الكاتب:
رئيس التحرير/ د. ناصر اللحام
من لديه خلافات مع منظمة التحرير او مع رئيسها محمود عباس على طريقة الحكم ، او منهاج السلطة ، او فكر المفاوضات. فهذه خلافات قائمة وتاريخية كانت موجودة بقوة منذ انطلاقة الثورة وسوف تبقى بعد ابو مازن .
والسياسة فن الاختلاف وطريقة ادارة الخلاف . وشكل الشكل ومضمون المحتوى حتى يصبح الصديق عدوا والعدو صديقا ، ثم تنقلب الامور من حال الى حال .
منذ السابع من اكتوبر اعلنت حركة حماس عملية طوفان الاقصى وهي ( غزوة) قوية وساحقة تركت اثرا كبيرا ؛ وخلقت حربا لا قبلها ولا بعدها .
استغلت اسرائيل العملية في ابادة غزة ومدن غزة وشعب غزة واطفال غزة . ولاجل البقاء في الحكم جمع نتانياهو غلاة اليمين حوله وحقق لهم جميع برامج التطهير والعنصرية والأبارتايد وفجر الصراع الديني والعرقي .
بعد صمت طويل وثقيل من ابو مازن ومن رئيس حماس يحيى سنوار ، فهما لا يتحدثان للناس منذ ١١ شهرا . القى ابو مازن كلمة قوية ومن العيار الثقيل امام البرلمان التركي وبحضور الرئيس اردوغان والقيادات التركية .
الكلمة خلقت حراكا سياسيا وثقافيا في الداخل الفلسطيني بشكل كبير . وبين مصدّق ومشكك ، بين مؤيد ومعارض .. وقف الجميع عند سؤال : هل يذهب ابو مازن الى غزة فعلا؟ متى؟ وكيف؟ وبرفقة من ؟
لفت انتباهي ان الرئيس الفلسطيني يلقي خطاباته عادة على منصة الامم المتحدة ، وعلى منصة جامعة الدول العربية . ولكنه هذه المرة تحدث باسم فلسطين امام البرلمان التركي وحصد تصفيقا لاربعين مرة وهو رد على الطريقة التركية الاسلامية على تصفيق الكونغرس الص-هيوني في امريكا لنتن ياهو .
أعرف ابو مازن جيدا . وهو رجل عنيد ولا يسامح ولا ينسى ، ولا يفرط في عواطفه بسهولة ولكنه يعطي فرصة ثانية وفرصة ثالثة .
امريكا حسمت امرها للتغطية على جرائم اليمين المتطرف في القدس وفي الضفة ايضا . وامريكا ترى كيف ان الدبابات الاسرائيلية تقتحم رام الله كل ليلة وتمر بجانب مكتب الرئيس ابو مازن وبجانب منزله . و ان الاحتلال احتجز جواز سفر الفريق جبريل الرجوب امين سر اللجنة المركزية لفتح وطالبه بمراجعة سجن عوفر !!
ابو مازن يقرأ العناوين جيدا .. ويعرف ان وزراء حكومة نتانياهو يريدون تحطيم السلطة لنهب اراضي الضفة وتهويد المسجد الاقصى.
الجميع اهتم بعبارة انه سوف يذهب الى غزة .. ولكنه قال ان امريكا هي الطاعون والطاعون هو امريكا وهذا كلام مباشر للرئيس بايدين .
خلال الساعات القادمة سوف نعرف اذا نتج عن مفاوضات قطر اتفاق للحرب ام انها لعبة اخرى من الاعيب بايدين - نتانياهو .
في حال لم تتوقف الحرب على غزة وعلى الضفة والقدس .. فانني اتوقع ان الرئيس ابو مازن قرر ان يكتب بيده الفصل الاخير في الشهر القادم من خلال خطابه امام للامم المتحدة .
وكما تؤكد استطلاعات الرأي فعلا فان الشرق الاوسط لا يحترم الضعيف ولا المسالم ولا داعية السلام .. ولكن الشرق الاوسط ذاته لا يسامح ابدا في موضوع الديانات ، ولسوف يرى العالم ان الضعيف ليس الفلسطيني بل هو نتانياهو وهو بايدين ومعه سوناك البريطاني وماكرون الفرنسي وشولتس الالماني شاهد الزور .. هم الذين رحلوا واذا اعلن ابو مازن ان ما يحدث في المسجد الاقصى صراع ديني ، فان الشرق الاوسط ونصف العالم سوف يفقد الامن والسلام لاجيال قادمة .