الأحد: 16/06/2024 بتوقيت القدس الشريف

موازنة الحكومة وشحة الدعم لقطاع الزراعة؟

نشر بتاريخ: 02/02/2016 ( آخر تحديث: 02/02/2016 الساعة: 15:08 )

الكاتب: عقل أبو قرع

الملفت للنظر في موازنة الحكومة الفلسطينية لهذا العام والبالغة حوالي 4.25 مليار دولار امريكي، والتي تم اقرارها قبل عدة اسابيع، هو النسبة المخصصة لقطاع هام واساسي، سواء اكان للتنمية او للحفاظ على الامن الغذائي، او حتى للحفاظ على الارض والمياة والمواطن، الا وهو قطاع الزراعة، حيث بلغت نسبة الزراعة في الموازنة الحالية حوالي 0.8% من مجمل الموازنة العامة، اي حوالي 34 مليون دولار امريكي فقط، وهذا بحد ذاتة مدعاة للتساؤل حول المعايير او الاسباب او الغايات من تخصيص نسبة زهيدة لقطاع انتاجي مستدام، قطاع من الممكن وبسهولة الاستثمار فية ودعمة والارتقاء بة والحفاظ على الارض وعلى الامن الغذائي، بعيدا عن الاتكال والتبعية والانتظار من الاخرين؟

ونحن نعرف ان القطاع الزراعي في بلادنا، كان لة دور هام، وساهم بنسبة هامة في الناتج المحلي الاجمالي، ولكن حسب التقارير الحديثة، فأن مساهمة القطاع الزراعي الفلسطيني في الناتج المحلي الاجمالي قد تقلصت من حوالي 13% في عام 1994، الى حوالي 9% في عام 1999 الى فقط 4% او اقل في عام 2014، ومن الاسباب لذلك هو القيود للوصول الى الارض والمياة، خاصة في المنطقة المصنفة ج، ولكن هناك اسباب اخرى، يمكننا التحكم بها، ومن خلالها يمكن ايلاء الاهتمام المطلوب لهذا القطاع الانتاجي الهام، وزيادة مساهمتة في الناتج المحلي الاجمالي، وكذلك في تحقيق الامن الغذائي من حيث توفير المنتج الوطني، وبالتالي الحد من الارتفاع المتواصل في الاسعار وتشغيل المزيد من الايادي العاملة؟

وتكمن قوة او استدامة النمو الاقتصادي لاي بلد، او ثبات وتواصل النمو في الناتج القومي الاجمالي السنوي، او اداء الاقتصاد الكلي، بمدى بتنوعة، اي بمدى تنوع القطاعات التي يعتمد عليها، من خدمات ومن سياحة وصناعة وزراعة ومن غيرهما، وهذا ربما يفسر سر نمو وتنامي قوة اداء اقتصاديات بعض الدول، ومنها تركيا، التي بات اقتصادها وبتنوعة من اقوى اقتصاد الدول العشرين في العالم ، وغيرها من الدول التي شهدت وتشهد نمو اقتصاديا متصاعدا ومستداما، وهذا يعني الاستثمار في قطاعات مختلفة، وبالاخص قطاعات انتاجية، تنتج للاستهلاك المحلي وكذلك للتصدير، وتشغل الايادي العاملة، وتحافظ على الامن الغذائي، وتساهم في الناتج القومي الاجمالي، ومنها قطاع الزراعة، وهذا ينطبق على قطاع الزراعة في بلادنا، سواء اكان في المجال النباتي اي فواكة وخضار، او في المجال الحيواني؟

والانتاج الزراعي يعني الحفاظ على الاستقرار، ومنه استقرار الاسعار، لانة حين تتناقص او يقل عرض السلع، تبدأ اسعار السلع بالارتفاع، ومن ضمنها السلع الزراعية من خضار وفواكة ولحوم والبان ودجاج وما لة علاقة بالانتاج الزراعي، النباتي والحيواني، وحين حدوث تقلبات جوية او احداث سياسية ترتفع اسعار سلع زراعية، وحتى ان بعض هذه السلع يختفي او يتم اخفاؤة، وحين ترتفع اسعار منتجات الزراعية ، فأن أسعار العديد من المنتجات التي تتداخل بشكل او بأخر مع المنتجات الزراعية ترتفع كذلك، ومن يدفع ثمن هذا الارتفاع في المحصلة هو المستهلك؟

وبالاضافة الى التسهيلات الضريبية والمالية للعاملين في الزراعة، فأن دعم القطاع الزراعي يمكن ان يشمل القيام بتوفير المواد التي تتطلبها الزراعة الحديثة من بلاستيك واسمدة ومبيدات، والمزيد من الارشاد الزراعي وبانواعه والذي لا يكفي الموجود منة حاليا، الارشاد فيما يتعلق باختيار المحصول والارض، والارشاد حول استعمال الكيماويات في الزراعة، والارشاد فيما يتعلق بالقطف والتسويق، والدعم يشمل المزيد من التخطيط الزراعي والنظرة الوطنية لذلك من حيث استخدام المياة والارض، ومن حيث الاستهلاك المحلي او التصدير، ومن حيث فتح الاسواق الخارجية,

والدعم للقطاع الزراعي يمكن ان يشمل التنسيق لحماية المزارع والمنتج الوطني، سواء من خلال العطاءات اواصدار المواصفات اوالفحوصات المخبرية، والدعم يشمل التوجة نحو الابحاث العلمية التطبيقية، التي تعمل على تلبية حاجات هذا القطاع وحل مشاكلة المحددة، والعمل على ايلاء التدريب الزراعي الاهمية بدأ من المدارس وحتى الكليات التخصصة، والعمل على تقديم الحوافز والضمانات للقطاع الخاص للتوجة وللاستثمار في الزراعة، وكذلك العمل على ازالة تلك النظرة الى القطاع الزراعي بأنة ليس اولوية وليس مربح وليس بالخيار الاول للعمل او الاستثمار فية.

ومع اسدال الستار على بنود الموازنة العامة لعام 2016، والتركيز اكثر على النفقات الجارية او بالادق على بند الرواتب والاجور، تبقى قطاعات انتاجية مهمة ومنها قطاع الزراعة، بحاجة الى النظرة بعيدة المدى، والى ارساء اسس الاستثمار المستدام في هذا القطاع من خلال بنود الموازنة، حيث وحسب احد التقارير الدولية، فأن منطقة الاغوار مثلا، التي تعتبر السلة الغذائية لفلسطين، والتي هي في معظمها يتم تصنيفها مناطق ج، يمكن ان تدر للاقتصاد الفلسطيني، حوالي مليار دولار سنويا، اذا تم استغلالها بالكامل، اي ازالة العوائق ومنها العوائق الاسرائيلية، ،وهذا يدعونا الى التفكير والتخطيط الاستراتيجي، والى ايلاء قطاع الزراعة وبالتحديد الزراعة في الاراضي الخصبة في منطقة الاغوار وغيرها الاهمية في اي خطط تنموية استراتيجية، لان هذا النوع من التخطيط هو كفيل، بتوفير المزيد من الفرص للعمل، والحفاظ على الاسعار، وتوفير المنتج الوطني، والاهم تحفيز القطاع الزراعي كقطاع انتاجي مستدام، يحافظ على الارض والمياة ولقمة العيش للمواطن.