الأحد: 16/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

محمد القيق يُعيد الفرصة من جديد ..

نشر بتاريخ: 01/02/2016 ( آخر تحديث: 01/02/2016 الساعة: 12:38 )

الكاتب: وليد الهودلي

الاعتقال الاداري كما هو معروف السلاح المسلط على رقاب النشطاء الفلسطينيين .. إذ كلما فكر فلسطيني بأي نشاط سياسي أو ثقافي أو اعلامي
او اجتماعي لاح له وحش مخيف يدعى الاعتقال الاداري .. والهدف منه معروف هو ردع هذه النخب ودفعهم الى الانتحار بمعني القضاء على دوره في مجتمعه بمحض إرادته . 

وبالتالي حرمان المجتمع الفلسطيني من طاقاته الابداعية خاصة في الميادين الهامة .. وهذا الاعتقال كما هو معروف اعتقال تعسفي دون تهمة معروفة وبملف سري يتم جمعه من قبل رجال المخابرات الاسرائيلية المسكونين بالهوس الأمني ولأن فيما يجمعون ثغرات كثيرة وبالإمكان دحضها بسهولة فإنهم يخفونها ويضعونها تحت عنوان ملف سري .. ويدخلون الأسير وأهله في أتون معركة نفسية مريرة قد تستمر لتصل سنتين أو ثلاثة أو أكثر كما جرى مع حالات كثيرة ويتم التجديد في فترات كل ست شهور اوثلاثة أو أربعة لتسير لعبة القهر والحرب النفسية وليستمر العذاب من جهة المعتقل وأهله والتلذذ بالعذاب بسادية مطلقة من جهة سلطات الاحتلال .. بينما هم قادرون على تحديد فترة الاعتقال من أول يوم من أيامه .

وتصر سلطات الاحتلال على هذا الاعتقال الهمجمي من نشأة الاحتلال الى يومنا هذا وتتسع دائرة الاعتقال وتكتظ السجون بالمعتقلين الاداريين حينا
ويقل عددهم في أحيان أخرى في حالة من المد والجزر . وكلما ارتفع الحراك المناهض لهذا الاعتقال تراجع المحتل قليلا قيتناقص العدد وكلما غفلنا وخبت نيراننا أوغل بنا الاحتلال وزاد عدد المعتقلين .. وكان للمعتقلين الاداريين تعبيرا عن قهرهم وغضبهم الاضرابات المفتوحة عن الطعام منها الجماعي ومنها الفردي فيثور الموضوع ويتحرك الشارع الفلسطيني وترتفع وتيرة الانشطة المناهضة له على الصعيد المحلي والدولي وفي كل مرة تتوفر فرصة خاصة عندما يقف المضرب عن الطعام في المنطقة الفاصلة بين الحياة والشهادة ..

وتأتي الإضرابات الفردية في سياقات حساسة للغاية فعندما يستشعر المعتقل حالة القهر والظلم غير المحتمل الذي يواجهه وحينما يقف عاجزا عن تشكيل
حالة إجماع أو اتفاق على إضراب جماعي .. حينئذ يتخذ قراره بخوض الإضراب بمفرده وهو بذلك يتخذ القرار الأصعب إذ هناك فرق شاسع بين ان يكون وحده
أو مع جماعة في معركة قاسية بهذا الحجم . يفتتح المعركة ويدخل جبهة المواجهة وحده لا يملك الا إيمان في صدره وقناعة تولد طاقة لإرادته ..

ويتحرك الشارع الفلسطيني من جديد ليولد طاقة خجولة على الساحة الدولية وهذا على عكس أعدائنا فقضية أسير واحد منهم يجعلون منها قضية عالمية تطرح في كل المحافل الدولية ويطرحها زعماؤهم في كل المناسبات وعلى كل الزعامات التي لها علاقة وتملك ضغطا على كل من يتوقع أنهم يملكون أدنى تأثير على كل من له علاقة بمن يأسرون أسيرهم وحالة شاليط مثالا واضحا .

عندما بدأت عطاف عليان سنة 1997 اضرابها المفتوح عن الطعام لوقف قرار اعتقالها الاداري بدا ذلك جنونا حتى عند الاسرى أنفسهم ولما نجحت في
انتزاع قرار الافراج عنها بعد اضراب دام اربعين يوما أثبتت أن الحق ينتصر على السيف وأن الكف الذي يقف خلفه ايمان وارادة تنتصر على المخرز الذي
تحمله يد حاقدة وغارقة في الظلم والطغيان .. ويأتي خضر عدنان ليخوض من جديد إضرابا نعت بأنه فردي لكنه كان كجيش في فرد فصنع انتصارا بعد اضراب
دام ست وستين يوما .. وبالمناسبة نحن نتحدث عن أرقام مذهلة في عالم الإضرابات والذي جرب يعرف معنى هذا الكم من الأيام .. وتتكرر التجربة مع
سامر العيساوي وهناء شلبي ومحمد علان والآن مع محمد القيق الذي يصل الى الرقم المذهل ست وستين يوما .

وتأتي هذه الإضرابات كفرصة لإثارة هذه الجريمة المفتوحة والصامتة كما يجب .. الجريمة تمارس بهدوء وصمت ودون هذه الاضرابات لا أحد يحرك ساكنا حتى
المعتقلون اداريا يوضع أحدهم تحت سكين هذا العذاب طيلة فترة اعتقاله ليدخل السجن ويخرج دون أن يعرف لماذا سجن .. الان محمد القيق وفر لنا
فرصة خاصة أنه تجتمع عدة جرائم في جريمة واحدة : الاعتقال الاداري واعتقال صحفي اعلامي وشرعنة قتله بقرار المحكمة التي تسمى عندهم عليا
عندما تصادق على تجديده الاداري رغم خطورة الوضع الصحي الذي وصل اليه .

إنها بالفعل فرصة لوضع الاحتلال في الزاوية وإغلاق ملف الاعتقال الإداري الى الابد ومحاكمته على من أدخلهم سجونه تحت هذا المسمى ودون تهم بينة
وواضحة .والمطلوب أن لا ننام بين إضراب وإضراب بل نسعى كما يجب ان نسعى ودون أي انقطاع خاصة على الساحة الدولية ومؤسساتها القانونية . والخرق
القانوني هو خرق سواء كان ذلك مع شخص واحد أو مع الاف مؤلفة .