السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس تُغتصب.. يا أمة المليار ونصف المليار مسلم!

نشر بتاريخ: 19/10/2015 ( آخر تحديث: 19/10/2015 الساعة: 12:02 )

الكاتب: هبة الوعري

إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن لما يحدث على أرضٍ خلقت للسلام وما رأت يوماً سلاما..
يا من تنامون في أمن وأمان والقدس غارقة في الجرح لم تنم.. يا من تعقدون القمم لساعات قصيرة وترحلون وشلال الدماء يتدفق يومياً على أرض فلسطين، يا من تصفقون لإسرائيل وأطفال فلسطين تُذبح ونساؤها تُرمل، ها هم شباب القدس وكل الغيورين على وطنهم الرازحين تحت نير الاحتلال وعدوانه المستمر يدافعون عن أرضهم بعملياتهم البطولية الثائرة ويمتطون جيادهم يتسابقون إلى جنات العلى ليهدوا أرواحهم شهداء لله وللأرض ولفلسطين لتبقى دماؤهم الزكية والطاهرة شاهداً مدى الحياة على تخاذلكم يا حكام العرب، وها هي الهبّة الشعبية التي انطلقت من القدس وحرمها الشريف امتدت حتى غزة هاشم, غزة العروبة والصمود.

القدس تصرخ وتستغيث ولا من مجيب القدس تستباح حرمتها من قطعان المستوطنين، المسجد الأقصى دنس بنعال الغاصبين، نساء فلسطين المرابطات يتصدين بأجسادهن النحيلة لاقتحامات المستوطنين نيابة عن مليار ونصف المليار مسلم!، المستوطنون يؤدون طقوسهم التلمودية علناً في باحات المسجد الأقصى المبارك ويتلون توراتهم بصوت مرتفع، كما طالت أياديهم الإرث التاريخي لمسجدنا المبارك، مصاطب العلم تطرد وتمنع من دخول الأقصى، أين أنتم يا أصحاب الضمائر الحية؟ أين أنتم يا أمة المليار ونصف المليار مسلم؟.. هل أصبح لا حرمة لمسجدنا الأقصى المبارك؟ أين أنتم يا أصحاب الشعارات الرنانة؛ ويا أصحاب المسيرات المخجلة، ألم تعد القدس بوصلتكم؟ ألم تتحرك نخوتكم عندما شاهدتم على شاشات التلفزة أيادي المستوطنين الخاسئين وجيش الاحتلال يتطاولون على أخواتنا المرابطات والاعتداء عليهن بالكدمات والركلات؟ أين أهل المروءات؟ من المؤسف جداً أن هذه الصور لن تحرك سكونكم ولن تهز رجولتكم ولن تُدمع أعينكم، والأنكى من ذلك السكوت الفاضح تجاه استمرار المستوطنين في الحفريات اليومية أسفل مسجدنا المبارك والتي تنذر بخطر حقيقي ولا ننسى هنا الاعتقال المتكرر للأطفال تحت سن 18 عام أطفال بعمر الورد يعتقلون ويعذبون، حقاً نحن نعيش أيام مزرية وأليمة تنتهك فيها حرماتنا وأعراضنا في خضم تخاذل وتواطؤ مخزٍ حتى في الإعلام العربي، ربما هي سنين عجاف كون أننا نفتقد فيها إلى كرامات العرب! فسكونهم جعل من شبابنا وشاباتنا ينتفضوا انتفاضة شعبية وعفوية ثائرة لحماية كل شبر من تراب أرضنا، ها هم أطفال القدس يقارعون الاحتلال بحجارتهم وصدروهم العارية فقد تمرسوا في التضحيات والصمود والكفاح، ويحاربون وحدهم في الميدان ليدافعوا عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وها هو الالتحام بين الثائرين والثائرات في أرض المعركة في الضفة وغزة الملثمين بالكوفية الفلسطينية رمز الكفاح والنضال كوفية الياسر الجاسر أبو عمار.

سألتني صغيرتي وأنا أكتب هذا المقال: (ماذا تكتبين يا ماما ولمن تكتبين؟) سُررت بسؤالها ثم أجبتها: أكتب يا صغيرتي عن دولتنا فلسطين التي احتلتها اسرائيل عنوة عنا وقسمتها وأكتب عن مسجدنا الأقصى المبارك الذي يُدنس يومياً من قبل المستوطنين الغاصبين، وعن عاصمتنا الحزينة القدس الشريف؛ وأكتب عن الألم هناك وأخاطب كل الضمائر الحية على وجه الأرض لأنه من واجبنا جميعاً أن نحمي وندافع عن قدسنا ومقدساتنا الإسلامية وحمايتها وإني أكتب عن الجرائم هناك حتى يصل صوتي للعالم وبإذن الله سنسترد أرضنا التي هي ملك لنا وحدنا، ثم صمتت صغيرتي برهة من الوقت وقالت لي: (ليش يا ماما ما بنروح كلنا من غزة على القدس ونزور الأقصى ونصلى فيه وندافع عنه؟) حيرتني الإجابة على سؤالها حقيقة؛ فقد خبأت بعض الإجابات عنها ثم حدثتها: لازلت أذكر عندما كنت صغيرة بعمرك حينما ذهبت إلى القدس وصليت في المسجد الأقصى المبارك مع جدك وجدتك وهما والديَّ ومشينا هناك في أزقة وشوارع القدس العتيقة فهي مدينة جميلة جداً بأهلها وشوارعها وحاراتها واشترينا وقتها كعك القدس طيب المذاق، ثم زرنا أقاربنا في باب العامود وهو أحد أبواب المسجد الأقصى وقضينا أيام قليلة هناك من الصعب نسيانها مدى الحياة لروعتها وستبقى محفورة في صميم الذاكرة، ثم انشغلتُ عنها قليلاً وبعد ذلك تفاجأت عندما وجدتها قد أعدت بوستر كبير كتبت عليه (القدس لنا) ثم ألصقته وحدها بدقة على باب المنزل، كم أدهشني وأسعدني تصرفها رغم صغر سنها، وتساءلت في نفسي: طفلة السبعة أعوام تحركت مشاعرها وعبرت عن خواطرها بأقصى سرعة فمتى سيأتي الوقت لتتحرك فيه كافة الجيوش العربية لنصرة الأقصى؟ ألا تستحق فلسطين التضحية؟.

سأشير هنا في مقالي إلى رسم الكاريكاتير الذي رأيته عبر إحدى المواقع الإخبارية وأصبت بالأسف على حال الأمة والذي يحاكي الخذلان والغفوة العربية تجاه ما يحدث للمسجد الأقصى المبارك حيث رُسم في الكاريكاتير ثلاثة أشخاص وبجانبهم المسجد الأقصى، فيقول الأول وهو شاب مقدسي وتعابير الغضب الشديدة واضحة على وجهه لاثنين من الرجال العرب حيث يبرز الرسام في الكاريكاتير ارتداء الشخصين الزى الرسمي والتقليدي للرجل العربي الدشداشة وغطاء الرأس (الحطة والعقال أو الشماغ) ويشير الشاب بسبابته إلى الأقصى ويصرخ في وجههم بشدة وتكاد حنجرته تخرج من مكانها قائلاً (اصحوا الأقصى في خطر اصحوا)، فيلتفت له الرجلين بلامبالاة وكانا يشربا الخمر ثم يقول أحدهم للآخر: (إيش ماله هالشاب)! فرد على سؤاله بكل برود أعصاب: إنه يقول لنا أن الأقصى في (قطر)!!!! حقاً لا تعليق... فقد صَموا آذانهم وأغمضوا أعينهم وأطبقوا أفواههم عن صرخات وآلام شعبنا وعما يحدث على أرض مسجدنا فاستهتارهم كافٍ ليفجر فينا براكين الثورة والغضب؛ وسنعاهد كل قطرة دم طاهرة سالت على أرضك يا قدس يا حبيبة بأنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون، وسيأتي يوم نبصق فيه على كل المتخاذلين والمتآمرين.

في نهاية مقالي أقول سنقرع الأجراس مجدداً وسنطير الرسائل العديدة وسنبقى خط الدفاع الأول عن قضيتنا، بعقولنا وبأقلامنا وبقلوبنا وحتى بأجسادنا... لعل وعسى العالم يستيقظ من غفوته ويخرج عن صمته، وليس لنا سوى التضرع لله تعالى بأن يحمي القدس وشبابها ونساءها وأطفالها ويحمي فلسطين وأرضها وسمائها، اللهم احفظها بحفظك وأذق اليهود من سوط عذابك يا الله يا الله يا الله.

إذا الشعب يوماً أراد الحياة,, فلا بد أن يستجيب القدر