الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس في مواجهة جائحة "كورونا " !!

نشر بتاريخ: 16/05/2020 ( آخر تحديث: 16/05/2020 الساعة: 11:07 )

الكاتب: عكرمة ثابت


للوهلة الأولى قد يعتقد القارئ أنني أتحدث عن رئيس دولة عظمى، ولربما عن رئيس دولة نامية مستقلة مرسومة الحدود ومعترف بها دوليا ولها سيادتها، الحقيقة غير ذلك انا هنا أتحدث وبشفافية مطلقة وحرية محمية بقانون الحريات العامة والفكرية وحرية الرأي العام، عن رئيس مختلف تماما عن كل الرؤساء، رئيس قدر له أن يحمل راية الخلافة الوطنية من رمز القيادة الوطنية الفلسطينية " ياسر عرفات - ابو عمار " بإرث نضالي واسع وبإرادة وعزيمة راسخة على شواهد الشهداء وأنات الأسيرات والأسرى والمهجرين والمبعدين، إرث نضالي بدايته القدس الشرقية ومنتهاه صفد الساحلية العفيفة ، رئيس دولة لا زالت تحت الاحتلال.

محمود عباس ( ابو مازن ).. رئيس منظمة التحرير الفلسطينية... رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية .. رئيس حركة فتح.. رئيس دولة فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى.
( أبو مازن) حارس الحلم الفلسطيني وقائد معركة المواجهة للشبح الفيروسي الفتاك ( كورونا ) يستبق رؤساء الدول العظمى والدول المتقدمة ليعلن من قلب مكتبه البسيط المحاصر بالاحتلال والاستيطان والتطرف والعنصرية خطة المواجهة الوطنية ل "كوفيد ١٩ "، مواجهة خالية من الغطرسة العسكرية ومن المفاعلات النووية والقنابل الجرثومية والترسانات المسلحة بالصواريخ العابرة للقارات؛ لا ؛ فأبو مازن بالتأكيد لا يملك شيئا من كل ذلك!!!! إنه فقط يملك قناعاته وإرادة وعزيمة شعبه .

" أيوب فلسطين "، هكذا على الاقل ، يحبذ الكثيرون أن يسموه !!! الخليفة المحمود الصابر صبر أيوب، وقف بكل عنفوان وجرأة، ليعلن حالة الطوارئ بالبلاد، اتذكرون يوم ٥/٣/٢٠٢٠، تذكروا جيدا انه في هذا التاريخ وبعد عشرين يوما من استفاقة العالم على جائحة كورونا، كان رئيسكم هو الرئيس الأول بالعالم الذي بادر بالحكمة والوعي والمسؤولية لإعلان حالة الطوارئ في دولة فلسطين المحتلة!!!!
فلسطين المحتلة تستبق الجميع في اعلان خطتها الفقيرة المحدودة الإمكانيات لتواجه بلاء هدد عروش أنظمة مستبدة!!! " كورونا " الفيروس الخفيف الخفي يهز سيادة دول عظمى تتحكم بكل دول العالم!!!! يا لمسخرة التاريخ ويا لمهزلة المشهد.
هنا؛ ومن على مسرح العدالة الغائبة؛ مسرح الاستبداد والظلم والاحتلال القاهر؛ تنهض الإرادة الفلسطينية الفذة بكل مكوناتها.. الرئيس وحكومته ورئيس وزرائه ووزير داخليته وأجهزته الأمنية والصحية والطبية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية؛ كلها تتوحد وتصطف خلف تعليماته لمواجهة هذا الخطر الإنساني العاتي!!!.

هل منكم من فكر، كيف لرئيس محاصر لا يملك من الإمكانيات شيئا ويترأس دولة لا هي دولة ولا تملك الحد الأدنى من مقومات الدول؛ كيف لهذا الرئيس أن يتربع على عرش المسؤولية وأن يحتل منصات الاشادة والتعظيم لحكمته في إدارة الأزمة ؟؟؟!! وبكل جرأة يعلن مستندا للنظام الأساسي المعدل لسنة ٢٠٠٣ واحكام الباب السابع منه حالة الطوارىء لمدة ٣٠ يوما لمواجهة خطر فيروس كورونا ومنع تفشيه....

" ابو مازن" وحكومته ورئيس وزرائه الدكتور محمد اشتية " ابو ابراهيم " ومن خلفهم الجيشان القاقي والأبيض، استطاعا من العدم صناعة المستحيل!!!!!.
نعم هنا تتعملق الحاجة كأم للاختراع، وتتساوى الرتب والمراتب وتنحصر الألقاب والمسميات لتكون على الجاهزية في خدمة الوطن والمواطن، الرئيس والحكومة جنود في معركة المواجهة وحواجز السلامة والمحبة درع أساسي في خندق الدفاع عن صحة المواطن وتعافيه!!! شوارع المدن ومحالها وكنائسها ومساجدها خالية ساجدة خاشعة تردد الدعوات للخلاص من الابتلاء!!! .

المقاطعة حيث مقر الرئيس الدائم؛ وضريح الياسر الخالد؛ يسودها السكون الممزوج بحكمة القائد!!! تأهب وإستعداد ومتابعات حثيثة لكل ما يترتب على " كورونا "، فنحن في فلسطين لا نواجه كورونا كآفة صحية، لا، نحن نخوض معركة مع كورونا سياسية وإقتصادية واجتماعية، كورونا سيكون لها أبعاد تاريخية ونتائج مستقبلية خطيرة، صفقة القرن كورونا وقضية الأسيرات والأسرى كورونا، حتى ما يسمونه مشروع الضم كورونا كارثية، كورونا في فلسطين تختلف عن أي كورونا بالعالم !!!!!!!.

الرئيس، على مدار الساعة، يقظ وموجود، يستطلع ويستمع ويتلقى ويجتمع ويتابع كل شاردة وواردة حول الفيروس المستجد وما يحاك في ظله، المسألة ليست صحية بحتة!!! وليست طبية بالمفهوم القائم!!! هي بلا تكهن أو تخليل، أزمة معقدة سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا، وفي الحالة الفلسطينية هي أزمة مركبة التعقيد ومفصلية.
بعد ما يزيد عن شهرين من أزمة كورونا في فلسطين، كلمة حق يجب أن تقال أن ادارة الأزمة كانت بمستوى عال، وأن حكمة الرئيس وتجربته غدت منارا عند دول تأخرت كثيرا في مواجهة كورونا!!!! حكمة " ابو مازن " وفن قيادته وتناغم توجيهاته مع تعليمات الحكومة كان لها كبير الأثر في تحقيق إستجابة مثلى للجمهور الفلسطيني؛ هذا الجمهور الذي كان له دورا مشهودا في مواجهة "كوفيد ١٩ ".

نحن ما زلنا في خندق المجابهة، هكذا حال لسان فخامته، خطر وتهديد كورونا وتبعياته لم ينتهي وعلينا الاستمرار في تنفيذ التعليمات لمواجهته وكبح جماح تغلغله وإنتشاره.

معركة الرئيس والحكومة والأجهزة الأمنية ووزارات الاختصاص ولجان المحافظات ما زالت مستمرة والمواجهة ليست مع كورونا وحدة، تداعيات كورونا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية هي الأخطر !!!!.

" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " و" قل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "، وكفانا الله واياكم شر هذا الفيروس اللعين وما سينجم عنه، وعاشت فلسطين حرة آمنة مستقرة.