الإثنين: 04/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الهيلوكوبتر

نشر بتاريخ: 20/05/2024 ( آخر تحديث: 20/05/2024 الساعة: 13:41 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام




يجلس الشرق الأوسط كله على برميل ديناميت بانتظار أي حادث طارئ . ولو وقع أي حادث سواء كان من الطبيعة او فيضان او حريق او غرق مركب او انفجار ترى ان السكان لا ينامون من شدة القلق والمتابعة حتى الفجر، ويخشون ان هذا الحادث انما هو مجرد بداية لسلسلة من المصائب القادمة .
ويعيش سكان الإقليم على حافة الانفجار في اية لحظة يحدث فيها أي تدهور ميداني مقصود او غير مقصود ، ويذهب الجميع بنظرية المؤامرة الى اقصى خيال ممكن . والسبب هو الصراع الدموي الذي تديره إسرائيل وامريكا ، والحرب المجنونة ضد غزة وباقي الدول العربية . فلا نشعر بالأمن ولا بالأمان ولا بالحياة الرتيبة على طبيعتها.

وبينما نشاهد عبر مواقع عبرية حالة التشفي الإسرائيلي على وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، وعناوين الصحف العبرية وشرب الأنخاب على حادث تحطم مروحية ، نتذكر ما كتبته الصحافة العبرية يوم وفاة الزعيم عرفات وعنوان (ادفنوه عميقا في التراب) .. كل هذا لا يمنعنا ان نتذكر ان رئيس وزراء إسرائيل رابين تم قتله وسط تل ابيب من احد مؤيدي اليمين اليهودي لأنه وقع اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وباعتراف القاتل يجئال عمير انه قتل رابين لأنه وقع اتفاق أوسلو .
الشماتة في الموت من صفات السفهاء سواء كانوا افرادا أو مجتمعات او أنظمة وحكومات . فحين يتوفى الانسان يخرج من دائرة التنافس ، ولا يفيد من بقي حيا ان يتنافس مع رجل ميت !!.

لم تسقط مروحية الهيلوكوبتر الرئاسية الإيرانية فقط ، بل سقط في الإقليم كله في بئر القلق . من سوريا والعراق فاليمن ولبنان وغزة وسقط الجميع في فوهة بركان الاحتمالات والظنون، والاسئلة اللامتناهية .
كان للزعيم عرفات ثلاث مروحيات هيلوكوبتر. وقد قصفتها إسرائيل أيام شارون وهي في مرابضها في غزة. ولليوم يقف مهبط المروحيات في في كل محافظة شامخا, فقد ظلت المهابط واختفت المروحيات !.
وقالت روسيا انها سوف تتبرع لفلسطين بثلاث مروحيات عوضا عنها. فلا هي تبرعت ولا رئيسنا أبو مازن طالب بها لأنه لا يحب الهيلوكوبتر أصلا .
نحن قلقون جدا من حياتنا ومن طريقة موتنا . قلقون لدرجة لم نعد نعرف كيف نعيش بلا قلق. قلق فوق رؤوسنا وفي طعامنا وفي نومنا، وقلق في مدارسنا وفي شوارعنا .
وفي علم النفس يقلق الناس جدا جدا من المخاطر التي تحيق بالزعماء، اكثر مما يقلقون من المخاطر التي تحيط بهم وبأولادهم .
والسبب انهم يقولون لأنفسهم: اذا كان الرؤساء والزعماء ورغم كل الحماية والحراسة يحدث لهم هذا . فما بالنا نحن بلا حماية ولا أمن !.