الأربعاء: 08/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحكومة ومسؤولية عدم ضبط ارتفاع الأسعار الجنوني؟

نشر بتاريخ: 22/06/2016 ( آخر تحديث: 22/06/2016 الساعة: 11:21 )

الكاتب: عقل أبو قرع

مع أرتفاع وثبات سعر كيلو غرام اللحم من الخروف أو من ألسخل الى حوالي 90 شيكل أو أكثر، وسعر كيلوغرام اللحم من ألعجل الى أكثر من 60 شيكل، نصبح وبدون جدال من اكثر البلدان في العالم تكلفة لاستهلاك اللحم ألاحمر، وربما غيره من ألمنتجات، ومن يسير في شوارع مدينة رام اللة مثلا، وربما في شوارع غيرها من ألمدن الفلسطينية، في هذه الايام من شهر رمضان المبارك، يلحظ ألغياب الرهيب للسلطات ألرقابية ألرسمية، التي من المفترض ان تراقب وان تفتش وان تتأكد من ان التجار يلتزمون بالاسعار، على ألاقل بالاسعار ألاسترشادية ألتي قامت ألسلطات ألرسمية بألاعلان عنها وتحديد سقفها ألاعلى، ويلحظ كذلك ان الشغل الشاغل، والحديث المتواصل للناس هذه ألايام هو عن ألاسعار، وبالاخص عن الارتفاع الجنوني وغير المنطقي وغير المفهوم في اسعار اللحوم، ولما لا حيث أن ألهم ألاكبر للمستهلك وللصائم هذه الايام، هو توفير وجبة الافطار لة ولافراد عائلتة؟

وفي ظل هذه الفوضى والتخبط والتلاعب في الاسعار، يتواصل غياب وجود الجهات الرسمية ذات العلاقة، التي يتوق المواطن والمستهلك والصائم، بلهفة الى وجودها أو الى تدخلها أو الى الشعور بأن هناك جهات تشعر بما يشعر بة، وانها تقوم بتطبيق ما تتحدث عنة، وانة وكما هو الهدف الاساسي للحكومات في العالم، من المفترض ان تعمل على توفير احتياجاتة وعلى حمايتة من الاستغلال، وان تعمل على توفير حياة كريمة لة، في ظل هذه الظروف المعقدة والصعبة، بعيدا عن الحجة المكررة من معادلة العرض والطلب وألاقتصاد الحر وغير الحر؟ 
 
وبدون شك ان ألجهات الرسمية، وبالتحديد الوزارات ذات العلاقة، اي وزارة الاقتصاد والزراعة، هما المسؤول ألاكبر عن جنون الاسعار هذه الايام، ولا أعتقد ان هناك بلد في العالم يضاهينا في مثل هذه ألاسعار، وفي التقلبات والارتفاعات في الاسعار، التي لا يوجد عليها رقيب او حسيب، ومن الواضح وفي ظل حسابات بسيطة للتكلفة، ان هناك فوضى وجنون وتلاعب واستهتار في رفع الاسعار، ومع التسليم بالجشع والابتزاز غير المسؤول الذي يمارسة التجار، وبالاخص ألتحار الكبار، او تجار الجملة بأنواعها، على لقمة افواة الصائمين، الا ان الامور بالفوضى الحالية، توحي بالغياب الحقيقي لاية جهات رسمية، والتي في المحصلة وفي مثل هكذا أوضاع، هي المسؤول المباشر عن ما يتم في البلد، وبالتالي عن الوضع الجنوني لفوضى الاسعار؟

والارتفاع الجنوني في اسعار اللحوم، ربما ينطبق على سلع اخرى من الخضار ومن الفواكة وما ينتج عنهما او يتبعهما، وهذه السلع، هي من السلع الاساسية، التي لا يمكن للمستهلك الفلسطيني الابتعاد عنها، لانة يحتاجها، حتى أن الدعوة الى مقاطعة الشراء والاستهلاك، اي مقاطعة المستهلك لشراء اللحوم مثلا، يمكن ان تجدي، ولكن وفي ظل وجود اناس قادرين ويشترون، أو غير مبالين بأرتفاع الاسعار، وفي ظل الحاجة الماسة للمستهلك لان يوفر وجبة، لة ولافراد عائلتة، وبالاخص في ايام شهر رمضان، فأن الحديث عن مقاطعة او عن المحاولة للتوجة الى المستهلك لكي يؤثر هذه الايام، اي في ايام رمضان، من المتوقع ان لا تحقق النتيجة المطلوبة، وحتى لو ان الدعوة بحد ذاتها هي منطقية واحدى الوسائل للتأثير على الاسعار. 
 
وفي الماضي، كانت ترتفع الاسعار، وكان يوجد هناك مبررات او تفسيرات جاهزة، مثل الاحوال الجوية غير ألعادية، أو أرتفاع سعر العملات، او أحداث سياسية طارئة، وبالطبع كانت وما زالت ترتفع الاسعار، رغم وجود لوائح بالاسعار الاسترشادية صادرة عن وزارة الاقتصاد، ورغم وجود رقابة وتفتيش ومتابعة من الجهات ذات العلاقة، ورغم وجود قوانين وتحذيرات، ولكن ما زالت ترتفع الاسعار، والذي يدفع الثمن في النهاية، هو المستهلك، وافراد عائلتة، سواء اكان هذا الثمن من خلال انفاق المزيد من الاموال، أو من خلال تقليل الاستهلاك لحاجات اساسية، او في احيان عديدة، من خلال الاقبال على منتجات اسعارها أرخص، ولكن بجودة متدنية، او ربما تكون فاسدة، او بالادق ملوثة وغير صالحة للاستهلاك؟

والجميع يعرف ان رفع الاسعار وبشكل مزاجي، او استغلالي، وبالاخص في أيام شهر رمضان، هو عمل مقرف وبدون اية مبررات، والجميع يعرف انة لا يوجد اي سبب منطقي لرفع ألاسعار، وان هذة اللحوم مثلا ، سواء اكانت عجول او خرفان،هي نفسها الكميات التي كانت تباع قبل فترة قصيرة، بأسعار اقل، وان هذه الكميات موجودة في ألمخازن أو في الثلاجات عند التجار الكبار، ولكن ورغم التسليم بذلك، فلا تجد تاجر واحد على استعداد مثلا ان يبيع كيلو لحم العجل بأقل من 60 شيكل، وهذا يعكس الثقافة المتردية من الجشع ومن الطمع ومن الاستغلال، التي وصل اليها هؤلاء التجار، وهذا يعكس كذلك الحاجة الماسة والفورية لتطبيق قوانين واضحة وعلانية ويراها الناس، مثل اغلاق محل أو ملحمة، او حتى الاعلان عن اسماء من يتلاعب بالاسعار، او من يبادر برفعها، وبالاخص اذا كانوا من ألتجار الكبار، أو حتى وضع اعلان على متجر او ملحمة، بأن هذا المحل لا يلتزم أو لا يحترم الاسعار، ولكن في ظل الفوضى الحالية، لا يتوقع المواطن ذلك، وبالاخص في ظل الغياب التام لدور الحكومة وجهاتها الرسمية ذات العلاقة، وتكرار هذه الدوامة عاما بعد عام، او فترة بعد فترة؟