الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تركيا و تحسين شروط اضطهاد الشعب الفلسطيني!

نشر بتاريخ: 28/06/2016 ( آخر تحديث: 28/06/2016 الساعة: 10:59 )

الكاتب: حيدر عيد

فك الحصار المفروض على قطاع غزة بالكامل يعني فتح المعابر ال6 التي تسيطر عليها إسرائيل, القوة المحتلة, و السماح بإدخال جميع أنواع البضائع ل 2 مليون مواطن يعانون ويلات الحصار للسنة التاسعة على التوالي, السماح لهم بحرية الحركة من و إلى القطاع, و هذا يتطلب فتح معبري بيت حانون و رفح 24/7, و تزويد غزة بالكهرباء و الماء و باقي الخدمات الأساسية. و تبعاَ للقانون الدولي فإن هذا من واجبات القوة المحتلة.

و لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الحقوق الأساسية لسكان القطاع, و هم جزء أساسي من الشعب الفلسطيني, قد تحققت. و حتى لا يتم الخلط فإن هذه الحقوق التي كفلها القانون الدولي و يتحتم على إسرائيل الانصياع لها تشمل 1- انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من الضفة الغربية و قطاع غزة بالكامل 2- تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 الذي ينص صراحة على حق العودة اللاجئين الفلسطينيين ( بما فيهم 80% من سكان القطاع المحاصر) 3- إنهاء نظام الأبارتهيدالممأسس الممارس ضد 1.4 مليون فلسطيني من سكان إسرائيل.

و كانت صحيفة يديعوت أحرونوت و التلفزيون الاسرائيلي قد قاما بنشر نصوص الاتفاق الاسرائيلي- التركي الذي لا ينص على رفع الحصار عن غزة, بل على تطبيع العلاقات بين البلدين حيث كانت تلك العلاقات قد انقطعت عقب مقتل 10 اتراك خلال هجوم نفذه الكوماندوز الاسرائيلي. و كانت الشروط التركيةلإعادة العلاقات تتضمن تقديم اعتذار وتعويض عائلات الشهداء الأتراك ورفع الحصار عن قطاع غزة. و قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتقديم اعتذارا رسميا الى الحكومة التركية عام 2013 كما تم التفاهم على تعويض أهالي الضحايا الأتراك بمبلغ 21 مليون دولار. وما نص الاتفاق الذي توضع النقاط الأخيرة على حروفه إلا التفاف على الشرط الثالث ألا و هو رفع الحصار عن القطاع. 

و بدلا من رفع الحصار الإبادي عن قطاع غزة، تقوم إسرائيل, المحاصِرة للقطاع,بالسماح لتركيا بنقل كافة المساعدات الإنسانية التي يحتاجها أهالي غزة عبر ميناء أسدود الإسرائيلي و لكن تحت إشراف الجيش الإسرائيلي على الميناء ووقوفه على طبيعة المواد التي ينبغي إدخالها بحرا عبر أسدود! و لذر الرماد في العيون سيتم التصدق على قطاع غزة, بموافقة إسرائيلية, بمحطة لتوليد الكهرباء ، ومحطة لتحلية مياه البحر وبناء مستشفى حديث!ومن أخطر البنود التطبيعية اتفاق الطرفين على إطلاق المباحثات الرسمية حول مد خط أنابيب للغاز حيث عبرت تركيا عن رغبتها في شراء الغاز الطبيعي من إسرائيل وتصديره عبر أراضيها للأسواق الأوروبية في تعدٍ صارخ على أنبل ظاهرة مقاومة أطلقها الشعب الفلسطيني حيث طالب بمقاطعة إسرائيل و عدم الاستثمار فيها و فرض عقوبات عليها.
و هكذا سيبقى قطاع غزة تحت حصار ستدعي تركيا و داعميها المؤدلَجين أنه قد تم تخفيفه بشكل كبير, إن لم يدعوا رفعه بالكامل.
و هكذا يتضح أن حقيقة ما وافقت تركيا على القيام به هو ,في أحسن الحالات, المشاركة في تحسين شروط الإضطهاد الصهيوني لسكان قطاع غزة, و الشعب الفلسطيني بشكل عام. ثمن دماء الشهداء الأتراك الذين اغتالتهم قوات الكوماندوز الاسرائيلية, بموافقة كبار مسئوليها, هو بناء محطة جديدة للطاقة في غزة ، ومحطة لتحلية مياه البحر, و اتفاقية لتمرير الغاز الاسرائيلي عبر الأراضي التركية!

الموقف الذي اتخذته الحكومة التركية بتخليها عن شرط إنهاء الإبادة الجماعية البطيئة التي تمارسها اسرائيل ضد سكان القطاع قبل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل هو طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني! الموقف المطلوب هو قطع العلاقات بالكامل, دبلوماسية و اقتصادية و رياضية...إلخ, حتى تطبق اسرائيل القانون الدولي من خلال انسحابها من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967, و تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 (أي عودة اللاجئين و تعويضهم), و تنهي سياسة التفرقة العنصرية ضد فلسطينيي ال48. و لم يكن الطلب التركي إلا إنهاء سياسة العقاب الجماعي الذي تقوم به اسرائيل في حق سكان غزة.
و لكن حتى هذا المطلب, وهو أضعف الإيمان, لم يستطع الخليفة العثماني التمسك به!