الخميس: 02/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

المؤتمر السابع في وجه العاصفة

نشر بتاريخ: 01/11/2016 ( آخر تحديث: 01/11/2016 الساعة: 10:15 )

الكاتب: زهير الشاعر

في ظل تسارع الأحداث على الساحة الفلسطينية برزت عدة تطورات منها مؤشرات لصراع مسلح بات يثير القلق خاصة فيما يتعلق بأحداث العنف المتزايدة في الضفة الفلسطينية ، أيضاً تناقلت وكالات الأنباء المختلفة أنباءاً عن ضغوطات عربية تتزايد ويقال بأنها ستبلغ ذروتها في الأيام القادمة وذلك من أجل إنشاء قيادة فلسطينية جماعية تقود المرحلة القادمة في المشهد الفلسطيني.
قبل أن أدخل في إبداء رأيي بهذا الأمر أود التوضيح بأنه لا شك من أن المرحلة الحالية تمر في منعطف خطير وحاسم وتواجه متغيرات حتمية باتت تلوح في الأفق ولها متطلبات تحتاج إلى عقل وحكمة في التقدير ودراية بتحديات المرحلة وفهم عواقبها حتى يتم تجاوز تأثير الألغام التي وضعت في طريقها!.

هنا لا بد من طرح تساؤل مهم وهو بالرغم من قناعاتي المطلقة بأن الحالة الفلسطينية الحالية وجمودها والتطور المنتظر عليها لا زال مرتبطاً بنتائج الانتخابات الأمريكية وما سيترتب عليها من رسم للسياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة، التي كما يبدو بأنها لن تسمح باستمرار الوضع الفلسطيني بشكله الحالي سواء فاز الديموقراطيين أو فاز الجمهوريين، مما يعني أننا بالفعل أمام تغيير حتمي في المشهد الفلسطيني لن يتجاوز شهر فبراير 2017، ويبقى السؤال هو هل سيكون ذلك بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو بدونه، الذي بات بتعرض لضغوطات داخلية وعربية هائلة، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر التي تتحدث عن أن عمره الزمني لم يعد يساعده في المضي قدماً بتحدي العاصفة الهائجة للمزيد من الوقت أو لزمن طويل، بالرغم من أن هناك تأكيدات صحية بأنه يتمتع بصحة جيدة وذاكرة قوية وقدرة عجيبة على التمسك بإدارة القيادة!؟.

حقيقة أن طرح موضوع القيادة الجماعية لم يكن وليد اللحظة حيث أنني من الذين كنت متابعاً لذلك منذ سنوات وذلك من خلال تبادل وجهات النظر مع بعض الأصدقاء من السفراء العرب والأجانب من المهتمين بالشأن الفلسطيني، وقد تيقنت من حقيقة ذلك من خلال حديثي مع بعض المسئولين الفلسطينيين من الصف الأول أو ممن خرجوا من المشهد الفلسطيني سواء كان ذلك بالضغط أو بالإقصاء!، حيث أنهم كانوا يؤكدون بأن المشهد الفلسطيني المستقبلي لا يحتمل قيادة الفرد الذي يجمع كل الصلاحيات في يده، وقد لاحظنا ذلك عدة مرات من خلال لقاءات إعلامية لبعض المعنيين بهذا الأمر من خلال إشاراتهم الواضحة لهذا التوجه والقبول به كحل أمثل للواقع الفلسطيني المستقبلي وتحدياته، وذلك لضمان عدم انزلاقه في مستنقع الصراع كما حصل في المخيمات الفلسطينية في لبنان في الماضي ، كون أن هذا الأمر سيحمل تأثيرات غير مضمونة النتائج ستؤذي المنطقة برمتها وستأخذها إلى المجهول.

لذلك يبدو أن مؤشرات الصراع المسلح والتنافس على شراء ولاء المسلحين ومدهم بالسلاح استعداداً للصراع المُرتَقَب على خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس - والذي يبلغ من العمر 82 عاماً- بعد رحيله، هي أمراً ليس خارج عن السيطرة والتوجيه، بل يأتي في سياق إثبات الذات والدفاع عن مصالح كل طرف من أطراف فتحاوية مختلفة في توجهاتها وطموحاتها وتحالفاتها ، وذلك من خلال أجنحة تابعة لأجندات خاصة تتحكم بتوجيه البوصلة ورفع سخونة الأحداث كما تراه مناسباً لأجنداتها، وهذا يتلخص في توجهات قيادات فتحاوية وطنية صاحبة نفوذ قوي وعصابات إجرامية منتفعة ورجالات سلطة لهم مصالحهم ، ولكن جميعهم تتقاطع مصالحهم في نقطة واحدة وهي الحفاظ على استمرارية الكيانية الفلسطينية بمؤسساتها الوطنية، وبالتالي سينصاعون جميعاً في نهاية الأمر للتوجهات العربية والإقليمية والدولية كونها الجهات المانحة التي تمثل شريان الحياة لمنظومة السلطة الفلسطينية والمؤسسات الوطنية الراعية لها خاصة منظمة التحرير الفلسطينية، وهو الخيار الوحيد القائم للحفاظ على مصالح الجميع وبالتالي جميعهم يدركون الخطوط الحمراء والمحظورات المتعلقة بهذا الأمر!.

هذا يعني في تقديري أن فكرة انعقاد المؤتمر السابع تندرج في سياق شد الحبال بين الأطراف المتنافسة والتي أؤمن بأنها فكرة خرجت ميتة ولن ترى النور في الوقت الذي حدد لها وهو التاسع والعشرين من نوفمبر، حيث أنها لن تكون مهمة سهلة في هذا الوقت، لأن الجميع يدركون بأن المضي فيها لا يمثل تحدياً خطيراً فحسب بل يمثل انتحارا وطنياً جامعاً، هذا عوضاً عن أنها بعيدة كل البعد عن المنطق والواقع ومتطلباته!، وتواجه تحديات جمة لأنها ستجر الساحة الفلسطينية لصراع دموي غير مسموح به، لأنه لا يصب في صالح أحد من الفلسطينيين أو من المهتمين بالشأن الفلسطيني سواء عربياً أو إقليميا أو دولياً أو حتى لصالح إسرائيل التي ستكون المتضرر الأول بطريقة أو أخرى من أي صراع مسلح في الضفة الفلسطينية نتيجة عدم التوافق على انعقاده.

من هنا فإنني أرى أن فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية بإشراف شخصية توافقية مقتدرة ولها خبرة في القدرة على قيادة الحكومة ومتطلباتها وذلك للإشراف على انتخابات وطنية شاملة تفرز قيادة جماعية هي أهم بكثير من فكرة عقد مؤتمر سابع يواجه عاصفة من التحديات، ولن يجلب أمان لأحد، ولربما يأخذ الساحة الفلسطينية بعيداً في سيناريو دموي، الجميع بغنى عنه لأنهم يجهلون نتائجه.

بالتالي فإن فكرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنشودة والتي تهدف إلى تهيئة الأجواء لانتخابات عامة وذلك من أجل فرز قيادة قادرة على توجيه الدفة الفلسطينية إلى بر الأمان، هي تمثل في الواقع مخرجاً عقلانياً وواقعياً وصماماً للأمان، يسحب الذرائع التي تعمل على تسميم الأجواء وتوتيرها نتيجة طرح فكرة انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح الفلسطينية، وتحافظ على ماء الوجه للجميع وتضمن بقاء الرئيس محمود عباس في موقعه بكرامة بدون ضغوطات داخلية أو من أي طرف عربي أو إقليمي أو دولي ، وتسحب فتيل التوتر من الشارع الفلسطيني، كما أنها الوسيلة المنطقية التي تضمن له حقه في أن يخوض الانتخابات القادمة إن أراد ذلك أو إن كان مرشحاً لحركة فتح وتخرجه من الوقوع في شرك تدهور الأوضاع الأمنية !.