الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إسرائيل خارج الاتحاد الأفريقي

نشر بتاريخ: 03/03/2023 ( آخر تحديث: 03/03/2023 الساعة: 15:29 )

الكاتب: هبه بيضون

قام رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بالإعلان عن تعليق عضوية إسرائيل كمراقب في المفوضية، وذلك في خطوة تصحيحية لإدخال نظام الفصل العنصري والاستيطاني الإسرائيلي للاتحاد الأفريقي، وقد لاقى ذلك ترحيباً من قبل المجموعات والمنظمات الأفريقية المختلفة، منها شبكة التضامن الأفريقي مع فلسطين، التي أصدرت بياناً بهذا الخصوص، ذكر فيه أنّ نظام الفصل العنصري والفكر الصهيوني يتناقضان مع القيم والمبادىء الأفريقية المنصوص عليها في الميثاق الأفريقي للشعوب وحقوق الإنسان.

دعا البيان اللجنة المكونة من رؤساء الدول الأفريقية، والتي تم إنشاؤها من قبل الاتحاد الأفريقي، إلى إلغاء اعتماد إسرائيل أو إلغاء أيّ مكانة لها تسمح بوجودها في الاتحاد، في خطوة باتجاه إزالة إسرائيل من القارة الأفريقية. وطالب البيان بأن يكون إبعاد الدبلوماسيين الإسرائيليين من جلسة افتتاح مؤتمر الاتحاد الأفريقي الذي عقد مؤخراً ملهماً لاقتلاع جميع القوى الاستعمارية وأيّ وجود عنصري استعماري في القارة الأفريقية.

وأشار البيان إلى أنّ إسرائيل العنصرية تتوسع في القارة الأفريقية، فهي تقوم بتأجيج الصراع والفساد، ونهب الموارد الطبيعية للقارة، ونشر التضليل والخوف وذلك من خلال بيع وترويج الأسلحة والتكنولوجيا التي تم تطويرها من خلال تجريد الشعب الفلسطيني من أملاكه، وممارسة سياسة الاضطهاد والحرمان عليه.

وقد أوضح البيان أنّ إزالة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي من أفريقيا يعكس الهوية الأساسية للإتحاد الأفريقي، ويمنحه صوتًا قويًا يتحدّى به سياسة المعايير المزدوجة والنفاق التي تعامل بها القارة الأفريقية والفلسطينيين من قبل ما يسمى دول "شمال العالم" المهيمن، والتي تضم أميركا، أوروبا، كندا، أستراليا، اليابان، روسيا، نيوزيلاندا وكوريا الجنوبية.

وبصفتهم أفارقة من جميع أنحاء الدول الأفريقية، فقد أعاد البيان التأكيد على الصلة التاريخية الجوهرية بين الأفارقة وبين الشعب الفلسطيني الأصلي، كما أكّد على الطموح الجماعي المشترك بين الشعبين، الأفريقي والفلسطيني، نحو العدالة والحرية والمساواة، مشيراً إلى لمحة العدالة التي ظهرت جليّة في قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة، وكذلك في جوهر الميثاق الأفريقي للشعوب وحقوق الإنسان، وتطرّق البيان إلى التزام الدول الأفريقية بالقضاء على الاستعمار والاستعمار الجديد والفصل العنصري والصهيونية، وطالب أيضاً الاتحاد الأفريقي وجميع الدول الأعضاء فيه بالتصدّي لإسرائيل الاستعمارية والعنصرية، بحيث يتضمن ذلك الاعتراف العلني بأنّ إسرائيل ترتكب جرائم حرب دولية وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، كما طالبهم بالامتناع عن الاعتراف بأيّ شرعية للوضع غير القانوني الناشىء عن نظام الفصل العنصري الاستعماري في إسرائيل، وأكّد على أنّ الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء فيه، وتماشياً مع إلتزامهم بالقانون الدولي، لا يسهمون ببقاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة.

كما طالب البيان بتنفيذ حظر إلزامي وشامل على الأسلحة وعلى جميع أشكال التكنولوجيا العسكرية وتكنولوجيا الأمن وبرامج التجسس، في خطوة ضد إسرائيل. وأخيراً دعا البيان إلى دعم تبنّي الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يتعلق بإعادة تشكيل اللجنة الخاصة ضد التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، وكذلك إعادة تشكيل مركز الأمم المتحدة ضد الفصل العنصري، وذلك لمواجهة جريمة الفصل العنصري التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني كافة، وتمكين هذه الهيئات من ملاحقة فرض العقوبات لتفكيك نظام الفصل العنصري الاستعماري في إسرائيل بصورة استباقية.

وبناء على ما سبق، نجد أنّ إسرائيل منبوذة بصورة كبيرة من قبل الدول الأفريقية، وذلك لاستمرار احتلالها لفلسطين، وترسيخ وجودها فيها من خلال البناء المستمر للبؤر الاستيطانية، وكذلك لممارساتها العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، والتي تمثّلت بكثير من المظاهر غير الإنسانية التي لا تتوافق مع أيّ من المبادىء ولا القيم ولا الأخلاق، ولا مع القانون الدولي والمعاهدات الحقوقية الدولية.

إنّ ما قام به رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية إسرائيل كمراقب في المفوضية هو عمل شجاع، فعلى الرغم من الدعم الدولي الغربي لإسرائيل، والمصالح التي تجمع بين أفريقيا والغرب، إلّا أنّ ذلك لم يؤثر على المواقف الثابتة للدول الأفريقية في مناهضة الاحتلال والأبارتهايد، وهذا ما نتمنى أن تقوم به الدول العربية والإسلامية، إنطلاقاً من أنّ نظام الفصل العنصري والفكر الصهيوني يتناقضان أيضاً مع القيم العربية والإسلامية، وأقل ما يمكن فعله هو اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل للضغط عليها من أجل وقف ممارساتها العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، ووقف الاستيطان، ووقف ممارساتها القمعية غير الإنسانية ضد الأسرى في المعتقلات الصهيونية، وإنهاء الاحتلال، وبالتالي تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وفق قرارات الشرعية الدولية، وعودة اللاجئين إلى بلداتهم وقراهم التي هجّروا منها قسرياً، وتبييض المعتقلات، وأريد التنويه هنا أنّ المطالبة بإطلاق سراح جميع الأسرى يجب أن يكون مطلباً جلياً ومتلازماً دائماً مع المطالبة بإنهاء الاحتلال وبقية الحقوق الفلسطينية المشروعة.

كما أطالب الدول العربية، خاصة تلك المطبعة منها، وكذلك الدول الإسلامية، والتي من المفترض أن تكون جميعها ملتزمة بالقانون الدولي، بعدم الإسهام ببقاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وعدم الاكتفاء بإدانة الممارسات العنصرية، بل بالعمل على تقويضها بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية واتخاذ خطوات ضاغطة كما سبق ذكره.

أما بالنسبة للحظر، فلو قامت الدول العربية والإسلامية المطبعة بفرض حظر إلزامي وشامل على جميع أنواع التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، بما فيها شراء الأسلحة والتكنولوجيا منها، والتي كانت من ضمن المغريات لإتمام التطبيع، لاستطاعت أن تفرض شروطها لصالح الفلسطينيين لاستئناف تلك العلاقات، حيث تعد المقاطعة الاقتصادية من أساليب الضغط على دولة الاحتلال للانصياع للقانون الدولي بما يخص الحقوق الفلسطينية.

وعلى الدول العربية والإسلامية أن تطالب وتؤيد وتضغط باتجاه تبنّي الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار المتعلق بإعادة تشكيل اللجنة الخاصة ضد التمييز العنصري وإعادة تشكيل مركز الأمم المتحدة ضد الفصل العنصري.

فلو قامت كل دولة بما هو متوقع منها، لتكاملت الجهود مع الدول الأفريقية ومع الدول الصديقة لفلسطين من دول العالم، لتحقيق نتائج تصب في صالح القضية الفلسطينية.