الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تأملات مابين اعتذارتل ابيب لأنقرةوانتصاراسطنبول على الانقلاب الفاشل

نشر بتاريخ: 20/07/2016 ( آخر تحديث: 20/07/2016 الساعة: 15:55 )

الكاتب: يونس العموري

لحظة فارقة ما بين الحقيقة والسراب، وما بين اعداد المسرح والاشتغال بالكواليس لتجهيز الساحة وتحضيرها للأتي ، وهي الحقيقة التي لا تقبل الـتأويل او التفسير، هي حقيقة الأشياء، فسلطان اسطنبول قد اضحى الأقوى في المنطقة واستمد هذه القوة بلحظة المغامرة القسوى، ونحن هنا الجالسون على قارعة الطرقات نحاول ان نفهم ما الذي جرى ويجري هناك عند الباب العالي، وعند مضيق البسفور، والدبابات العابرة للشوارع تتوقف عند حشد من البشر تلقوا الأمر والاوامر بلحظة لحماية أمير المؤمنين وكأن الأمور كانت تسير وفق سيناريو الحكاية المحبوكة بعناية ... والحكاية كانت قد بدأت باللحظة التي بدأ الخليفة العثماني فيها باعداد المسرح للقادم، وسارت الحشود بالشوارع وبالميادين، والقوات المسلحة كأنها في اطار الحكاية تتساقط على اسوار القلاع دون الحد الأدنى من المواجهة، ونحن هنا القاعدون ننتظر والانتظار لم يكن طويلا بلحظات انتهى الأنقلاب والانفلات .... وكان الاهدار لكرامة الجيش ، واهانة البزة، والشرطة المدنية تتغول على العسكر والعسكر يتساقطون كما اشحجار الدمينو ...

والمشهد كان سريعا والسرعة لها علاقة بضبط الامور واعادة الامور الى نصابها وسيطرة أمير المؤمنين على البلاد والعباد، فهل من الممكن ان نستوعب الحدث، وان ندعو عقولنا الى ان تحترم ذواتنا وانفسنا وأدميتنا ، عن اي انقلاب نتحدث..؟؟ وعن اي تحرك عسكري مضاد ..؟؟ واردغان من الواضح انه المنتصر الأكبر من هذه الحركة الانقلابية اذا ما جاز التعبير .. ومن الواضح انه باشر ومنذ اللحظة الاولى باتخاذ خطوات غير مسبوقة بالتاريخ التركي من خلال اجراءات كانت عصية التنفيذ، والتنفيذ قد بوشر به بالفعل فالجيش التركي او العسكر سيشهد أخونة من الطراز الأول وبالتالي يكون لأردوغان ما اراد باطباق السيطرة على الجيش وعقيدته واحالته الى جيش يخدم مصالح حركة الاخوان المسلمين والتنظيم الدولي بالدرجة الاولي ليتحول الى ذراع ضاربة تأتمر باوامر قادة التنظيم الدولي لحركة الاخوان، والجهاز القضائي وتحديدا المحكمية العليا الدستورية ستتحول الى منصة لقنونة وشرعنة الداستير بتركيا وفقا لإرادة التنظيم وأدبياته ...

من المهم هنا وضع الامور بسياقها الصحيح، المسرح التركي ووفقا لوقائع المرحلة قد انجز اتفاقا مع تل ابيب بعد ان اعتذرت تل ابيب لأنقرة، وكانت أنقرة قد اعتذرت لموسكو، وحماس لم تغادر منصة اسطنبول وان كان الاتفاق والتوافق ما بين تل ابيب وانقرة قد تم انجازه، والانجاز له علاقة بحسبة المصالح ، وغزة جزء من واحة الحكم الاخواني ...
كل هذا جاء ويجيء بشكل مبالغ فيه ولا يمكنني ان استوعب او ان اتفهم هذه الاحتفالات والدعوة من قبل حماس للإستشهاد على شواطىء تركيا دفاعا عن شرعية أنقرة ...

هو الانتصار المؤزر الذي هلل ويهلل له مشايخ الانفاق، بعد ان استووا على العرش وكان لهم الإحكام على الفقراء، وهو النصر الكبير بقبول الاعتذار من سدنة الهيكل بعدما جاء راعي الربيبة ليعلمهم فنون السحر وضرورة التعاطي بدبلوماسية مع معطيات وافرازات ربيع الربيع العربي والطريق الى دمشق لابد ان يمر عبر انقرة والمحرقة تزداد اشتعالا في ساحة المرجة والمزاد اصبح علنيا ما بين اقطاب سلطة النظام الدموي والبديل عنه عصابات القتل والتقتيل. ولاسطنبول محطة واستراحة بالباب العالي والحاكم بأمره يحاول الدفع بالاستحقاق واجبار شركاء المذهب الديني بفهم ضرورات الفعل السياسي ودهاليزه والتصدي لمن سيعتصم بالكوفة في محاولة لهز اركان حكم امية ورأس الحسين سيعلق من جديد على ابواب القصر الاموي والناطقين بالضاد لابد من اعادة لصياغة مفاهيمهم من جديد ويظل البقاء للأقوى في ساحات الوغى، والانتصار على مفردات الكلام واحدة من افعال المبارزات الكلامية.

ونحن هنا بالشرق العربي المأزوم نتصارع على اداب دخول بيت الخلاء، والمُباح على ابواب البيت العتيق قد يصبح محرما والمحرم قد تبيحه الظروف وجهاد المناكحة واحد من فتاوى مشايخ النفط والانفاق والكل يغني على ليلاه .
ووسط هذه الفوضى العارمة لاقوال من اكتشفوا الدين الحنيف بالقرن الحادي والعشرين يجيء الانتصار والاعتذار ليرفع السلطنة العثمانية درجات اخرى والبوابة مشرعة للعبور نحو الاتحادية العريقة لأوروبا ومن بين روما والقسطنطينية حكاية في مقام اخر وزمان ربما سنشهد فصولها من جديد ...

جاء الانتصار والاعتذار صارخا مباشرا بأوامر من البيت الابيض لسيد تل ابيب لفتح الطريق من انقرة الى دمشق باقصر الطرق والمسالك الممكنة وبعد ان استوى الطيب اردوغان على المنطقة وقد صار سلطانا لدولة عظمى وكان لابد من المناكفة والحسابات بهذا الصدد لها الكثير من الخفايا والدلالات والاعتذار هنا له استحقاقاته ومائة الف دولار لكل ضحية من ضحايا مرمرة واعادة الاعتبار لأنقرة وللسلطنة العثمانية فيها الكثير من وجهات النظر والرعاية الامريكية للاتفاق تعزز من ضرورات الفهم الدبلوماسي لتضافر الجهود لمواجهة الخطر الاكبر المتمثل بالتغول الفارسي والتمدد الشيعي وراس الحسين سيظل مطاردا بين العواصم وان كان للسادة الامراء الجدد من فهم مستحدث لضرورات المرحلة والزيارة الى غزة من قبل حاكم انقرة لها ايضا الكثير من الدلالات والحسابات في تعزيز اواصر الانقسام وتعزيز مفاهيم الجغرافيا الجديدة على انقاض الارض السمراء ...

تلك الارض التي صارت الان منقسمة مقسومة ما بين اسرائيل العظمى ويهودا والسامرة المسماة مجازا بفلسطين بعد ان نالت اعترافها المبتور كدولة مراقب وامارة غزة الاسلامية .... وما بين اسرائيل ويهودا والسامرة وامارة الحكم الرشيد تتغير الاسماء والمسميات ويصبح الطريق الى فهم الاعتذار له مساحات اخرى غير المرامي الحقيقية للفهم السياسي العملي لماهية المرحلة.

مرمرة حاولت اختراق الحصار وعلى متنها ثلة من المؤمنين ببشريتهم بصرف النظر عن حسابات الاناضول في حينه وكنا ان وقفنا لهول مشهد الجريمة وجاء الاستثمار لدماء القتلى من خلال الاعتذار والمسمى مجازا اعتذرا حيث ان مثل هكذا اعتذارات لابد من العلم انها معلومة ومعروفة بعرف الأصدقاء والصداقات لها هوامش كبيرة من الاختلاف والخلاف وسيد الموقف ترتيب اولويات المصالح والمصلحة تقتضي من تل ابيب ان تعيد تحالفاتها مع انقرة على اعتبار انها اثبتت موجودية والمناورات العسكرية المشتركة قد اضرت بأداء الجيش العبري .... هو الاعتذار الذي يشكل لبنة اساسية من لبنات اعادة ترتيب المسرح الاقليمي سياسيا في ظل الحالة الفوضوية التي تعم المنطقة وتركيا قد اصبحت عضوا فاعلا فعالا في معادلة المنطقة ولا يمكن استثناءها او القفز عنها وبالتالي اعتقد ان ما وراء الاعتذار هذا ما وراءه من مخططات قد نشهد فصولها خلال الفترة الوجيزة القادمة ...

ويبقى السؤال الابرز : لماذا كل هذا التهليل والتضخيم للانتصار وللإعتذار وللاتفاق والتوافق ما بين تل ابيب وانقرة من قبل قادة "حماس" امراء امارة غزة ..؟؟ وهل بالفعل هذا ما يسمى انتصارا لغزة المحاصرة ..؟ ولماذا هذا التناقض بالمواقف ما بين مكونات التيار الاسلامي السياسي بغزة حول حقيقة هذه الخطوة ؟؟؟ اذا ما اعتبرنا ان هذا التيار على درجة متقاربة من فهم الامور وتحليلها ...؟؟ ان ضرورات التحالفات تبيح المحظورات بعرف قادة الفتاوي والافتاء .... ان هذا الإعتذار هو وهم وبيع للسراب في اطار فنون المتاجرة بالقضايا الكبرى وتبقى الجريمة جريمة بصرف النظر عن مزادات المتاجرة بالمواقف في اسواق النخاسة الشرق اوسطية ....

وبالعودة الى الأمس القريب، هل فعلا كان انقلابا فاشلا جاء من بعد اعتذار تل ابيب وتوافق انقرة واورشليم ..؟؟ ام انها المسرحية التي لابد منها حتى تعبر تركيا من مرحلة الدولة العظمي الى سلطنة الحكم العثماني بكل قوانين العصر وحقيقته ..؟؟ ام ان طبيعة الواقع تفرض أخونة الجيش التركي كمقدمة لبناء الهلال السني بالمنطقة وبالتالي خلق التوازنات مع الهلال الشيعي ..؟؟ ام تكون هي مرحلة تدشين الدول العظمي بالمنطقة وانجاز تقاسم النفوذ ما بينهما ..؟؟