الثلاثاء: 21/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

النظام الرسمي الفلسطيني في ظل الصراع ...

نشر بتاريخ: 06/06/2016 ( آخر تحديث: 06/06/2016 الساعة: 14:02 )

الكاتب: يونس العموري

هو السؤال الذي صار مشروعا ولربما يثير من حوله الكثير من الجدل والسجال، فبعد عبور فلسطين لحربها الأهلية (الانقسام وبتسمية اخرى الانقلاب) تصير كل المحرمات مشكوك في حرمتها ويصير الباطل جزءاً من مشهدية الواقع ولربما تختلط مفاهيم الحق ومعانيه.

وهو السؤال الذي ظل عالقا منذ ولادة السلطة بموجب اتفاق اوسلو على الأرض الفلسطينية ومنذ ان فقدنا الحس بالأشياء ولفهم دقائق الأمور وخباياها وبعد ان صار لمراكز القوى الكثير من التفسيرات للنشاط السياسي وللفعل الدبلوماسي وضرورات المرحلة ومتطلبات الوقائع الجديدة، وتداعيات الفهم الجديد لنمطية السلطة ( النظام السياسي ) وأدواتها التنفيذية ، اولسنا في طور تأسيس الدولة كما ندعي في كينونة العالم الثالث ومفاهيمه؟ وتلك الأنماط التي تحكمه وبالتالي لابد من انشاء ونشوء الصراعات ومراكز القوى ونسج التحالفات وفقا للخارطة الاقليمية المرتبطية بشكل جدلي بالتوجهات الدولية وتضاربها ... 

وحيث ان السلطة الوطنية الفلسطينية العنوان الفلسطيني الابرز الذي يتصدر النظام السياسي الفلسطيني والذي ظل قائما لعقود طويلة على اساس قوانين الحالة التحررية في اطار منظمة التحرير راعية المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني والقادرة على خلث جبهة ائتلافية للكل الوطني .. وحيث ان السلطة تعني اولا وقبل كل شيء تكوين الادوات التنفيذية على الارض فكان بالتالي تشكل العسكر ليكون هذا العسكر جزءاً من مشهد الدولة العتيدة القادمة ... في ظل تكوين او ما يسمى ببلورة الدولة ومفاهيم الدولة، ولأننا نحيا في كنف المنطقة فلابد من تحديد هوية العسكر ولمن يتبع هؤلاء العسكر، وكيف من المفروض تدريب وتأهيل العسكر ومن يكون أمرهم وحاكمهم والمسيطر على عدد شهقاتهم وزفيرهم، بل لابد من تحديد أجندات ولاءاتهم وممن يتشكلون ومن اي الأرياف يكونون وبأي الأسماء يهتفون، الذين سيمنحونهم ألقابهم من جديد…

وحيث ان كل ذلك مرتبط وبموجب قوانين المنطقة باستقرار النظام السياسي وهو المرتبط برأس الدولة الأمر الذي يعني اننا ما زلنا نعيش نظام الفرد بكل مضامينه، مما يعني ان النظام السياسي الفلسطيني على مفترق طرق حقيقي في ظل غياب رأس هرم النظام الفلسطيني الرسمي وسيطرح بالتالي العديد من الاسئلة على مصرعها وهي حتى اللحظة تساؤلات بلا اجابات واضحة شافية منطلقة من الفهم الدقيق لحقيقة المرحلة، وهي الاسئلة التي ظلت محرمة وتدور بالخفاء ولا يتم طرحها على العلن ... والاسئلة متمثلة بحقيقة المرحلة القادمة وهل ستكون مرحلة مستنسخة من الواقع الراهن..؟؟ ام اننا سنشهد انقلاب بالضوابط الحاكمة لوقائع واقع الظرف الراهن ...؟؟ بمعنى ان رأس هرم النظام الفلسطيني الرسمي واحد سواء أكان راس السلطة او رأس منظمة التحرير او رأس حركة فتح العمود الفقري لمكونات النظام الفلسطيني ... وكثيرة هي الاطروحات التي تدعو الى اجراء عملية فصل ما بين السلطة
ومنظمة التحرير وحركة فتح برؤوس مختلفة ... وهو ما سينعكس بالتأكيد على القوى النافذة المتنفذة على الارض وخلق وقائع مختلفة تماما عما نشهده باللحظة الراهنة ....

ويبقى السؤال الاكبر هل ثمة توافق واتفاق ما بين كافة القوى المشكلة لنبض النظام الرسمي الوطني الفلسطيني ... ؟؟ وما هي مرجعية هذا الاتفاق او التوافق ان حدث ..؟؟ وما مدى شرعيته ..؟؟ وهل الشرعية مرتبطة بنصوص دستورية او انظمة ولوائح داخلية ..؟؟؟ ام ان الاستفتاء الشعبي العام هو الفاصل بهذا التوجه او ذاك ..؟؟ وبالتالي وبلا ادنى شك هي مرحلة الفراغ واللادستورية او قانونية .. خصوصا اذا ما اعتبرنا ان مؤسسة المجلس الشريعي للسلطة معطل ومنتهي الولاية، والمجلس الوطني لمنظمة التحرير هو الاخر معطل ومنتهي الصلاحية ... ولا دستور حاكم لمنظومة ظرفية السلطة، والميثاق الوطني الفلسطيني ( دستور ) منظمة التحرير الفلسطينية قد تم اختراقه عشرات المرات ...

كل هذا انما يؤشر للسؤال الأكبر، والمتمثل بماهية العلاقة ما بين رأس الهرم او رؤوس الهرم بالنظام الفلسطيني والاجهزة التنفيذية وخصوصا الأمنية منها والعسكرية، وبالتالي هم العسكر وحدهم من سيحدودن شكل وطبيعة المرحلة القادمة، والعسكر هنا ما كان منها شرعي مرتبط ومتجلي اليوم بعسكر السلطة فقط لا غير او ميلشيوي ...

والكل يتجه بعيون شاخصة نحو العسكر في ظل الصراع الذي لابد ان يندلع شأنا أم ابينا بالمرحلة القادمة حول طبيعة الخلافة وشكلها وشخوصها، وهو صراع لها الكثير من الابعاد والاشكال وحتى التوجهات والأدوات ...وللعسكر هنا مجال حيوي في المعادلة الوجودية للحظة التي ستكون حاسمة وراهنة وكما اسلفنا بصرف النظر عن طبيعة العسكر الرسمي منه او المليشوي ...

عسكر من.. ؟ للفلاني ابن افلاني ابو الفلاني؟؟ لهذا التيار او ذاك النهج..؟؟ او ممن يتبعون لفعل السفارات…؟؟ او لمن صار يؤمن بأن الطرق الى الجنة لابد ان تمر من خلال تقديم الولاء والطاعة لأولي الأمر منا….؟؟ وأي الأوامر لابد من تنفيذها… تلك التي تستوي وتتوافق وسيادة القانون..؟؟ الذي صار مستباحا بفعل إرادة الزعماء الجدد على الأرض..؟؟ ام لأوامر الأشباح الذين يعبرون المكان والزمان عبورا خفيفا.

عسكر من هؤلاء..؟؟ اهم عسكر للوطن واذا كانوا هكذا فلماذا لا تنعكس في محياهم صورة الوطن ولماذا لا يدافعون عن الوطن ..؟؟ ولماذا صار الوطن مباحا مستباحا لكل أشكال خفافيش الليل ..؟؟ دون ان ننسى فزاعته الأساسية المتمثلة بيهوذا الكامن في المكان وبكل الأزمنة الممكنة وتلك التي تتسلل عند اول الليل او عند انبثاق الفجر، لا فرق بالمواقيت لفعل التخريب والقتل والتدمير من عساكر الموت المتربصين للحلم من ان يتحقق.

عسكر من… المنتشرين الآن في شوارعنا..؟؟ وما هي عقيدتهم..؟؟ ومن أجل أي الأهداف انخرطوا بسلك العسكرية…؟؟ وممن يأخذون أوامرهم..؟؟ وماهي وجهة بنادقهم اليوم …؟؟ وكيف يفهمون ويتفهمون كرامة الوطن والمواطن؟؟ كلها أسئلة باتت مشروعة وتقض مضاجعنا بعد كان ما كان بساحات غزة وبعد ان وسم العسكر هناك بوسم الهاربين الواقفين عند اعتاب الإستسلام… وتسليم المقرات وعدم اطلاق النار بوجه من يقتحم المقرات ويحتل المواقع من ذوي الأقنعة ، ربما افهم واتفهم ان العسكر هؤلاء لا يريدون اطلاق النار على ابناء جلدتهم ولربما اتفهم ان عقيدتهم لا تستوي وهذا الفعل، لكن لا يمكنني أن استوعب إهدار كرامة العسكر وتعريتهم أمام العدسات.. فللعسكر كرامة ايضا ولابد من الدفاع عنها والمقصود هنا بكرامة العسكر الجماعية ولا أتحدث عن المسألة الشخصية والخاصة للكرامة مع أهمية هذا الجانب وأولوياته…

اعتقد ان مؤسسات الدولة او حتى مؤسسات السلطة ومن الممكن ان تكون مؤسسات الجماعة وسمّها ما شئت من المسميات… اعتقد ان هكذا تشكيلات تعمل على احترام كينونتها وتعزيز مفاهيم الكرامة الجمعية والوطنية ما بين ظهرانيها فأي جماعة او مؤسسة لا تحترم كرامتها ولا تحترم ذاتها
الجمعية من الصعب عليها احترام كرامات الآخرين …. من هنا فقد بات التساؤل مشروعاً…. عسكر من… عسكرنا…؟؟ اذا كانوا عسكر الوطن وهكذا يجب ان يكونوا فالوطن ككل قد تعرض لإهدار كرامته… فالصورة تبدو جليه وتبدو واضحة اليوم عسكرنا بلا كرامة وقد اضحوا في مهب الريح… بلا عقيدة واضحة وبلا ولاء مفهوم ومعلوم.. وكأن من يحركهم يتوق لرؤيتهم بهكذا مشهد!.

عسكر من وعلى من ..؟؟ لكل جماعة من العسكر زعيم وأب يرونه عظيماً…. ولكل تشكيل عسكري راع كبير… يأتمرون بقراراته وأوامره.. … فمن الأمن الوطني الى الأمن الوقائي الى أجهزة العسس والمخابرات حتى قوة التنفيذ وتلك القادمة من فعل المقاومة قد صاروا عسكرا… يتناقضون بقوة السلاح… ويركعون متضرعين شاكرين للرب في يوم النصر العظيم على ما انجزوه من تحرير من تشكيلات العسكر الأخرى.

العسكر الفلسطيني كانوا على الدوام في خلفية المشهد ممتشقي بنادق الحرية والكفاح في سبيل قضية الوطن واستعادة المغتصب والنضال في سبيل التحرير وكنا نفهم عسكر فلسطين بهذه الصورة، ورأيناهم في الأغوار بهذه الصورة وشاهدناهم ببيروت ايضا بهكذا صورة وتعاطينا معهم بالأراضي الفلسطينية ضمن هذا الإطار… لكن ان تتبدل الصور والأدوار ويصيروا مجرد ديكورات لهياكل السلطة فقط… فهذا ما لا تقبله فلسطين وما لاتقبله كرامة العسكر… الا اذا كانوا عسكراً لغير فلسطين يرتدون بزاتهم من اجل طابور الشرف وملاحقة غلابة الوطن….

هو السؤال المشروع مرة اخرى عسكر مين انتم …؟؟ وعلى من تمارسون عسكريتكم هذه الأيام…؟