الإثنين: 09/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الحفرتلي" وزوجة رجل مهم

نشر بتاريخ: 06/04/2015 ( آخر تحديث: 06/04/2015 الساعة: 01:33 )

الكاتب: محمد اللحام

الضابط "هشام: أنا خدمت البلد. ولولاي كانت الفوضى خربت كل حاجة.. احنا يا حضرة الصحفي مجدي في حالة حرب.. ومسئوليتنا حراسة البلد من الأعداء.
مجدي: الحرب الحقيقة احنا عارفين جذورها وأطرافها. إنما الحرب اللي أنت بتتكلم عنها مش موجودة إلا في تفكيرك وتفكير اللي زيك.. أنتم اخترعتموها.. وتشغلوا البلد بأعداء وهميين..فقط لخدمة مصالحكم ونهب البلد .

الضابط هشام: "بالتأكيد أنت عميل أجنبي." بكل بساطة يتهمه بأشد تهمة ممكنة وهي الخيانة العظمى، وهي فلسفة ما فتئ يؤمن بها من هم على شاكلة هشام. من يعارضك هو عميل أجنبي، أنت الوحيد الوطني، فأنت من يمثل الدولة وأنت من تعمل لحمايتها وهؤلاء يريدون خرابها وهدمها.
هذا جزء من الحوار في فيلم "زوجة رجل مهم" - الذي كتبه السيناريست والناقد رؤوف توفيق وأخرجه محمد خان - هو بمثابة وثيقة دائمة لسيكولوجية المستبد ورحلة صعوده وسقوطه حتى ولو بعد حين فلكل طاغية هاوية .

الفيلم يتحدث عن الضابط "احمد زكي في دور هشام" الذي يبطش بكل الناس حتى زوجته"ميرفت أمين" ووالد زوجته بحجة حماية البلد ويلفق تهم الخيانة ومعارضة السلطة بقناعة انه الوطني وكل من يعارضه او يقف في طريق انطلاقته خائن يجب البطش به .

حتى تستغني عنه المؤسسة الأمنية بعد أحداث ظلم وفساد "1977"تخرج للعلن مما يؤدي لعدم تقبله الأمر وكتمان قرار إخراجه من الخدمة على أهل الحي والعائلة محاولا الاستمرار بالغطرسة دون ان يعلم بان الجميع يعرف حقيقة فقدانه للوظيفة وفضحها له حتى بائع الخضار وبواب العمارة .


لم يستوعب هذا المريض الأمر مما يؤدي به لقتل والد زوجته والانتحار في نهاية الفيلم .


فيلم رائع لتعدد النماذج المسحوبة عليه حتى يومنا هذا ومن هم يعيشون بين ظهرانينا دون الاعتبار من هذه التجارب التي أدت في النهاية لتدوسهم بالأحذية في الشوارع العربية بأقدام الجماهير التي كانت تهتف لهم خوفا حتى كسرت هذا الخوف وقالت كلمتها .


هذه النوعية التي تعتقد بنفوذها أنها قادرة على لي عنق الكلمة الحرة والفكرة بعصا غليظة او بلي عنق رغيف الخبز في سبيل الاستحواذ والقمع والإسكات من باب معاشرتهم للغلمان والمخصيين على اعتبار أنهم النموذج السائد دون إدراك ان هنالك من يمتلكون إيقاع الوجع في حلوقهم بمفعول الكرامة .


هؤلاء يوهمون أنفسهم بامتلاك توزيع الشهادات الوطنية والخيانية على الناس وهم ليس أكثر من قوة صوتية غاشمة نراهم والله "اوهن من جناح البعوضة" ووطنيتهم أصلا مشكوك بها بفعل استبعادهم من القائد السابق رغم محاولات التمسح به بعد رحيله "رحمك الله يا ياسر عرفات".


ووصلت حالتهم المرضية لمرحلة خطيرة تمثلت بان يطلقوا على أنفسهم لقب الزعيم على الشاشات دون ان يدروا بفعل الحالة المرضية ان الزعامة تمنح من الجماهير ولا يطلقها على نفسه الا مخبول مجنون ونهاية القذافي ما زالت ماثلة يا اخرق.

نموذج الحفرتلي الذي أوهم نفسه بان الوطن متمثل بشخصه وأي مس به هو مس بالوطن يمثل بيننا ببيوته العديدة المتناثرة بمسابحها وحدائقها في كل المدن وتلك التي في الخارج عدى عن أسهمه في شركات وبنوك "دبي-لندن-القاهرة-عمان" لقد انتقل من مرحلة الفساد الى مرحلة النهب معتقدا انه بمحاولات البطش "الدونكيوشوتية" قادر على الديمومة بتسويق مهاراته على طريقة "اللمبي" .

الحفرتلي من يبيع الاوهام للناس سارقا احلامهم وموالهم خاطفا الاماني ليسوق نفسه عبر ابواق تبرع هي الاخرى بوصف معارض الحفرتلي بالقلم المأجور والاصفر والمرتد والخائن والخارج عن الصف الوطني في اسطوانة مشروخة ونغمة لم تعد تطرب حتى الجاهل وهي نفس الاقلام التي كانت تطبل وتزمر لمن سبقه وهي نفسها من ستلعنه بعد رحيله.

فالحفرتلي الذي يتفاخر بالقدرة على القمع بالمنع والسماح والحجب ما هو الا نموذج لأصحاب النهايات المخزية بجانب حاوية قمامة او في منطقة مقطوعة دون تعجب فمن كان يعتقد ان القذافي سينتهي به المصير في مصرف للمجاري وان زين العابدين سيتستر بالليل للهروب !! .

نحن لا نخافكم ولا نراكم سوى أبطال من ورق لمرحلة قذرة نلعنها ونلعنكم من باب احترامنا لأنفسنا ومن يخافكم ويلف لفكم إلا من امتهن الهوان على طريقة الغلمان.