الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما بعد النتائج المُرْعِبة!!

نشر بتاريخ: 01/04/2018 ( آخر تحديث: 01/04/2018 الساعة: 13:05 )

الكاتب: رامي مهداوي

أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الأربعاء الماضي النتائج الأولية للتعداد العام الثالث 2017 في دولة فلسطين، وفي قراءة أولية لمختلف القطاعات التي تحدث عنها التقرير بأبوابه الثلاثة السكان وظروف السكن، المباني والمنشآت نستنتج بأن النتائج صاعقة في أغلب القطاعات وخير مثال على ذلك الحالة المحزنة للقطاع الزراعي. لهذا نحن بحاجة إلى وقفة جادة مع الذات كلٌ حسب اختصاصه، للإجابة على الأسئلة التالية: أين نقف الآن؟ وأين نريد أن نكون؟ وكيف؟
لن أقوم بعرض نتائج التعداد هنا، لكن ما أريد التركيز عليه محاولة للإجابة على ما هو المطلوب بعد هذا الكم الرقمي المرعب؟ الجميع يعلم بأن الإحصاءات توفر لنا التصورات الضرورية والمفاهيم الأساسية في الإطار الكميّ من أجل استخراج المعلومات بحنكة من متن البيانات.
لهذا صانع القرار المحترف_في أي مجال كان_ هو من يستخدم طرق وأساليب التحليلات الإحصائية في الربط فيما بين الأرقام والقضايا والقطاعات؛ من أجل البناء والإنجاز ومعالجة القضايا التي تظهرها الأرقام، وأيضاً تعزيز لفرضياته وتطلعاته، بالتالي اتخاذ القرارات الملائمة والصائبة.
وهنا علينا الإنتباه أن النتائج الإحصائية تلعب دورا حيويا في رسم السياسات؛ ووضع برامج وقوانين من أجل مواجهة التفسير الكمي لما تعكسه أرقام الإحصائيات لخلق بدائل لمعالجة الظواهر التي نريد متابعتها؛ وهنا يتطلب من الحكومة الفلسطينية أولاً وأخيراً وبأسرع وقت ممكن أن تجري عملية مناقشة قطاعية، ووضع بدائل في السياسات العامة الحالية التي تكون على شكل برامج أو مشاريع قطاعية، أو لوائح للأنظمة والقوانين التي يراد إصدارها لمعالجة موضوع/قضية معينة، أو استثمار فرصة و/أو تجنب تهديد معين بدأت ملامحه بالظهور.
وبعد ذلك تخضع تلك البدائل _السياسات العامة المقترحة_ لنقاش الحكومة ضمن المصلحة العامة، دون أن ننسى المناقشة المجتمعية والأهلية التي تجرى حولها في كافة المحافل من خلال المجتمع المدني وعلى رأسهم الأحزاب والقطاع الخاص ووسائل الاعلام. هذا التفاعل سيؤدي الى اختيار احد البدائل المطروحة، بوصفه معبراً عن السياسة العامة الأكثر قبولاً من قبل الاطراف المستفيدة والمعنية برسم السياسات العامة التي تخدم الوطن والمواطن.
ويجب أن أشير هنا ضمن خصوصية الوضع الفلسطيني؛ بأنه آن الأوان للإستفادة من هذه الأرقام في رسم سياسات نضالية علمية في مواجهة الإحتلال الكولونيالي دون التخبط في ظلام المجهول الذي نعيشه يومياً؛ والمثال الحيوي على ذلك هو القدس، لننتقل من مرحلة الشعارات الواهية الى مرحلة رسم سياسات وبرامج تعكس توجهات وإرادة الشعب.
أتمنى ممن سيقرأ المقال من صانعي القرار في النظام السياسي الفلسطيني العمل بأسرع وقت في مواجهة هذه الإحصائيات المخيفة من خلال تشكيل خطة قطاعية تعالج الواقع المؤلم دون الإكتفاء فقط بوضع الخطة كباقي الخطط السابقة والنوم بالعسل ليولد لنا واقع مؤلم كما عكسته نتائج الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني!!