الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

يوم الثقافة الفلسطيني والحاجة الى ثقافة الابداع والريادة؟

نشر بتاريخ: 14/03/2016 ( آخر تحديث: 14/03/2016 الساعة: 12:54 )

الكاتب: عقل أبو قرع

يصادف الثالث عشر من اذار ما بات يعرف ب" يوم الثقافة الفلسطيني"، حيث يتم الاحتفال بة في ذكرى ميلاد الشاعر الفلسطيني محمود درويش، والذي حقق الابداع والريادة في مجال الشعر والادب، وفي هذا اليوم فأننا بالاحوج الى ترسيخ مبدأ ثقافة الابداع والابتكار والريادة والتجديد والاختراع، ليس فقط في الشعر والادب والكتابة، وانما في مجالات تؤثر على جوهر حياتنا ومستقبلنا، سواء اكان ذلك في مجال العلم والتعليم والابحاث، او في الاقتصاد والتكنولوجيا والطب والزراعة والطاقة والبيئة وما الى ذلك؟

وقد شكل فوز معلمة فلسطينية، كأفضل معلمة في العالم ضمن مسابقة دولية واسعة، شكل انجازا فلسطينيا رائدا، من المفترض ان لا يكون حالة فردية، يتم تناسيها او المرور عليها سريعا، وبالطبع هذه ليست الحالة الفلسطينية الاولى، سواء من الداخل او من الخارج، التي تفوز او تحتل مكانا مرموقا، من ناحية الابداع والريادة والابتكار، وهذه الحالات الفردية هنا او هناك، تحتاج الى حاضنة، والى رعاية، والى توفر مصادر، والى متابعة، اي تحتاج الى خطة استراتيجية شاملة متكاملة ومستدامة، وعلى المستوى الوطني، من اجل دعم ثقافة الابداع والريادة، الذي اصبح من اهم مقومات نمو العديد من المجتمعات والدول، وبالاخص ان الابداع، اي الابداع البشري الفلسطيني، الذي يعتبر من اهم مقومات التنمية والتقدم، يتم في ظل غياب المصادر الطبيعية والمادية، التي في العادة تزخر بها دول عديدة، وبالتالي يبقى الانسان الفلسطيني هو الذخر البشري الانساني للتقدم في بلادنا؟

ولكي لا يبادر المبدعون الى المغادرة والهجرة، في اقرب فرصة تتاح لهم، فالمطلوب ترجمة الاهتمام بالابداع والرياديين والمبتكرين الى خطوات عملية، اي الى توفير الحد الادنى من المقومات التي تتيح للمبدعين البقاء والعمل وتحقيق المزيد من الابداع، وهذا ما تقوم بة دول عديدة، والا خسرت هذه الدول مبديعيها ومبتكريها، الى دول اخرى تتسابق وتقدم الكثير من اجل جذبهم والاحتفاظ بهم، وبالتالي تحقيق التقدم والتنمية والمنافسة من خلالهم؟
ومن المعروف ان من اهم العوامل التي تحدد درجة التنافسية، هي جودة البنية التحتية ومقدرتها على جذب وتشجيع ودعم الابداع والابتكار والريادة، وبات مستوى التقدم في الريادة هو المعيار لتحديد مستوى التقدم عند الدول، اي من خلال تصنيفها " غنية او فقيرة بالابتكار والريادة"، واصبح التنافس على مستوى الدول او الشركات وبالتالي النجاح والتقدم وحتى البقاء يقاس بمدى القدرة على تقديم الجديد ، بالجودة والفائدة والاهم الجديد الذي يلبي حاجات الناس ويخدم مصالحهم، واكبر مثال على ذلك هو التنافس الحاد والمتواصل في الابداع والابتكار بين شركات الهواتف الذكية، او في مجال تطوير وانتاج ادوية جديدة؟.

وفي اوضاع مثل اوضاعنا، باتت ثقافة الابداع والريادة والابتكار، وفي ظل التنافس الحاد، هي المفتاح الاساسي من اجل نمو الاقتصاد، ومن اجل تقدم المجتمع، وصحيح انة لا يوجد عندنا بنية تحتية تمتاز بالجودة لجذب الابداع، ولكن وبالاضافة الى البنية التحتية، من المفترض توفر الكفاءات والعقول البشرية وهذا عندنا، ومن المفترض توفر الخطط والاستراتيجيات وتوفر القوانين والتشريعات، وهذا من المفترض ان يكون عندنا، ونحن وفي ظل ضحالة المصادر الطبيعية، نحن الاحوج الى الاعتماد على الريادة والابداع والاختراع والتجديد لكي نبقى وننافس، وهذا يأتي من خلال الاستثمار في التعليم والتعلم والابحاث والابتكار.

والتركيز على ثقافة الابداع والريادة، يعني الاستثمار في التعليم من الاساس، اي في البنية التحتية للتعليم، بدأ من الاسلوب والمنهاج وتحفيز التفكير والابتعاد عن التلقين، والاعتماد اكثر على البحث العلمي، وهذا يعني توفر الطاقم للتعليم والظروف التي تؤهل هذا الطاقم للعطاء، من المباني والحوافز والرواتب، وهذا يعني توفر السياسات التي تصب في هذا الاتجاة، وهذا يعني تكامل النمو في الاقتصاد مع فلسفة التعليم، وهذا يعني بالاساس وجود الاهتمام بالتعليم والتعلم والابداع كأولوية على المستوى الرسمي او من خلال الحكومة، وهذا يعني كذلك ان يتم تخصيص جزء رئيسي وان لم يكن الجزء الاكبر في الميزانية للتعليم!

وفي يوم الثقافة الفلسطيني، يجب التذكر ان الابداع او الابتكار في دول عديدة، شكل وما زال بشكل المحفز الاساسي للنمو، والجاذب الاهم للاستثمارات الاجنبية، وللشركات الكبيرة الباحثة عن الجديد وعن التطوير وبالتالي المنافسة، في عالم شديد المنافسة، ولذا فأن تبؤ معلمة فلسطينية المركز الاول على مستوى العالم، من المفترض ان لا يكون خطوة منفردة فقط، ولكن ليكن خطوة في ظل خطوات مدروسة، تؤسس وبقوة لثقافة ولممارسة الابداع في بلادنا، او بمعنى اخر الاستثمار في العنصر البشري المبدع، من اجل سد حاجات المجتمع، ومن اجل المساهمة في النمو، ومن اجل جذب الاستثمارات، وكل ذلك من المفترض ان يتم بتشجيع وبتوفير المقومات الاساسية من القطاع العام اي من الحكومة، وبشراكة مع القطاع الخاص، وبدعم منسق من الكثير من المؤسسات المحلية والدولية التي تهدف وتتهافت الى دعم ثقافة الابداع والريادة.