الأحد: 05/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

إتفاق المصالحة الجديد وآثاره المستقبلية على القضية

نشر بتاريخ: 30/09/2017 ( آخر تحديث: 30/09/2017 الساعة: 19:12 )

الكاتب: د.ايهاب عمرو

لعل أشد المتفائلين لم يكن يتوقع إبرام إتفاق المصالحة الأخير "إتفاق القاهرة" بين الأطراف الفلسطينية ذات العلاقة بتلك السرعة القياسية. 
ومن الواضح أن ظروفاً، أو ربما تفاهمات، إقليمية ودولية هي التي أدت إلى توقيع ذلك الإتفاق. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن في هذا السياق يتعلق بالآثار المحتملة لذلك الإتفاق على مستقبل القضية الفلسطينية والمنطقة العربية بالعموم.
ورغم أنني لست من المشتغلين بالسياسة ولا من محبيها إلا أنني وجدت نفسي مضطراً هذه المرة، كإستثناء عن القاعدة، للكتابة حول هذا الموضوع الذي كان، ولا يزال، الشغل الشاغل لكافة شرائح المجتمع الفلسطيني سواء داخل الوطن أو خارجه، وقطاعات أخرى على مستوى الإقليم والعالم.
إبتداء، لا بد من الإشارة إلى أن توقيع هذا الإتفاق تزامن مع فشل إتفاق إعلان المبادئ "أوسلو" الإنتقالي في تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في نيل حريته وإستقلاله على ترابه الوطني، وتزامن كذلك مع قيام سيادة الرئيس محمود عباس أثناء خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة بإلقاء اللائمة على أطراف دولية مؤثرة في فشل العملية السلمية وهو أحد القادة التاريخيين الفلسطينيين الذين آمنوا بها كوسيلة لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل في منطقة الشرق الأوسط.
عود على بدء، من الواضح تسارع الخطوات بإتجاه تجسيد إتفاق المصالحة الجديد من قبل الأطراف ذات العلاقة ما يشير إلى رغبة تلك الأطراف في المضي قدماً نحو إتمام تلك المصالحة التي طال إنتظارها. ولعله من المفيد الإشارة هنا إلى أن توقيع الإتفاق ورغبة الأطراف تعلقت بظروف إقليمية ودولية أنتجت مثل هذا التوافق، وكم كنت أتمنى، رغم أنه لا مجال للتمنيات في علم السياسة وعالمها، لو تعلقت تلك الرغبة بمصلحة الشعب الفلسطيني الذي سئم الوضع القائم القاتم والذي من الممكن أن يقود إلى المجهول.
وبخصوص ملامح المرحلة المقبلة وأثرها على القضية الفلسطينية، أستطيع القول أن السيناريوهات التي يمكن توقع حدوثها تتعلق ببقاء النظام السياسي الفلسطيني في شكله الحالي بعد إجراء الإنتخابات العامة والرئاسية وإمتداده إلى قطاع غزة كما كان الحال قبل عام 2006، وتحقيق ذلك يتطلب قدرة المكون الحزبي (الفصائلي) الرئيسي للنظام السياسي الحالي على إدارة التناقضات والتجاذبات الداخلية بين قوى الشد من جهة وقوى الشد العكسي من جهة أخرى. 
والسيناريو الآخر الذي يمكن توقع حدوثه بعد إجراء الإنتخابات سالفة الذكر يتعلق بإمتداد تجربة الحكم في قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وهذا السيناريو من الممكن توقع حدوثه خصوصاً في ظل حالة الغموض التي تكتنف عملية السلام التي أصبحت أثراً بعد عين، وفي ظل رغبة الشعب الفلسطيني الذي تحركه العاطفة في بعض الأحيان في التغيير. كذلك يمكن توقع حدوث هذا السيناريو في حالة عدم قدرة المكون الحزبي الرئيسي للنظام السياسي الحالي على إيجاد حل للخلافات والإختلافات داخل الأطر ذات العلاقة قبل إجراء الإنتخابات العامة والرئاسية، كما حدث في الإنتخابات السابقة التي أنتجت مثل هذا الواقع. وثمة سيناريو ثالث يكمن في تشكيل نظام سياسي توافقي بين الأحزاب السياسية كافة يعتمد بشكل رئيسي على حكومة وحدة وطنية، وإن كان من المبكر توقع مثل هذا السيناريو رغم أنه قد يكون الأنسب من ناحية عملية.
ويبقى الأمر الأُكثر أهمية المتعلق بتأثير تلك التطورات على القضية الفلسطينية، وهنا أستطيع القول أن أية إنعكاسات سلبية أو إيجابية لتلك التطورات الإستراتيجية المتوقع حدوثها على القضية الفلسطينية تتعلق بقدرة الأطراف على التعاطي بمرونة مع المستجدات السياسية المحلية والإقليمية والدولية، وقدرتها كذلك على الإستفادة من تجاربها السابقة وعدم تكرار أخطاء الماضي في المستقبل. إضافة إلى قدرتها على فهم ديناميات المجتمع من النواحي كافة سواء كانت سياسية، أو إقتصادية، أو إجتماعية، أو قانونية.