الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن واستحالة التنفيذ

نشر بتاريخ: 01/12/2017 ( آخر تحديث: 01/12/2017 الساعة: 09:45 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

أمام موقد النار في بداية شتاء ينتظر ببرودة قاسية، يصلك رابط عن تسريبات صفقة ما يسمى القرن، وأمام فنجان قهوتك تبدأ الأفكار في التلاقي والتنافر والاقتراب والابتعاد، ويعيد التاريخ نفسه من جديد، لقياس الممكن والمستحيل ويزور خيالك بلاد الأرض ويعيد السفر عبر الطريق الواصل بين نابلس ورام الله، ومرة أخرى يتذكر الوضع حول القدس والمستوطنات، ويسير بك الحلم حتى نهاية اليوم في وطن فلسطين وفي أفكار من يجلس في واشنطن أمام موقد ناره وينظر لخارطة البقعة الأشد عداء في الشرق الأوسط وبالتحديد عندما تظهر صورة قبة الصخرة، فهم ينظرون إليها بجدران وقبة الحجارة وعلى امتداد العالم من شرقه وغربه ومن جنوبه وشماله ينظرون إليها في قلوبهم كمحج إلى أعظم ثلاثة بيوت إسلامية وجدت في قلوب الناس، ومن فوق برج فلسطين في رام الله تنظر إلى فلسطين فترى البحر وفي معادلة السياسة والحرب ترى كل شيء واضع في استحالة ما يراه البعض كشراء منزل لشخص متوفر لديه المال.
هي ليست صفقة القرن بل هي القرن والزمان وهي إحدى العلامات الفارقة في تاريخ الإنسانية، وهي أقلام الأدباء وأشعار الشعراء وبيت القصيد بل هي النار والشراب والغذاء الذي قاتل من اجله البشر على مدار أكثر من خمسة ألاف سنة كفترة يمكن للبشرية أن تبحث في تاريخها، وهي صفقة ستكون اكبر في حديثها وأبعادها من نهاية خلافة آل عثمان وتحول ولاية خلافتهم إلى ولايات مستقلة ومنها فلسطين لكن دون وجود دولة اليهود.
فان أردت أن تصدق أو تبحث في إمكانية الطرح والأفكار ليس لك سوى أن تحاور طفلا صغيرا بعد التعريف له ان ما تتحدث عنه فلسطين المغتصبة من اليهود، وقتها سيكون لديك إمكانية كبيرة لفهم مدى التطبيق من عدمه وما يمكن فهمه، فمال بالنا إن تحدثنا في الموضوع مع الرجال الصابرين والنساء الصامدات وما بال إذا أرسلنا للشهداء ليشيروا علينا حل القبول أو عدمه، أو استشارة الأسرى في سجونهم أو الموتى في قبورهم، وقتها يتحدد معالم القبول أو الرفض واستحالة التطبيق.
واكبر الأمثلة هو ما حصل قبل سبعة عشر عاما بالتحديد في كامب ديفيد الثانية، وقد صبرنا لنقرأ من مصادرها الخاصة والموضوعية، وان جدار القدس كان سببا في فشل المفاوضات، واليوم يمكن الاستنتاج أن المسالة باتت مستحيلة الطرح والتفكير إلا بزوال الاحتلال.
لقد ضيع اليهود فرصا كثيرة وكثيرة وهم وكأنهم لم يقرؤوا تاريخا أو لم يسمعوا لأحد أو لم يشاهدوا حتى الأفلام التي أنتجت عن هذه الموضوعات بأيد أمريكية وغربية، لذلك وإذا كانت اتفاقية بسيطة تحتاج لمصادقة الشعب فكيف لنا أن نأتي بمصادقة الشعب العربي الإسلامي على صفقة تخص ارض لهم، وهل يمكن لصراح التاريخ أن يحل بهذه السهولة وهذا الطرح المجنون والفكر الغريب؟