الأربعاء: 01/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ردا على فريدمان: "الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة لن تكون موجودة إلا في حال ان يصبح الفلسطينيون كنديين"

نشر بتاريخ: 16/05/2020 ( آخر تحديث: 16/05/2020 الساعة: 12:44 )

الكاتب: د. جهاد حمد

كما هو معروف ان كندا من الدول التي تعتبر نموذجاً يحتذى به، حيث انها كانت أول دولة في العالم تتبنى سياسة التعددية الثقافية (multiculturalism) منذ ما يقرب من 50 عامًا.
الا ان العالم في هذه الايام يعاني من جائحة غير متوقعة واصبح الانسان في حالة غير طبيعة متقلبة ان كان في الالتزام بالحجر المنزلي الى العزل والتباعد الاجتماعي والجسماني وبالتالي التاثر بالمزيد من الضغوطات واصبح الكثير منا يعيش حالة من الخوف والقلق. انها الحرب على هذا الفيروس صغير الحجم، فيروس كورونا او كما يسمى" COVID-19".
نعم، الجميع في حالة حرب ضد هذا العدو المخفي، العدو الصامت، هذا الفيروس التاجي الذي اصاب وقضى على الكثير من اعضاء هذه البشرية، هذا الفيروس القاتل الذي يقضي على الصديق والحبيب، على الاخ والاخت ، على الزوج والزوجة، على الجار و زميل الدراسة، على استاذ الجامعة، على الطبيب والممرض/ة ، انه العدو الذي ينتشر ويقتل بكفاءة عشوائية.
لقد غزى هذا الفيروس كل بيت وبدون انذار ، واصبح الجميع يعاني من ضغوطات التكيف والتأقلم مع هذه الظروف الجديدة ، والكل يعاني من مشقة الخوف والقلق والانتظار. لقدا اصاب اقوى الدول واكثرها تقدما في المجالات المتعددة، لقد اصاب الدولى العظمى الاولى (الولايات المتحدة الامريكية) ، التي اصبحت تتصدر دول العالم في عدد الوفيات فهي الان تعاني من أكثر من ربع الوفيات في العالم وحوالي ثلث حالات العالم.
الا ان الادارة الامريكية ودبلوماسيتها لم تتعظ ، واستمرت في سياسة الغطرسه والغرور، المراوغة وعدم الوضوح في قضايا العدالة والسلام وحل الصراعات الدولية ، وعلى راسها القضية الفلسطينية، واستمر دور الادارة الامريكية الحليف المستمر في الدفاع والمحاماة عن اسرائيل ومصالحلها بمنطقة الشرق الاوسط.
وهنا، من حين لاخر يظهر علينا السفير الامريكي لاسرائيل السيد فريدمان ويقوم في اصدار تصريحات ومغالطات غريبة، غير مسؤولة معادية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فقد قال مؤخرا: "إن الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة لن تكون موجودة إلا في حال ان يصبح الفلسطينيون كنديين، ويحاول التغزل باليمين الاسرائيلي المتطرف بقوله حين يصبح الفلسطينيون كنديين، فإن جميع قضايا (اليمين الإسرائيلي) سيزول ويذهب بعيدا، ان كان في القلق او التخوف من ان تتحول الدولة الفلسطينية إلى دولة إرهاببة".
وللنظر الى هذه التصريحات فاننا نرى خطورة التوجهات الامريكية تجاه القضية الفلسطينية.
نعم قد يكون السفير الامريكي السيد فريدمان صادقا في العمل السياسي الدبلوماسي على المدى القصير من خلال دعم وتقويه تحالفه وتسحيجه المستمر للادارة الاسرائيلية اليمينية ومن اجل خدمة مصالح شخصية انتخابية للنخبة الحاكمة وتحديدا الحزب الجمهوري الحاكم بالولايات المتحدة الامريكية كأمر حيوي ومن الامور الاساسية لمتطلبات الدبلوماسية الناجحة عند ادارته ومن اجل تنفيذ مخططاتها وحلفاؤها بمنطقة الشرق الاوسط، ولكن على المدى البعيد، تعتبر هذه التوجهات هي تحدي للشرعية الدولية ولحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة التي ضمنتها كل المواثيق والاعراف الدولية.
ولكن كما قال أبراهام لينكون: يمكنك خداع كل الناس في بعض الأحيان ، وبعض الناس في كل الاوقات ، ولكن لا يمكنك خداع كل الناس في كل المواقف والاوقات.

لقد تعلمت، وعشت وتعايشت، وبعد ذلك هاجرت مثل غيري من الفلسطينين وغيرهم من بلاد العالم في بلاد الغرب، وتحديدا في كندا،
انني فخور بكوني كندي فلسطيني، حيث انه منذ حضوري انا واسرتي واطفالي الى كندا في عام ٢٠٠٩ ونحن نعيش في امن واطمأنان واحترام ، نعم لقد رحبت كندا بنا والقادمين الجدد من الناس
باحترام واهتمام رائع.
كندا اساساً تشكلت هويتها من خلال التعددية الثقافية. انها دولة وشعب يعتبر منارة للعلاقات الودية والتسامح. انا واسرتي، بتاتا لم نشعر منذ وصولنا كندا باننا غرباء. ومنذ أول يوم لنا في كندا والجيران يتفاعلون بكل ترحيب وطيبة وقبول لنا ولاطفالنا يساهمون بكل الطرق في عملية الاندماج الاجتماعي والعمل على تحقيق حرية الحركة والمشاركة والتفاعل والتعلم من ومع الاخر. ونحن ايضا من خلال اخلاقنا وثقافتنا الفلسطينية، احترمنا وقدرنا وتفاعلنا ايجابيا مع هذا الاهتمام، وبنينا جسور من العلاقات الطيبة القائمة على الاحترام والتفاهم والعمل والعطاء والانتاج في هذا البلد المعطاء. انها كندا التي قامت ومنذ البدابة بالعمل على بناء جسور المحبة والعيش الكريم المحترام وازالة الحواجز والجدران بين الناس ومن كل اطيافهم واعراقهم وثقافتهم المختلفة وليس بناء جدران الفصل العنصري كما هو معمول به في اسرائيل الذي اصبحت وامسيت تدافع عنه وعن سياسة حكومتة اليمينية المتطرفة.

نعم، انها كندا التي رحبت بنا وبالناس بابتسامة ومحبة، كندا التي يعيش فيه الجميع دون تمييز، من خلال التسامح وقبول الاخر، من خلال التعددية الثقافية واحترام الاديان على اختلافها.
لقد قال رئيس الوزراء جاستن ترودو: "نحن كنديين ، نقدر الحرية الهائلة التي يجب أن نظهرها بالفخر بهوياتنا وأصولنا. بغض النظر عن ديننا ، حيث اننا ولدنا ، بغض النظر عن لون بشرتنا ، أو اللغة التي نتكلمها ، فنحن أعضاء متساوون في هذا البلد العظيم ".
ان الكنديين تمتد جذورهم من اطياف وانواع واعراق مختلفة حيث ان جميعهم يعيشون بتساوي هنا في كندا انهم من كل ركن من أركان العالم، كندا التي تتحدث أكثر من 200 لغة. انها كندا لجميع الكنديين وشوارعها وأرضها وسماءها ومياهها وحاضرها ومستقبلها.
وبالجانب الاخر كندا تمنح الناس الحق في الاختيار، بحيث تقوم على حماية حقوق جميع أفرادها. لقد تم بناء كندا من جميع أنحاء العالم الذين يعبدون كل دين ، ينتمون إلى كل ثقافة، ويتحدثون كل لغة، وفي نفس الان ان قيادة الحكم في كندا تقوم على مبدأ انها من هي جمع الناس من جميع وجهات النظر المختلفة معًا.
نعم هذه كندا التي تريد ان يصبح الفلسطينيون كنديين من اجل ان تكون لهم دولة.
وبالحانب الاخر ادعو السيد فريدمان لان يتعلم اساسيات وابجديات التاريخ الفلسطيني، من هم الفلسطينيون؟، و ما هو تاريخهم، ولغتهم، ومكونهم الثقافي؟ وماهي اخلاقهم ومكونهم النفسي الاجتماعي الثقافي؟. من الواضح ان السيد فريدمان لا يعلم عنهم حتى القليل، وبالتالي لا يحق له التحدث عنهم، بان يصبح الواعظ لهم. يا سبد فريدمان: "فاقد الشي لا يعطيه"، والسيد فريدمان هو حقيقة فاقد اساسيات المعرفة بالفلسطيني ولا يحق له لا من قريب او من بعيد اصدار التصريحات واعطاء الوعوظ والاحكام على الفلسطينيون.
وفي الجانب الاخر، وبالنسبة لكندا فقد اعترف الكنديون بشعوب السكان الاصليين واممهم الاولى وهم يقيمون الآن علاقات قوية معهم. تولت القيادة الكندية المسؤولية واعتذرت عن ما سبق من اساءة لهم وبدأت عملية المصالحة الحقيقة. وفقط لتعلم يا سبظ فريدمان انه يوجد الآن أكثر من ستة وزراء من أقليات متنوعة في مجلس الوزراء الكندي. وعلى السيد فريدمان تعلم ممارسة القيم الكندية والقيم الفلسطينية واولها التصالح مع نفسه، ومع الاخر قبل ان يعطي الاحكام، فانت لم تصل للحد الادنى من القيم الاخلاقية الكندية والفلسطينية، ولا يحق لك بالتبشير او النصح.
ان سياسة التحريض والكراهية لا تنفعك ولا تنفع مصالح بلدك وسياسة الخارجية الامريكية التي تقوم بها انت ومسؤولك بالبيت الابيض، بل انها حقيقة تضع المواطن الامريكي في مواقف صعبة لا يحمد عقباها...

ان الشعب الفلسطيني وقضيته ليس عدوكم يا سيد فريدمان، وبالعكس فان الفلسطينيون هم شعب وقضية حية عادلة تعمل من اجل الحرية والعدالة والسلام، ان الفلسطينون سيظلون يعملون جنبا الى جنب مع اعضاء المجتمع الانساني من اجل تحقيق السلام والمساوة والحرية والعدالة بالعالم وعليك مراجعة حسابتكم في هذه الادارة الامريكية ولن تنفعك هذ الوعوظ والتصريحات بل انها ستنقلب عليكم ... وسينقلب السحر على الساحر... وان غدا لناظره قريب.