الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

معركة الوجود تنطلق من تل ابيب

نشر بتاريخ: 12/08/2018 ( آخر تحديث: 12/08/2018 الساعة: 17:56 )

الكاتب: موفق مطر

هدف المظاهرة بالأمس وسط تل ابيب، إسقاط (قانون القومية) الذي اقره اعضاء الكنيست العنصريون، والانتصار عليه بتحقيق مبدأ المساواة، أما الآلية فهي نضال سلمي مدني، وهنا ستبرز قدرة الفلسطينيين العرب المصنفين في القانون العنصري الجديد هذا كدرجة ثانية ان فكرهم السياسي الجامع وثقافتهم الانسانية اقوى من قدرات العنصريين حتى لو امتلكوا كل مقدرات (دولة اسرائيل ونظامها) المخالف لنظام ومسارات القوانين الانسانية، وسيبرهنون للعالم أن قوة العنصريين المنتجة للاستبداد والظلم، والتاريخ المحرف والمشوه قد تسود لفترة.. لكنها لن تتمكن من اقتلاع الحقيقة، وهي ان جذور شجرة الفلسطينيين الحضارية في هذه البلاد منذ آلاف السنين ستبقى كما عهدها العالم أصيلة وأصلية، وأنها كانت منبتا للسلام.
بعد هذه المظاهرة لن يسقط قانون القومية العنصري مباشرة، لكنها – أي المظاهرة - مهمة جدا في سياق المنافسة التاريخية على تأكيد ليس حق الوجود التاريخي والآني والمستقبلي لأهل البلاد الأصليين (الفلسطينيين) وحسب، بل الاعتراف بأنهم كتراب وهواء وماء فلسطين، يستحيل القضاء عليهم او تحويلهم الى كيان من نوع آخر، والاقرار بفشل مشروع استكمال المؤامرة بتحويل اسم البلاد من فلسطين الى اسرائيل، فهنا اسم هذه الأرض وشعبها الذي خلق منها منذ فجر التاريخ وسيبقى فيها الى الأبد.
من المفيد تسليط الضوء على ما قاله محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية وتأكيده الإجماع الشامل والقوي في لجنة المتابعة على ضرورة إسقاط القانون، والتعامل على الصعد المحلية والعالمية على أساس حقوقنا القومية والمدنية كاملة.
واللافت رد بركة الشديد الوضوح على سؤال صحفي حول رفض زعيمة المعارضة الاسرائيلية تسيبي ليفني المشاركة في هذه المظاهرة بسبب موقف التجمع الوطني الديمقراطي الرافض ليهودية الدولة، فقد قال ابو السعيد: "من يوافق على شعاراتنا فليأت ولن نفتقد من لا يوافقنا"، ليفني ردت أن القائمة المشتركة لا تقر بيهودية الدولة، ونحن نقولها واضحة إن كل الجماهير العربية لا تقر بيهودية الدولة.
بات ممكنا الآن استشراف طبيعة المعركة السياسية السلمية المدنية المصيرية التي يخوضها الفلسطينيون داخل حدود العام 1948، بعد انكشاف اسباب ودوافع العنصريين لتشريع قانون القومية، حيث اعتقد المتغطرسون اصحاب النظر القصير بإمكانية فرض يهودية الدولة بقوة القانون على أكثر من 20% من سكانها وهم من العرب الفلسطينيين، بعدما ظاهر الفلسطينيون وجهروا برفضهم (يهودية دولة اسرائيل)، وهنا يجب ان نستدرج الى هذه السطور تأييد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليهودية اسرائيل حسب الكثير من خطاباته وتصريحات مستشاريه، الذين جابههم الرئيس ابو مازن بموقف رافض حاسم حول طلباتهم من القادة الفلسطينيين الاعتراف بيهودية اسرائيل !.
ستلفظ صفقة القرن أنفاسها الأخيرة عندما يسقط قانون القومية، وسيبدو الرئيس ترامب كسائق لعربة عجلاتها مكعبات اسمنتية !!! وهنا بإمكاننا تصور حجم العبء الملقى على عاتق الجماهيرالعربية وكذلك الاسرائيلية المؤمنة بحتمية السلام والحقوق القومية والمدنية والمساواة، وعلينا التذكر أن الشارع المنظم والمنضبط والمسير بأفكار تحررية نحو أهداف نبيلة مؤثر أكثر من أي سلاح حتى لو كان ناريا او عنصريا وسم بدمغة القانون.
سيقدم الفلسطينيون أهل البلاد الأصليون ومعهم محبو السلام وأنصاره الاسرائيليون خدمة جليلة للعالم ومعتنقي الديمقراطية كشريعة ومنهج حياة، ويوقظونه من عملية تنويم مغناطيسي ليشهد بعينيه ويلمس بحواسه فظاعة المخادعة التاريخية التي تعرض لها تحت عنوان (اسرائيل واحة الديمقراطية في صحراء الدكتاتورية).