الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

النساء الأكثر جدارة في زمن كورونا والأكثر تضرراً

نشر بتاريخ: 14/05/2020 ( آخر تحديث: 14/05/2020 الساعة: 19:40 )

الكاتب: ناهد أبو طعيمة


أعلن دولة رئيس الوزراء بعد ما يقارب الستين يوماً من الحجر الصحي عن جملة من الخطوات للتخفيف عن كاهل المواطن في ظل تجديد حالة الطوارئ، وهي في ملامحها لا تعني انفراجه تامة ولا تضيق كامل متحصنة بشعارها الحكومي منذ بداية الأزمة حول التوازن الصحي والاقتصادي ولعلها تأخذنا إلى مستوي آخر من الهواجس في المرحلة القادمة يحقق التوازن الإنساني والاجتماعي مع الصحي والاقتصادي.

وفي انتباهه سابقة من خلال حلقة تلفزيونية عرضت على تلفزيون فلسطين قد أشرنا الى أهمية إلتفات الحكومة إلى عودة المحاكم الشرعية للعمل ولو بقاضي واحد فقط مع كافة التدابير للسلامة وذلك للمساهمة في حل إشكاليات عالقة، وقد كانت الجائحة مبرر للتهرب منها أو تأجيلها الى أجل غير مسمي.

على سبيل المثال لا الحصر تهرب بعض الأزواج من النفقة التي تقرها المحاكم إلى الأمهات والتي تعتبر الدخل الرئيس لبعض الأسر، مما أثر عن قدرة صندوق النفقة في الإيفاء بهذه النفقة، ولعل هذا ما دعا وزارة التنمية الاجتماعية للتدخل لدعم الصندوق وبعض المبادرات التي أعتقد بأنها لن تحل كل الأزمة.

إن تفعيل عمل المحاكم من خلال وجود قاضى أو قاضية تبث في قضايا النفقة والحضانة وتمكن الأبوين من حقهما في المشاهدة دون أي تعطيل يساهم في خلق الترابط والسلم العائلي إلى جانب قضايا النزاع والشقاق وقضايا أخري ملحة.

كل التقارير الدولية والمحلية أشارت الى فقدان شريحة من النساء عملهن وهن ربات الأسر والمعيلات لأسرهن إثر فيروس كورونا وخاصة العاملات في الزراعة اليومية والعاملات كمعلمات في الحضانات وصاحبات المشاريع الصغيرة التي تديرها النساء.

في ظل انه ما يقارب 60% منهن عاملات بأجور أقل من الرجال وفي ظل مخاطر أكبر إلى جانب زيادة أعباء الرعاية غير المدفوعة الأجر وخدمة الأطفال وكبار السن.

لعل هذه الشريحة تستحق من الحكومة بعض التدابير الخاصة والدعم المؤقت الذي وللأسف لا توجد لدينا مؤشرات أو أي أرقام حول عدد النساء منهم قد استفاد من الدعم المباشر، بالتأكيد الحديث هنا ليس على مستوي الطرود العينية على أهميتها بل على ما يساعدها على الاستمرارية والنجاة في هذه المحنة الكبيرة.

قد نتفهم ما تعانيه السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة نتيجة جائحة كورونا ، حيث بلغ عجز السلطة المالي 1.4 مليار دولار، فيما سيصل الى 3.2 مليار دولار حتى نهاية العام

لكن لسان حالنا يقول بأن هذه الشريحة أهم من فئة كبار الموظفين من هم برتبة وزير، في مرحلة إعلان حالة الطوارئ لمواجهة جائحة كورونا والتي كانت احدى نتائجها الرئيسية ازدياد نسب الفقر والبطالة في مجتمعنا الفلسطيني. كما تدلل على أن هناك اشخاص متنفذين يمتلكون بما فيه الكفاية من القوة والقدرة على تشريع وتعديل القوانين الفلسطينية بما صب في منافعهم الخاصة.

ولعل هذا المسرب أيضا يقودنا إلى مسرب مهم وعلى مستويين وهو أهمية خلق الأولويات التي يضعها المشرع الفلسطيني في إقرار القوانين ومدى أهميتها وهذه معضلة منذ مجيئ السلطة الوطنية لم نفهم مزاج وذهنية المشرع وخاصة فيما يتعلق بالأسرة الفلسطينية، ونشير هنا تحديداً إلى قانون حماية الأسرة من العنف الذي كانت أحد أهم مسوغات الحكومة في عدم إقراره طوال عشر سنوات وأكثر تكلفة القانون، هل هذا القانون مكلف أما قانون التقاعد لفئة كبار الموظفين غير مكلف؟

المستوي الثاني أثر الحجر المنزليّ على النساء إنما هو واقعٌ يؤثّر على النساء بشكلٍ خاصٍّ ويشكّل أذىً لنساء كثيرات يرتبط قمعهن بالمكان الذي يُحجرن فيه والأشخاص الذين يُحجرون معهم، ولعل وجود قانون رادع ويمنع العنف ويوفر الحماية والمحاسبة والوقاية..

وما يؤكد على أهمية هذا القانون ما أشارت له أيضاً التقارير الدولية والمحلية حول ازدياد وتيرة العنف في ظل فايروس كورونا يأتي أولها ما صرح به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال " إنّ العنف لا يقتصر على ساحة المعركة، فبالنسبة للعديد من النساء والفتيات، إن أكثر مكان يخيم فيه خطر العنف هو المكان الذي يُفترض به أن يكون واحة الأمان لهنّ؛ منزلهن وأن العنف زاد في كل العالم ثلاثة أضعاف بعد كورونا "

وبحسب استطلاع رأي أجراه أوراد - مركز العالم العربي للبحوث والتنمية فإنّ المتوقع أن يكون هناك ازدياد بنسبة 40٪ في العنف المجتمعي، وازدياد بنسبة 35٪ في العنف الأسري..

في فلسطين وحدها، سُجّلت 11 حالة قتل للنساء منذ بداية العام 2020، 10 منهن قتلن على يد أحد أفراد عائلتهن، والأخيرة منهنّ تقول الأخبار بأنها قتلت "بالخطأ " إثر حادثة إطلاق نار في مدينة عرعرة بالنقب، خمس نساء من بين هؤلاء قُتِلن بعد إعلان حالة الطوارئ في الضّفة الغربيّة.

وفي هذا السياق مهم الإشادة بالواجب والانتباه التي قام به مجلس الوزراء في جلسته السابقة من خلال وزارة التنمية الاجتماعية بشأن إجراءات تحويل النساء ضحايا العنف في ظل حالة الطوارئ الخاصة بجائحة كورونا

والإشارة إلى وزارة الصحة بإجراء فحص الكورونا لجميع النساء وأطفالهن من ضحايا العنف واللواتي يتم تحويلهن إلى مراكز الحماية، وإعطاء الموافقة الكاملة لتحويل المنتفعات إلى مراكز الحماية بعد صدور الفحص وبعد دراسة خريطة المرض الخاصة بالمنتفعة تبعاً لمنطقة سكنها وتحركها وهل هي مخالطة أو غير مخالطة ...

وذلك بالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية (مرشدات تنمية المرأة) ووحدات حماية الأسرة في الشرطة الفلسطينية، كما يتم العمل على تفريغ وزيادة عدد ضباط وحدات حماية الأسرة ومرشدات تنمية المرأة ودعمهم/ن بكل ما يلزمهم للعمل مع النساء ضحايا العنف حفاظا على سرعة وجودة الخدمة المقدمة واحتراما لخصوصية وسرية الحالات.

وعلينا أن نشير الى انه برغم من قله ظهور النساء على شاشات التلفزيون على المستوي المحلى والعالمي إلا ان النساء تتصدر الخطوط الأمامية لهذا الوباء مثل الممرضات والطبيبات وعاملات النظافة اللواتي يقومن بتطهير المستشفيات كل صباح، الصيادلة، الخ

فالنساء تمثل في الطواقم الطبية المكافِحة لكورونا 70%، وتحتل فقط 25% منهن فقط في مراتب القيادة، استناداً إلى تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية

وانطلاقا من ذلك، من أدوراهن الكبيرة في المنازل في فترة الحجر وتحملهن كل الضغوط النفسية والجسدية وعملهن في الفضاء العام والخاص جاءت مشاركتها في جميع اللجان الميدانية المشكلة لمواجهة الوباء كانت ضعيفة، وليس أقرب للمقاربة في تمثيلهن في صندوق وقفه عز الذي شكل قوامه الغالب من الرجال باستثناء امرأة واحدة.

وهذا ما دعت له الأطر النسوية بهدف وقف تجاهل دورها وإحباط مساعي استبعادها وطالبن التقدم بشجاعة لحماية التجربة النسائية المميزة تاريخيا وعدم السماح بالانتقاص من دورها المميز، ولعل هذا العماء الجندري يصيب كل العالم حتى مع اعترافه بدورها الجلل .

فقد اعترف العالم بأن سبع دول غربية استطاعت الحد من خسائرها والاتجاه سريعاً نحو تخطي الأزمة والعامل المشترك بين هذه الدول تمثّل في "القيادة النسائية" التي قامت بـ “عمل استثنائي" في مواجهة الجائحة.

وهذا ما دفع بالكثيرين إلى التساؤل "ألم يحن الوقت لتتصدر النساء مواقع القيادة على نحو معادل للرجل؟