الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

منصات التواصل الاجتماعي في مواجهة مخاطر كورونا والضم

نشر بتاريخ: 15/07/2020 ( آخر تحديث: 15/07/2020 الساعة: 10:15 )

الكاتب: د.ياسر عبيدالله

منذ أكثر من ستة شهور وجائحة كورونا تشغل حيزاً كبير على منصات التواصل الاجتماعي: ندوات ومؤتمرات ونقاش وتغريدات ومنشورات وكذلك مقاطع الفيديو ونكات ونقد وانتقاد، الا ان هذه الجائحة التي تضرب العالم وتحصد الارواح جعلت من الشعوب بعيدة عن التفاعل مع القضايا السياسية المحلية والاقليمية والدولية، وانشغل الناس بمتابعة تطورات انتشار الوباء كل في مكان اقامته، وقليل منهم يتتبع انتشاره في العالم ويقارن حاله مع الاخرين.

بالتزامن مع انتشار وباء كورونا استمرت الادارة الامريكية وحكومة الاحتلال في طرح قضية صفقة القرن بعد ان تم نقل السفارة الامريكية قبل عامين الى القدس ، وطرحت مشروعا تهويدياً جديدا تحت مسمى مخطط ضم اجزاء من الضفة الغربية واراض الاغوار وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، ولم يكن حجم التفاعل الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي قد ارتقى الى حجم التهديد والمخاطر الناجمة عن ضم أجزاء من الضفة الغربية ؛ وجاء الرد الفلسطيني الشعبي ضعيفا وخجولا مقارنة بقوة التحرك الدبلوماسي الفلسطيني ، حيث شهدت عواصم دول كثير في العالم تظاهرات وتصريحات ومقالات وتغريدات وحملات تضامن مع الشعب الفلسطيني رافضة الضم وإجراءات الاحتلال.

ومن خلال تصفح الكثير من المنصات الفردية والمنظمة نجد ان الفلسطينيين لم يصلوا الى حالة الوحدة الوطنية حتى في العالم الافتراضي، فهناك من ذهب بعيدا بالربط بين انتشار كورونا وطرح موضوع الضم واخرون تنكروا لوجود الفيروس واعتبروا انتشاره امرا عاديا؛ الامر الذي اسهم في انتشار الفيروس بطريقة خطيرة في بعض المحافظات الفلسطينية وفي مقدمتها محافظة الخليل، وبعد ان وصل الفيروس الى معظم بلدات واحياء المحافظة استشعر المواطنون خطر الانتشار وخرجت العشائر ببيان تلو الاخر تطالب بفرض اجراءات الاغلاق والتشديد على اجراءات السلامة؛ الغريب ان حزب التحرير ما زال غير مقتنع بانتشار الفيروس ويصدر بيانات تحريضية على قرارات المحافظين والسلطة .

لكن من وجهة نظر الخبراء والمختصين فأن منصات التواصل الاجتماعي يمكن ان يكون لها دور وظيفي في مكافحة جائحة كورونا والتضامن والمناصرة للحملات المناهضة للضم بعدة اشكال نذكر منها:

تنظيم ندوات متخصصة للنخب والخبراء والمختصين سواء على صعيد انتشار وباء كورونا او على صعيد مناصرة الحملات المناهضة لمخطط الضم؛

تصميم برامج توعية للمواطنين بأساليب الوقاية ومخاطر الاستهتار بمخاطر انتشار الفيروس ومخاطر التقاعس عن مناصرة القيادة في مجابهة مخطط الضم الصهيوني؛

التواصل مع العالم الخارجي من خلال ندوات اقليمية ودولية دعما للجهود الدبلوماسية التي تقوم بها وزارة الخارجية والسفراء والجاليات الفلسطينية وبكافة لغات العالم؛

التواصل بين الكل الفلسطيني لتجاوز قطع الاحتلال التواصل الجغرافي اينما وجدوا في الداخل الفلسطيني وقطاع غزة والضفة وفلسطيني الشتات من خلال منصات وطنية تجمع الكل الفلسطيني؛

انشاء منصات تسهم في رفع مستوى وعي المواطن بالقضايا الوطنية ومخاطر الاشاعات والتقاعس عن مناصرة القيادة الفلسطينية في مواجهة خيار الضم ودعم جهود الطواقم الطبية والامنية في مكافحة انتشار كورونا.

ومن المهم الانتباه الى أن الدور الشعبي في المناصرة قد تبلور من خلال وقفة العشائر في المحافظات لدعم جهود القيادة في مكافحة انتشار وباء كورونا وقد لقيت تلك الجهود ترحابا شعبيا واسعا؛ الا ان هذه الجهود لم تعكس نفسها في دعم القيادة في مجابهة مخطط الضم، حيث اقتصرت التظاهرات والحملات على نخب سياسية وتنظيمية ولم يتحرك الشارع الفلسطيني بالشكل المطلوب سواء على ارض الواقع او في العالم الافتراضي، وهو ما يحتاج لتنبه وعلاج.

الان وبعد توسع انتشار فيروس كورونا في فلسطين وبعد أصبحنا نرى اعداد المصابين بالمئات يوميا وارتفع العدد الى ما يقارب 7000 اصابة وأكثر من (46) حالة وفاة، يزداد خطر مخطط الضم، الذي يهدد فرص اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 ويقوض حل الدولتين؛ الامر الذي يعيد الفلسطيني الى مربع الصدام مع الاحتلال، ويهدد الاستقرار في المنطقة فقد اصبح الفلسطينين بين فكي الكورونا ومخطط الضم..

ان الجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية دون كلل أو ملل على كافة الاصعدة سواء في مكافحة الوباء وانتشاره أو مجابهة مخط الضم وانتهاكات الاحتلال، يبقى التحرك الشعبي مطلبا ملحا، ويجب ألا تكون جائحة كورنا سببا في تقاعس الفلسطيني عن مواجهة مخطط الضم. وهنا يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي ان تحدث تأثيرا قويا في تحريك الشارع الفلسطيني وفي تحفيز وتوحيد الجهود الشعبية على كافة المستويات العربية والإقليمية والدولية، وذلك من خلال تحرك النخب السياسية والاكاديمية الفلسطينية والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني، والتي قد بدأت تأخذ مكانتها في تحريك الجماهير والمساهمة برفع وعي المواطن بمخاطر التقاعس عن التضامن والمناصرة للحملات الوطنية ضد تهديد الضم بالتزامن مع حملات المناصرة للجهود الوطنية في مواجهة الوباء، وهو ما يحتاج لتعزيز وتضافر كل الجهود. ويبقى الرهان على وعي المواطن وعلى مدى فاعلية تلك المنصات النخبوية في رفع مستوى هذا الوعي واحداث التحرك المطلوب على الأرض ودعم الجهود المبذولة من القيادة على كافة الاصعدة.

الكورونا تضرب العالم كله بما فيه أميركا وإسرائيل، والأخيرتان لا تتراجعان عن المضي قدما في مخططاتهما، بل تستثمران انشغال العالم بالوباء للإقدام على تنفيذ تلك المخططات، وهكذا يجب أن تقابل هذه الخطوات بعدم الانشغال بالوباء على حساب القضايا الوطنية. وهو ما يفرض يفرض على النخب السياسية والاكاديمية في فلسطين والوطن العربي ان تتحمل مسؤوليتها في رفع وعي شعوبها بضرورة واهمية التفاعل مع كافة الحملات والتظاهرات الرقمية وعلى ارض الواقع ضد تلك المخططات، ويمكن استثمار ما تقدمه التكنولوجيا الحديثة من إمكانيات هائلة للتواصل والتفاعل من أجل النجاح في هذا المجال، حيث لم يعد هناك عالم افتراضي بحت، فقد تحول هذا العالم الى واقع في ظل انتشار جائحة كوورنا وفي كافة مجالات الحياة، ومعه باتت الحاجة للاستثمار في التكنولوجيا وتحويلها الى سلاح رقمي لا يقل اهمية عن سلاح المقاومة بل انه اذا ما استغل بالشكل الامثل فقد يحدث ثورة تدعم جهود القيادة الفلسطينية والموقف الفلسطيني وتضغط على الاحتلال والإدارة الأمريكية وتجبرها على التراجع عن قرار الضم .