الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ظلم فلسطين في الأمم المتحدة

نشر بتاريخ: 05/09/2017 ( آخر تحديث: 05/09/2017 الساعة: 09:26 )

الكاتب: أحمد طه الغندور

يعتبر أن من أهداف الأمم المتحدة والتي نصت عليها المادة الأولى من الميثاق ما ورد في البند (2) حول مقاصد ومبادئ المنظمة “إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام"، وهنا تحديداً أكاد أجزم بالقول بأن الأمم المتحدة وحتى يومنا هذا لم تنصف فلسطين!
فأين المساواة في الحقوق بين الشعوب التي منحتنا الحق في تقرير المصير وأي تدابير اتخذتها الأمم المتحدة في هذا المجال؟
بالعودة إلى التاريخ وقبيل نشأة الأمم المتحدة نجد أن فلسطين كانت محتلة وتُعد جزءاً من المستعمرات البريطانية وفقاً لمؤامرة سايكس ـ بيكو التي تم التأكيد عليها مجدداً في مؤتمر سان ريمو عام 1920. والتي بعدها أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية في 24 حزيران 1922 بشكل رسمي على أساس إعلان أو تصريح بلفور بضغط رئيسي من بريطانيا في هذا الشأن لتُغطي على جريمتها بمنح ما لا تملك لمن لا يستحق.
ومع نشأة الأمم المتحدة في العام 1945 تحولت القضية في الأمم المتحدة إلى قضية صراع عُرف في عالم الأمم المتحدة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، ومنذ ذلك الوقت لم تعد قضية فلسطين قضية تحرر من الاستعمار وشطبت عن قائمة الدول المهيأة لنيل استقلالها، فمن كان وراء ذلك؟ وخطط لهذا الأمر أن يستمر حتى يومنا هذا؟
في المقابل فإن المنظمة الدولية عملت من خلال "اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار" والتي سعت مباشرة إلى منح الدول المستعمرة حقها لتقرير المصير وفقاً لمقصد الأمم المتحدة السابق ذكره؛ إلى مكافحة الاستعمار وإنهائه فكيف غابت فلسطين عن مهام هذه اللجنة؟ وكيف أصبحت قضية صراع يتجدد كالبركان على فترات غير متباعدة يُقضم خلالها جزءاً جديداً من الأرض الفلسطينية التي أنهكها الاستيطان ونهب مواردها الطبيعية، إضافة إلى جرائم العدوان، والحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تقف الأمم المتحدة بوكالاتها ولجانها المتخصصة بل ومحاكمها الدولية عاجزة عن مواجهتها ومعاقبة مرتكبيها.
كيف يمكن أن يتحقق الإنصاف ومجلس حقوق الإنسان يتعرض ليل نهار للابتزاز والتهديد فقط لمنعه من نشر "القائمة السوداء" وهي القائمة التي تبين أسماء الشركات الداعمة للاستيطان أو العاملة في المستوطنات الاحتلالية في فلسطين. في حين يتعالى صوت مندوبة الولايات المتحدة بالتهديد فيخفت معه أصوات الرسميين في الأمم المتحدة؛ ولا يغيب عن أذهاننا ما حدث مع الدكتورة ريما خلف الأمينة العامة التنفيذية السابقة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) حين نشرت تقريرا اتهم تل أبيب بتأسيس نظام فصل عنصري واضطهاد الشعب الفلسطيني، مما أضطرها إلى تقديم استقالتها حفاظا على مصداقية تقريرها.
وأخيراً، تأتي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ـ الذي كافح لسحب تقرير الإسكوا ـ في إطار الزيارات البروتوكولية التي لا تحمل أية أبعاد جوهرية أو حقيقية يمكن أن تساهم في العمل على انصاف الفلسطينيين وحل قضيتهم، حتى أنه لم يزعج نفسه بالاستماع لأهالي الأسرى في غزة بحجة أنه قابل بعضاً منهم في رام الله، فأي تبرير هذا في مقابل المشاعر التي يحملها هؤلاء الأباء والأمهات والزوجات الذين يُمنعون من أبسط الحقوق في زيارة أبنائهم وربما لسنوات وقد لا يعرفون حقيقة أوضاعهم في سجون الاحتلال.
أين ذهبت تقارير اللجان الأممية حول العدوان على غزة المحاصرة لسنوات؛ وأين الإجابات على شكاوى المؤسسات والبعثة الفلسطينية الدائمة بشأن المئات بل الآلاف من الشكاوى المتعلقة بشتى أنواع الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان في كافة المناطق الفلسطينية وخاصة القدس.
لقد كانت متابعة د.رياض منصور للسكرتير العام للأمم المتحدة في هذه الجولة ـ على الرغم من عدم فاعليتها على أرض الواقع ـ هامة جداً، فهو من خير من يعايش المعاناة الكبيرة للشعب الفلسطيني، وبذلك يضع هذا المسؤول عند واجباته المنوطة به. ولكن العلاج الحقيقي لقضيتنا في الأمم المتحدة يبدأ وينتهي عند التضامن الأممي مع قضيتنا العادلة، وهذا للأسف ما بدأنا نغض الطرف عنه في الآونة الأخيرة ولعل خير شاهد على ذلك تمدد الاحتلال في القارة الأفريقية بل وفي علاقاته مع الدول العربية.
إن امعان النظر في هيكلية الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، إضافة إلى متابعة الآليات المنوطة لكل منها قد يمكننا من تحقيق أهدافنا مهما كانت العقبات التي قد تفرضها بعض الدول المؤيدة للاحتلال في الأمم المتحدة حتى لو كانت ممثلة في استخدام حق النقض "الفيتو" إذا ما رسمنا خططنا وشملنها برعاية أصدقائنا من دول العالم المختلفة، لا يمكننا الاستمرار في مجاملة دول لا تسعى إلا إلى دعم الاحتلال على حساب حقوقنا المشروعة.
ربما أصبح من المُلح أن نحسن استخدام الوقت لصالحنا قبل أن يتمكن العدو من التقدم علينا في مجالي العلاقات الدولية والدبلوماسية حتى مع أبناء ديننا وجلدتنا، وقبل أن تكون الحلول المطروحة تقضي على البقية الباقية من فلسطين أرضاً وشعباً، تلك الحلول التي قد يرتضيها من نحسبهم أمناء على قضيتنا من آمتنا.