الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

بين القبضة الحديدية وخطة إنقاذ المجتمع

نشر بتاريخ: 07/06/2020 ( آخر تحديث: 07/06/2020 الساعة: 15:30 )

الكاتب: نضال منصور

أحسنت الحكومة بحزمة القرارات الأخيرة التي اتخذتها لإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد ما يُقارب ثلاثة أشهر من التوقف الكلي والجزئي بسبب تداعيات جائحة كورونا.
التردد الحكومي والمراوحة بذات المكان كان قاتلا، ولم يكن مفهوما ومبررا عند عموم الناس بعد أن انحسرت حالات الإصابة وباتت الحالة الوبائية مُسيطر عليها.
اليوم يبدأ المجتمع حقبة جديدة لم يعهدها من قبل، ويُخالجهم الإحساس بنشوة النصر والتعافي، ويستعدون للانطلاق مجددا للحياة، مستذكرين أن الجائحة لم تنتهِ بعد، وأن العودة لممارسة أنشطتهم اليومية لا تعني التخلي عن الحذر، والالتزام بإرشادات السلامة العامة، وإهدار تعليمات التباعد الجسدي التي تحمي المجتمع وتُحصنه.
أعلنت الحكومة عن عودة كل القطاعات للعمل، ومددت ساعات التجول من 6 صباحا وحتى 12 ليلا، وألغت نظام الحركة الفردي والزوجي لاستخدام السيارات، وأعادت فتح دور العبادة، وسمحت بعودة المطاعم والمقاهي للعمل، وكل ذلك سيُعيد إنتاج طقوس الحياة، وحتما سيُنشط الحركة الاقتصادية التي تعرضت للشلل، وضربة موجعة.
الأردن ليس وحيدا في سياسة العودة للحياة الطبيعية رغم المخاوف والتحذيرات من موجة ثانية من فيروس كورونا، فأكثر دول العالم أنهت حالة الإغلاق وعادت للتعايش مع الوباء، والتحدي الآن كيف نُبقي حالة السيطرة والرقابة الوبائية فاعلة، وكيف نطور منظومة الصحة لمواجهة احتمالات تزايد الإصابات في ظل الانفتاح؟
هذه الأسئلة هي ما يجب أن تُجيبنا عليها وزارة الصحة، فتقول للجمهور في الأردن أنها طورت احتياجاتها وقدراتها، وتملك الكفاءة والجاهزية لمواجهة الوباء، وتُعلن عن معدل الإصابات التي يُمكن أن تتعامل معها بنجاح، وتحدد معايير واضحة وشفافة للوضع بدل الوعيد بأن الحظر سيُعاد إذا عادت الإصابات.
الأمر المهم صحيا وهو أيضا برسم الإجابة من الحكومة، لماذا لا تُعلن وزارة الصحة حملة لفحص مليون شخص خلال شهر حزيران؛ حتى تستطيع القول إننا فحصنا أكثر من 10 بالمائة من السكان، وعندها نكون أكثر دقة بإعلان الحالة الوبائية في بلادنا.
بعد مصفوفة الحكومة وفتح الأعمال يُصبح السؤال الأبرز ماذا تبقى من مهام يجب أن تتصدى لها، وتُعلن خطة واضحة الملامح للتعامل معها؟
عودة المدارس والجامعات وحضانات الأطفال قضية مُعلقة وشائكة، وفتح المطار والحدود البرية أمام عودة الأردنيين ليست قضية عابرة وسهلة؟
المعطيات الأولية تؤشر إلى أن الحكومة لا تريد الاستعجال بعودة الجامعات في الفصل الصيفي، والمدارس حُكماً انتهى العام الدراسي، وما يبحث كيف سنتعامل مع السنة الدراسية القادمة، وهل هناك متطلبات لتعويض الطلبة والطالبات على ما فاتهم في السنة السابقة، وإن كانت هناك ملاحظات على التعليم عن بعد؟!
أما فتح المطار والمعابر فالمؤكد أن الأردن لا يستطيع أن يبقى بعزلة، ومواطنوه الذين يعيشون بالخارج يريدون العودة، وبعضهم أنهيت خدماتهم بسبب الجائحة المدمرة، وآخرون يريدون أن يعودوا ليطمئنوا على أهاليهم، ولا ننسى أن قطاع السياحة تضرر، ولا زالت هناك فرص لإنقاذه خلال هذا الصيف، فما هي التدابير والإجراءات التي ستتخذها الحكومة؟
المعلومات المرجحة أن يبدأ الأردن باستقبال المسافرين من المطار والمعابر البرية مع بداية الشهر القادم تموز/ يوليو ومن دول مُحددة بعينها، وسيشترط على كل قادم فحص “كورونا” أجري قبل 3 أيام، ولن يلجأ للحجر في الفنادق أو الكرافانات، وإنما سيكتفى بحجر منزلي لمدة أسبوع، مع آليات للمتابعة والمراقبة.
الأردن في سباق لاستعادة عافيته الصحية والاقتصادية، وحتى تتبدد المخاطر فالمطلوب من الحكومة ليست قبضة حديدية للسيطرة على الناس، بل خطة ومبادرات لإنقاذ المجتمع من الكوارث التي عاشوها حتى تظل تباشير الأمل واعدة في الأردن.