السبت: 04/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفساد ...وكيفية مواجهته

نشر بتاريخ: 11/10/2016 ( آخر تحديث: 11/10/2016 الساعة: 11:20 )

الكاتب: ابراهيم فوزي عودة

لو حاولنا تعريف الفساد بكلمات بسيطة هو اساءة استعمال السلطة بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو فئويّة أو عائليّة.امّا تبعاته فلا يستهان بها البته ، اذ انه يتسبب باضرار مادية ومعنوية بالغة . لا بد انه يتحمل كلّ منّا العواقب من تأثيرات الفساد بطريقة او باخرى . وحسب التقارير السنوية الماضية لمنظمة الشفافية الدولية يتبين ان مشكلة الفساد باتت منتشره انتشارا واسعا لدرجة انه لا يوجد اي بلد محصن ضد الفساد . وفي بعض الحالات قد تكون عواقب الفساد مأساوية .على سبيل المثال كشفت مجلة تايم ان الفساد والاهمال تسببا بشكل او باخر في وقوع هذا الكم الهائل من الضحايا اثر الزلزال العنيف الذي ضرب هايتي عام 2010 فقد افتقرت المباني الى درسات هندسية سليمة ودفعت رشوات للمفتشين الحكوميين لكي يتغاضوا عن هذا الموضوع . فهل من حل للفساد ؟

ساحاول ان اتطرق لاسباب انتشار الفساد معتمدا على الكتاب المقدس .
في جامعة 8 : 9 : "يتسلط انسان على انسان لأذيته"
تصف هذه الكلمات وصفا دقيقا تاريخ الحكم البشري . فطول قرون تسبب الحكام بالكثير من الألم والشقاء للبشر رغم محاولة الكثيرين عن حسن نية انشاء مجتمع عادل . لكن الجشع والفساد وقفا حاجزا في طريقهم ، مع المصالح والمحسوبيّات .
نشهد في الكتاب المقدّس نزاهة الصّالحين من جهة وفساد الطّالحين وكذبهم . ووصلت نزاهة اهل الصلاح وعلى رأسهم السيّد المسيح درجة التّضحية بحياته. وهكذا يرى المرء كيف بلغ من هيرودس الكبير الفساد والطموح وجنون العظمة حتّى تقرّب في نفس الوقت من اليهود الوحّدين والرومان المشركين وكيف تأمر على المجوس بكيد . ولاحقاً تحالف ابنه هيرودس أنتيباس مع بيلاطوس لقتل السيّد المسيح ظُلماً. وهكذا استغلّ كلّ من هذه الشّخصيّات الشّرّيرة سلطته ونفوذه للدمار. وفي عهد الرسل الأطهار اراد سيمون السّاحر أن يشتري النعم والمواهب الروحانية بالفضّة والذهب فانتهره القديس بطرس. وكان حننيا وزوجته صفيرا قد احتفظا لنفسيهما بمال بيت باعاه بدل أن يقدّماه لبيت الله . فوقف لهما بالمرصاد القديس بطرس الرسول وأعلن عليهما حكم الله مبيّنا عاقبة طمعهما وكذبهما على روح القدس.

وسوف اعرض ثلاثة اسباب رئيسية للفساد معتمدا على الكتاب المقدس :
السبب الاول الخطية .يذكر الكتاب المقدس فيرسالة القديس بولس الرسول إلى أهل روما ( اننا جميعا تحت الخطية ) فهي مثل المرضى الوراثي ساكنة فينا .ومنذ الاف السنين ملكت الخطية على البشر ولا تزال تعمل فينا . فالميول الخاطئة تحدو بكثيرين الى وضع مصالحهم الخاصة اولا والسعي وراء السلطةوالمال ولو كان على حساب الاخرين .
السبب الثاني العالم الشرير . يتسم العالم حولنا بالجشع والانانية .ويتأثر البعض بهذا الجو فيصبحون هم انفسهم اشخاصا انانين يسعون وراء السلطة وينمون رغبة شديدة في الحصول على المزيد من المال والممتلكات . ولكي يبلغوا مرادهم هذا يلجأون الى وسائل غير نزيهة . وهكذا يتبعون الكثيرين الى السؤ بدل مقاومة تاثيرات العالم الرديئة . خروج 23 : 2

السبب الثالث الشيطان ابليس . قد يظن البعض ان الشيطان قضية وهمية . ان الشيطان مخلوق روحاني متمرد . في رؤيا 12 : 9 ( فألقى التنين الكبير ، الحية القديمة ،ذاك الذي يقال له ابليس والشيطان، مضلل المعمور كله ، القي الى الارض والقي معه ملائكته ) وهو يجد متعة في خداع البشر . فقد يستغل بدهاء رغبة الشخص الطبيعية في العيش برفاهية . فيحمله على اللجؤ الى اساليب ملتوية لتحقيق رغباته .
واذا كان هذا الحال فالسؤال هل ممكن ان نتحلى بالامانة في عالم فاسد ؟
ان طبيعتنا الخاطئة والعالم حولنا والشيطان يشكلون ضغطا كبيرا علينا . ولكن بمقدورنا ان نقاوم تأثيرهم المفسد . كيف ؟ بالنعمة وبالاقتراب الى الله والعيش بموجب مبادئه المدونة في الكتاب المقدس .

نقرأ في ثيموثاوس الاول 6 : 9-10 ( اما الذين يطلبون الغنى فانهم يقعون في التجربة والفخ وفي كثير من الشهوات العمية المشؤومة التي تغرق الناس في الدمار والهلاك ، لان حب المال اصل كل شر،وقد استسلم اليه بعض الناس فضلوا عن الايمان واصابوا انفسهم باوجاع كثيرة .)
بناء على ما تقدم نستطيع بمساعدة الله مقاومة التاثيرات المفسدة . مع ذلك لن نتمكن من القضاء كليا على الفساد . فجذوره ممتدة بعمق ولن يستطيع البشر الناقصون استئصالها . فهل يعني ذلك ان الفساد لن ينتهي يوما ؟
مزمور 37 : 34 ( ارج الله واحفظ طريقه الى انقراض الاشرار تنظر )
الشعور العام ان الفساد متأصل في المجتمع ويستحيل القضاء عليه .ان التاريخ يشهد ان البشر جربوا شتى انواع الحكومات ولم ينجحوا في وضع حد للفساد . فهل من امل ان يتغير الوضع يوما ويتحلى الناس جميعا بالاستقامة ؟
يخبرنا السيد المسيح أنّ القمح سيبقى وبجانبه الزؤان إلى نهاية العالم ، فلنكن بنعمة الله قمحا صالحا ونورا للعالم وملحا للأرض!