الخميس: 12/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترامب وإسرائيل والعرب

نشر بتاريخ: 08/11/2024 ( آخر تحديث: 08/11/2024 الساعة: 20:26 )

الكاتب:

باسم شحادة

تقوم فلسفة ترامب على مفهومين هما العقيدة السياسية والعقيدة الامنية. اما السياسية ترتكز على ما اصطلح عليه "الراكبون بالمجان"، وتعني ان الولايات المتحدة لن تقدم اي دعم سياسي لاي من الحلفاء او المنظمات الاقليمية والدولية الا اذا كان هذا الدعم مدفوعا او يصب في مصلحة الولايات المتحدة.

هذه السياسية هي التي حكمت وستحكم العلاقات مع دول الشرق الاوسط خصوصا العربية منها. كما كان خلال ولايته السابقة. اعتمد ترامب مبدا افتعال الازمات وإدارتها كما حدث بين قطر وكل من السعودية والامارات. تحصل ترامب من إدارة تلك الازمة على ما يقارب ترليون دولار من الاطراف المتورطة في الازمة. اغدقت السعودية والامارات تلك الاموال ليغض ترامب الطرف عن سلوكياتها و سياساتها.

ترامب يخلق الازمة لكن دون ان تتورط فيها الولايات المتحدة او تتحمل فيها اعباء مالية او عسكرية. هذا النهج كان جليا في خطابة الاخير عندما اشار الى امتلاك الولايات المتحدة لجيش عظيم، مضيفا ان هذا الجيش لن يتم استخدامه خارج الولايات المتحدة. حيث قال " يعتقد الكثيرون انني قادم لادارة حروب... انا لن ابدا منصبي بشن اية حرب."

بالنسبة للانظمة العربية هي منقسمة بين انظمة تفضل الديمقراطيين كحلفاء لانهم يعتمدون عليهم تنفيذ ادوار وظيفية في بعض الملفات الامنية والسياسية في المنطقة مثل الاردن وقطر، هذه الدول سوف يتراجع دورها بشكل كبير خلال ادارة ترامب. خصوصا الاردن الذي يعتمد كليا على الدعم المالي من الولايات المتحدة وقد تحول الى مؤسسة امنية في خدمة الإدارة الامريكية في عهد بايدن. بينما الجمهوريون يعتمدون في ادارة الملفات الاقليمية على السعودية التي تربطهم بها علاقة قوية وضع اسسها الامير بندر بن سلطان عندما كان سفيرا للسعودية في واشنطن. حيث اسس علاقات عمل مع عائلة بوش الاب والابن. وهي علاقة اقتصادية واستثمارية ضخمة استفاد منها ترامب وصهره جاريد كوشنر و جنوا المليارات من صفقات اقتصادية حكومية وشخصية. لذا فان نظامي السعودية والامارات هما الاكثر سعادة بفوز ترامب و استعدادا للتعامل معه.

ـ حرب غزة ولبنان

يرى ترامب ان الحرب ليست في مصلحة الكيان الصهيوني. لانه يعتقد ان ما ستحققه إسرائيل دون الحرب يفوق ما تحققه الإبادة الجماعية. وقد اثبت ذلك خلال ولايته الاولى. ترامب قدم لإسرائيل انجازات لم يقدمها اي رئيس امريكي آخر. فقد فرض اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج والمغرب. نقل السفارة الامريكية من القدس لتل ابيب. حارب السلطة الفلسطينية التي هي الشرعية التي تهدد إسرائيل. فقطع الدعم عن رام الله و سحب الاعتراف بمنظمة التحرير واغلق مكتبها في واشنطن. ترامب حقق اهداف إسرائيل بما فيها توسيع حدودها على حساب دول الجوار دون الدخول في حروب استنزاف مع جبهات المقاومة كما يحدث الان. لذلك ترامب سوف يأمر بوقف الحرب لانها تستنزف الكيان وتهدد وجوده.

حسب تقرير مجلة أتلانتيك ترامب سوف يفرض التطبيع على السعودية من خلال سياسية المساومة والابتزاز. كما حدث سابقا فقد ساوم المغرب بين التطبيع وملف الصحراء الغربية. و ساوم السعودية نفسها بين دفع الخاوة او فتح ملف تورطها في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. حسب اتلانتك ايضا، السعودية تطمح من التطبيع ان يوافق ترامب على امرين، الاول اتفاقية استراتيجية للحماية تكون بها الولايات المتحدة ملزمة بالدفاع عن النظام السعودي وضمان بقاءه واستقراره. الثاني الحصول على برنامج نووي للطاقة السلمية قد يتحول الى عسكري مستقبلا لمواجهة ايران. تشير المجلة ايضا ان السعودية لا يعنيها ان تقام دولة فلسطينية. لكن يجب ان يكون ترويج لفكرة حل الدولتين والتسويف به لكي تمضي بالتطبيع. يورد التقرير عن لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، ان بن سلمان قال لبلينكن بكل وضوح انه لا يهمه مطلقا ان كانت هنالك دولة فلسطينية ام لا. بل هو يحتاج الى الهدوء والتلويح بحل يفتح المجال امام التطبيع ليسير كما هو مخطط له.

ترامب لن يجلب الدولة الفلسطنية التي لم تعد في محور اهتمام الولايات المتحدة التي اسقطت تماما فكرة حل الدولتين. سوف يامر ترامب بوقف الحرب لكنه في المقابل سوف يمرر ملفات واتفاقيات سوف تكون اخطر واكثر كارثية على الفلسطنيين والمنطقة بأسرها بالتواطؤ طبعا مع الانظمة الوظيفية العربية. ترامب سوف يعيد الزخم لفكرة صفقة القرن، لكن في المقابل قد يطلق رصاصة الرحمة على السلطة الفلسطنية لانه لا يريد للفلسطينيين كيان شرعي.