها دفاعا عن هذا الاستثمار الوطني وعن استقلالية السوق وهو امر وطني بامتياز على طريق بناء استقلالنا الاقتصادي حيث عملت طواقم وزارة الاقتصاد الوطني بكل جهد لحماية الاستثمار والراسمال الوطني والوكلاء انذاك وما زالت، ومن أجل أيضا زيادة رفد خزينة الدولة من استحقاقات الضرائب المباشرة على الاستيراد، رغم وجود ثغرات كان بالإمكان تجاوزها في بروتوكول اتفاق باريس الاقتصادي كي تتحقق الاستفادة الأكبر، لكن هذا ما كان ولا يمكننا الان العودة إلى الوراء، لكن الأمر يتطلب النظر بالخصوص الي الامام والمستقبل واتخاذ ما يلزم من اجراء يحقق العدالة المفترضة وتحسين الشروط نحو الانفكاك.
كنت اعرف المداخل والمخارج بحكم عملي انذاك في أول شركة استثمارية تجارية تعمل في هذا الاتجاه بالسوق الفلسطيني، و جميعكم يعرف تلك الوكالات او البضائع التي تمثلها او توزعها الشركات التجارية الكبرى التي تم انشائها مع بداية نشؤ السلطة الوطنية.
ولقد قدمت السلطة الوطنية ولاحقا مؤسسات دولتنا من الوزارات وغيرها من الموسسات الوطنية كافة التسهيلات لتلك الشركات وانشئت لاحقا سوق راس المال وتم التداول بأسهم الشركات والبنوك العاملة وتحقيق أرباح لم تكن متاحة سابقا وفتحت البنوك فروعها وانشئت بنوك جديدة وشركات تأمين وأوراق مالية إضافة إلى صناعات جديدة لم تكن قائمة بعد وفتحت أسواق التصدير لعدد من الشركات الصناعية للأسواق الأوروبية او الأفريقية وحتى الاسيوية وكانت الصادرات في ارتفاع مطرد حتى أن بعض الشركات افتتحت مكاتب تمثيلية لها في عدد من تلك الدول بل ومنها من أقام اتفاقات صناعة مشتركة حتى بخارج الوطن.
باعتقادي هذه المتغيرات التي نتجت عن هذا الافق منذ تاسيس السلطة الوطنية والذي لم تستكمل بمرحلتها الاحقة للتحول الى الدولة نظرا لارهاب المشروع الصهيوني واستئثاره بالدعم الأمريكي الامحدود بل و بالصمت الأوروبي وغيره.
لقد استفاد أصحاب روؤس الأموال من نشؤ السلطة بشكل فاق توقعاتهم المالية، بالمقابل فإن السلطة الوطنية وخزينة الدولة لم تستفيد بنفس القدر النسبي، وكان ان زاد اعتمادنا اكثر على المعونات الدولية وليس على الزيادة المفترضة لايرادات السلطة في هذا الجانب.
الان ومع هذا الضرر الحاصل ليس فقط على عجلة اقتصادنا ومداخيلنا بل وعلى الاقتصاد العالمي، ما سيشكل أزمات مالية غير مسبوقة يتوقعها الكثير من الخبراء، ولا حاجة الان للخوض في نظريات ومسببات هذه الازمة الناتجة عن انتشار الجائحة وإلتى تتفاوت تفسيراتها ومسبباتها وكيف سيكون مستقبل العالم الذي نعيش عليه.
ما اريد قوله هو ما بداءت به وهو ما كان يكثر الحديث عنه من جانب القطاع الخاص او الراس مال الفلسطيني، وهو مبدأء المسؤولية الاجتماعية التي كانت تخصص لها بعض الشركات ميزانيات متواضعه تصرف على بعض البرامج او الأنشطة لمؤسسات أهلية فلسطينية، ميزانيات كانت غاية بالتواضع لا تسمن ولا تغني لكنها طبعا مشكورة.
الا انه وبجانب المساعدة التي كانت تقدم عبر ذلك للمؤسسات الأهلية كان أيضا الهدف منها هو الايفاء بما هو أصبح متعارف علية لدى الشركات التجارية العالمية وتلبية نصوص عدد من الاتفاقيات بهذا الشأن حول المسؤولية الاجتماعية ، رغم الفرق الهائل بين مسؤولية واخرى وبين دولة واخرى في هذا الشأن والالتزام.
إن المسؤولية الاجتماعية اليوم ورغم الأضرار الحاصلة لكافة الشركات في كل العالم سواء تلك التي استفادت من الازمة او تلك التي مخطط لها أن تستفيد لاحقا، تقتضي من شركاتنا وموسساتنا التجارية والمالية و الصناعية والزراعية في فلسطين ، اي على كل الراسمال الفلسطيني الذي نشرت تفاصيل أرقام مدخراته بالبنوك المحلية قبل فترة وجيزة وبالتاكيد هنالك مدخرات مضاعفة في بنوك عالمية ان يقدم على تنفيذ المسؤولية الاجتماعية تجاه خزينة الدولة التابعة لدولة فلسطين كاكبر مشغل لقطاع واسع من الموظفين والعمال الذين بعيلون العدد الأكبر من عائلاتنا الفلسطينية الذين هم في امس الحاجة للدعم والمساندة، وايضا تجاه تقديم الممكن لعمال وموظفي القطاع الخاص وموظفي القطاع العام الذين ربطوا الليل بالنهار من اجل حماية الجميع او أولئك الذين ينتظرون الراتب الكامل من الموظفين الصغار بفارغ الصبر لتسديد المستحقات التي عليهم وإلتى لا يعفيهم احد منها او بجزء منها والذين يتوجب حمايتهم بل وزيادة رواتبهم عندما تسمح الظروف لاحقا بذلك فهم أولى من غيرهم.
ان تقديم مبلغ ١٣ مليون دولار من القطاع الخاص لصندوق وقفة عز مبلغ لا يفي بالغرض ويجب مضاعفته مرات عدة. و كما ساهمت سلطتنا الوطنية في حماية المستثمر الفلسطيني وصاحب راس المال في إتاحة الفرص لاستثماراتهم سابقا وحمايتهم ، فليساهم هذا القطاع الخاص معها الان لحمايتها ولحماية شعبنا لاتاحة فرص العيش الكريم للجميع دون استثناء احد ودون إحراج احد، ودون تسرع من شأنه ادخالنا في دهاليز معتمة واحراج الأخ الرئيس الذي نُحب ، لنحقق قول شاعرنا الراحل والباقي فينا ابدا محمود درويش " فكر بغيرك".