الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل سيصلح بايدن ما افسده ترمب

نشر بتاريخ: 11/01/2021 ( آخر تحديث: 11/01/2021 الساعة: 18:59 )

الكاتب:

السفير حكمت عجوري

لا شك في ان تعقيدات المجتمع الاميركي وتركيبته لونا وعرقا ومذهب تجعلنا نميل للاعتقاد بانه وعلى قدر ما نجح العطار في اصلاح ما افسده الدهر سيكون حال الرئيس المنتخب بايدن في اصلاح ما افسده سلفه ترمب ليس فقط فيما يخص العنصريه التي اعادها ترمب للحياة وبقوة في المجتمع الاميركي بعد ان دخلت في بيات استمر لغاية اليوم الاول الذي دخل فيه ترمب الى البيت الابيض ولا ايضا فيما يخص الديمقراطية التي تعتبر اميركا حاضنه لها كونها من اهم سدنتها في العالم وذلك بعد ان وجه لها ترمب طعنه قاتلة بتحريضه لمئات من الغوغاء من مناصريه من اصحاب اللون الابيض العنصري لاقتحام مبني التشريع الاميركي في يوم تجلت فيه الديمقراطيه الاميركيه لحسم نتيجة الانتخابات الرئاسيه بعد تشكيك وتحريض استمر لاسابيع من قبل الرئيس المنتهيه ولايته ترمب بالرغم من الفوز الكبير لمنافسه بايدن .

السادس من يناير الذي ياتي بعد الانتخابات الاميركيه هو يوم مميز في اجندة الزمن الاميركي حيث يعلن فيه المشرعون عن هوية من سيرأس اميركا لاربعة سنوات قادمة وفي العادة يمر هذا اليوم بشكل احتفالي داخل المؤسسه التشريعيه -الكونغرس بشقيه- كونه يوم تعزيز وانتصار للديمقراطيه التي هي اساس الدستور الاميركي وهو يوم سابق ليوم احتفال التنصيب الرسمي لهذا الحاكم في العشرين من نفس الشهر. الا ان ما حصل هذه المره كان غير مسبوق بدمويته وخيانته للدستور الاميركي الذي اقسم ترمب كما كل رؤساء اميركا على احترامه وحمايته في شهادة امام العالم اجمع .

الدستورالاميركي يحمل في مواده ما يجعله قدوة للانظمه الديمقراطيه لدرجة ان البعض اعتبر ان ميثاق الامم المتحده الذي تمت صياغته من اجل حماية البشرية هو نسخة مكثفه عن هذا الدستور الاميركي الذي خانه ترمب في لحظة اصر فيها ترمب على ان يؤكد على طبيعته القاصره عقليا والمعجونه بخميرة العنصريه والجريمه بان قام بتحريض انصاره بالتمرد على الشرعية والدستور باقتحام مبني الكونغرس في لحظة انعقاد اعضائه لاعتماد نتائج الانتخابات الرئاسيه بهدف الطعن في هذه النتائج في محاولة يائسه منه لجعل القرار يميل لصالحه على امل ابقاءه في الحكم وهو بفعلته هذه وبسبب قصوره العقلي نسي او تناسى بان اميركا وكما نوه الرئيس الاسبق بوش الابن في تعليقه على ما حدث بان اميركا ليست واحده من جمهوريات الموز .

ترمب بفعلته هذه اثبت وبما لا يدع مجالا للشك صحة كل ما قيل فيه بدأ بشهادات حيه ذكرها .مايكل وولف في كتابه "النار والغضب" وفيما قالته فيه ابنة اخيه ميري ترمب في كتابها ."كثير جدا ولكن ليس كافي كيف خلقت عائلتي الرجل الاخطر في العالم" .اضافة لما قاله فيه جون بولتن مستشاره للامن القومي في كتابه "الغرفه حيث وقع الحدث" ومرورا بكل ما قالته وسائل الاعلام التي ما انفك ترمب بالتهجم عليها واتهامها بالتزوير واهانة كل من يعمل في هذه الوسائل وهو ما يجعل من ترمب عراب لعصابات مافيا ولا يصلح اطلاقا ليكون رئيس لدولة مثل اميركا.

ما صرح به الرئيس المنتخب بايدن من انه سيعمل في سنوات حكمه الاربعه على اصلاح ما افسده ترمب فانا لا املك كفلسطيني الا ان ادعو له بالتوفيق في هذه المهمه والتي هي في ظاهرها شأن اميركي بحت ولكن في باطنها ما هو اكثر من ذلك نظرا لموقع اميركا الريادي في العالم ولكن ما يعنينا كفلسطينيين هو ما الحقه ترمب من اذى لشعبنا الفلسطيني وقضيته العادله .

وفي هذا السياق اقول بانه قد لا يكون سهلا على الرئيس المنتخب بايدن في ان يلغي كل ما صدر عن ترمب على اعتبار انه قاصر ذهنيا وهو ما يبرر الالغاء كاستحقاق واجب التنفيذ وتحديدا ما اطلق عليه صفقة القرن كونها ومتعلقاتها كانت عمل غير قانوني وغير اخلاقي، مع العلم وهذا ليس سرا بان ترمب قام بالغاء كل ما صدر عن ادارة اوباما التي كان فيها الرئبيس المنتخب نائبا للرئيس وطبعا لا يتسع المقال لذكرها، ومع ذلك وضمن الممكن نتوقع من الرئيس المنتخب بايدن وذلك بسبب ادراكنا لحرصه وقناعته على حل الدولتين على الاقل العمل على انفاذ قرار مجلس الامن 2334 الذي تم اعتماده في الشهر الاخير لادارة اوباما وبموافقتها والتي كان فيها بايدن الرجل الثاني وهو ما يضع على كاهل بايدن شخصيا مسؤولية اخلاقيه لحماية هذا القرار وانفاذه ، اضافة لتذكير الرئيس بايدن بانه وابان ادارة اوباما كان متابعا وبشكل مباشر للمفاوضات الاسرائيليه الفلسطينيه الاخيره في سنة 2014 وهو الذي كشف واكتشف واسر لمقربيه في حينه من ان النتن ياهو كان المسؤول عن افشال هذه المفاوضات والتي وبسبب ذلك توقفت تماما ولا شك عندي في ان الرئيس بايدن على دراية بان افشال التفاوض كان وما زال سنة من سنن النتن ياهو وهو اسلوب تميز به النتن طوال فترات حكمه والتي حملت في ثناياها اهانات كثيره للاداره الاميركيه التي عمل فيها الرئيس المنتخب نائبا للرئيس ، الامر الذي يجعلنا نتفائل في ان يطرق الرئيس بايدن في مسعاه لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، بابا تفاوضيا اخر غير باب تفاوض الطرشان الذي كان يدور وباشراف اميركي حصري على مدار اكثر من عقدين من الزمن وسواء اكان النتن ياهو في الحكم ام في السجن ، وذلك باقحام اكثر للشرعيه الدوليه واشراك دول وازنه اخرى للاشراف على اي عمليه تفاوضيه في المستقبل اضافة لضرورة تحديد سقف زمني لهذا التفاوض ذلك ان اراد الرئيس بايدن فعلا انجاز ما يؤمن به في حل الدولتين كحل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

ان حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني على اساس قرارات الشرعيه الدوليه يعتبر خطوة هامة جدا باتجاه استعادة اميركا لهيبتها على المسرح الدولي بعد كل هذا الدمار الذي احدثه ترمب في هذا المجال كما سيساهم بشكل كبير على استعادة الحزب الديمقراطي الاميركي لمصداقيته كونه الحزب الذي رعى وباشراف الرئيس الديمقراطي كلينتون في سنة 1993 المصافحة الشهيره بين الزعيمين عرفات ورابين وبحضور وتوقيع الرئيس الفلسطيني ابومازن الذي ما زال ينتظر ومنذ ذلك الوقت الانصاف لشعبه بقيام الدوله الفلسطينيه ذات السياده على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقيه وبذلك يتم اقفال اخر ملف من ملفات الحرب الباردة .