الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

رمضان شلح .. قائد المقاومة ومفكر فلسطين

نشر بتاريخ: 11/10/2016 ( آخر تحديث: 11/10/2016 الساعة: 11:22 )

الكاتب: د.أحمد الشقاقي

تمكن الدكتور رمضان شلح من فرض نموذج قيادة فلسطينية مقاومة إسلامية وطنية تتجاوز الكثير من الإشكاليات التي أصابت المشهد الفلسطيني. ووسط حالة الفوضى التى ضربت الساحة الداخلية الفلسطينية تمكن من قيادة تنظيم مقاومة يحظى باحترام كبير ويلقى تقديرا خاصاً في الشارع الفلسطيني.
قيادة الدكتور شلح التى تتحدد في أبعادها التنظيمية والوطنية والإقليمية، يتلمسها المتابع لمواقف حركة الجهاد الإسلامي، وصياغتها لعلاقاتها على كافة المستويات. وقد نجح باقتدار في تشكيل مسار مقاوم يستطيع أن يثبت نفسه في كافة المحطات.

أما تنظيمياً فقد وجدنا حركة مقاومة، تستقطب شباب مقاوم يسعى إليها كل من بحث عن عنواناً للجهاد، يجعل الاحتلال مقصده ويوجه سلاحه نحوه في تأكيد لشعار مركزية فلسطين، هذه التوليفة الوطنية جمعت مئات الآلاف من خيرة أبناء فلسطين وسخرت طاقاتهم في طريق التحرير. ووطنيا نجد إجماعاً لا مثيل له على احترامه بين مكونات العمل الفلسطيني يجعله قائد المقاومة، ويقدمه كمثال للقائد الفلسطيني المخلص لقضيته والحاضر في كل تفاصيلها بما يضمن تحقيق تطلعات أبناء شعبه. وعلى مستوى الإقليم فقد أصبح ممثلاً للمقاومة المتمسكة بثوابتها المستندة لدعم شعبها والتي تنسج علاقتها انطلاقا من قاعدة تطوير المقاومة وتعزيز إمكانياتها.

السياق الذي بدأه الدكتور شلح في مجابهة مشروع التسوية وفي ذروة التنظير لمنجزات أوسلو -نهاية العقد الأخير من القرن الماضي- تجلت صوابيته في وصول أصحاب مشروع أوسلو لصفر كبير بعد ربع قرن، وتغير قناعتهم في جدوى العملية السلمية واعترافهم بالفشل.
إن نجاح الأمين العام لحركة الجهاد في إبقاء جذوة الصراع مشتعلة، والتفاعل مع انتفاضة الأقصى، والارتقاء بالأداء الجهادي يضاف إلى رصيده، واهم ما يسجل لهذه القامة الوطنية أنها أرست قواعد إستراتيجية العمل المقاوم، وتأكيدها كخيار يكفل التحرير. هذا العطاء الجهادي لم يقتصر على حزبه بل اتسع لنرى حضوراً لعمل مقاوم مشترك مع كافة الفصائل الإسلامية والوطنية.

يسجل لقائد المقاومة أن حركته حافظت على خيارها وبرنامجها، على شعاراتها وأبجدياتها، لم يسع لسلطة تخضع لالتزامات أوسلو، بل دعى لتجنبها لنجده صادق في التزامه بوعده لأصحاب البرنامج ورفاق الجهاد. هذه الظاهرة بطهارتها وسياستها سجلت نفسها كرائدة في تاريخ الثورة الفلسطينية.
سجل حافل للعمل المقاوم قاده الدكتور رمضان شلح، لتصل ذروة هذا الأداء في التطور النوعي الذي قدمته في آخر الجولات مع قوات الاحتلال، وهو ما لاقى احتضاناً شعبياً كبيراً، واحتراماً منقطع النظير للمقاومة وأهلها وقادتها لدى الشارع الفلسطيني بكافة مكوناتها.

كذلك فان شخصية مفكر فلسطين تتجلى في محددات رئيسية تكتمل لتقدم نفسها كنموذج فريد يستحق الإشادة الموضوعية يمكن بلورتها في التالي:
أولاً: ينطلق في اجتهاداته ومواقفه من معادلة الإسلام الذي يتجاوز العجز، أو حلقة الفراغ التي أصابت الحركة الإسلامية في البلاد العربية في السنوات الخمس الأخيرة، فلم يكبل نفسه بالتزامات الحكم والسعي نحوه، بل ألزم نفسه بواقع المحتل الذي يناضل لاسترداد أرضه بداية.

ثانياً: يحرص على تجاوز الخلافات ويبحث في قواسم اللقاء مع الجميع سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى الإقليم، فنقطة الارتكاز هي فلسطين، بمعنى أن الاقتراب إلى فلسطين يجعلك قريبا منه، والعكس صحيح.
ثالثاً: لم تختطفه الأضواء الإعلامية، بل رفضها وشغل باله بمعاناة شعبه، فتجده يسعى هنا وهناك، يعمل في صمت ويقدم ما استطاع في دعم لصمود غزة وأهلها.

رابعاً: تخلى بقدر كبير عن قيود الحزبية الداخلية وتمكن من تعزيز هذا التوجه لدى قيادة حركة الجهاد وكوادرها في كافة مناطق تواجدها، فوجدناهم دوماً مفاعيل لتعزيز حالة الوحدة الوطنية.
خامساً: فتح آفاقاً أوسع لمفهوم المقاومة، ووجدناه حريصا على خدمة الجماهير وفق الممكن في كافة المجالات بما فيها الاجتماعي، والصحي، والعلمي، والثقافي. بما يحقق تعزيز صمود الناس في الأرض المحتلة.

سادساً: قدم رؤية جديدة تسجل في مقدمة النجاحات للحركة الإسلامية في الوطن العربي والمنطقة، فقد بات واضحاً أن الفكرة التي زرعها د فتحي الشقاقي، حافظ عليها وعمل على تطويرها ما أكسبها مزيداً من الزخم والحضور شعبياً ونخبوياً.
سابعاً: أعطى فسحة كبيرة من الأمل لدى الشباب في أن هناك من يسعى نحو فلسطين، ويخلص في توجهه نحوها في ظل حالة الإحباط التي بدأت تتسرب لدى جيل الشباب في ظل العجز الرسمي.
الحديث عن قائد المقاومة ومفكرها يبعث في النفس الطمأنينة، ويذهب بنا إلى آفاق أوسع، ويدفع في الجيل القادم مفاهيم الوطن والقضية، ويصحح مسارات الخنوع والإحباط.