الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

جريمة حرب بسلاح المياه السوداء في الخان الأحمر!!

نشر بتاريخ: 04/10/2018 ( آخر تحديث: 04/10/2018 الساعة: 11:02 )

الكاتب: موفق مطر

بات لزاما على مشرعي القوانين الدولية وناظميها إضافة سلاح (المياه العادمة السوداء) إلى قائمة الأسلحة المحرمة دوليا، واعتبار استخدامها جريمة ضد الانسانية، وكذلك محاكمة مستخدميها في الجنايات الدولية، تماما كما تتم محاكمة
مجرمي الحرب الذين يستخدمون الاسلحة التقليدية أو غيرها في القتل الجماعي (المجازر).
ستكون (دولة المستوطنين) السبب في خراب العالم ومنظومة الشرعية والقوانين الدولية الانسانية، وعلى العالم التدخل قبل استكمال سيطرتها، وتمكنها من استحضار زمن الحروب والصراعات وإنشاء الدول على أسس دينية، وعلى هذا العالم الادراك بأن قرية "الخان الأحمر" باتت العلامة الفارقة الفاصلة بين منهج إنساني يسعى لنشر قيم الحق والعدل والحرية والسلام، وسلوك بشري همجي منفصل عن واقع امة الانسان الحضاري المتمدن.
لن نقبل أي تبرير اسرائيلي رسمي لانفلات مستوطني ائتلاف حكومة نتنياهو الهمجيين، لأن قوات جيش وشرطة هذه الحكومة العنصرية التي تستخدم هذا (السلاح الأسود) ضد الفلسطينيين المتظاهرين السلميين في بلدة كفر قدوم في محافظة قلقيلية منذ سنوات، ما كان لها فعل ذلك إلا بمعرفة وعلم قياداتها العسكرية والسياسية العليا وتنفيذا لأوامر صادرة عنها، فالأسلحة الفتاكة لا تستخدم إلا بموافقة أعلى مرجع سياسي عسكري في دولة الاحتلال اسرائيل، وإلا فإن العالم يحق له اعتبار ما يحدث بمثابة انفلات في نظام اسرائيل، ما يعني مضاعفة المخاطر القائمة على استقرار وأمن المنطقة، وزيادة منسوب تخوف العالم من الابعاد الحقيقية الكامنة وراء اعلان (قانون القومية الاسرائيلي) وأهمها إجبار الفلسطينيين على الهجرة من موطنهم التاريخي والطبيعي فلسطين.
عمل المستوطنون الهمجيون، الثملون بالعدائية المطلقة لمبادئ الحياة الانسانية على محاولة اغراق بيوت قرية الخان الأحمر بالمياه العادمة السّوداء: وهي المياه– حسب تعريفها العلمي- التي تُصرَف في قنوات المراحيض، بخلاف العادمة الصفراء والرمادية أو مياه الصّرف الصحّي، المعروفة بأنها المياه المُستهلَكة في استخدامات الإنسان؛ المنزليّةً، أو الصناعيّةً، أو التجاريّةً، ومياه الأمطار الملوثة.
المستوطنون المغتصبون لأراضي المواطنين في التلال القريبة من القرية والمقيمين في مستعمرة كفار أدوميم، منهم مسؤولون كبار في منظومة الأبارتهايد الاسرائيلية ومن ضمنهم قضاة في المحكمة العليا الاسرائيلية التي ردت التماس اهالي قرية الخان الأحمر وسمحت لجيش الاحتلال الاسرائيلي بتدمير القرية وتهجير سكانها، يعلمون أن النتيجة الحتمية لإغراق المنطقة بالمياه (العادمة السوداء) هي اصابة سكان قرية الخان الأحمر (البدو) ومصادر ارزاقهم (الماشية) والطيور الداجنة بالأوبئة والأمراض، ليس هذا وحسب، بل وإصابة المعتصمين الفلسطينيين والمساندين والمتضامنين الأجانب بما فيهم أنصار السلام الاسرائيليون، الأمر الذي قد يدفع سكان القرية إلى الهجرة خوفا من موت محتم– ولو بطيء ان بقوا في المكان، وهذا يعني أنهم يرتكبون جريمة حرب (مجزرة) باستخدام سلاح المياه العادمة السوداء، وهذا سلاح لا يختلف عن الكيماوي المحظور دوليا، سوى انه يستخدم في عمليات الابادة والاعدام و"التغيير الديمغرافي"- هذا ايضا جريمة حرب- ولكن على مدى طويل نسبيا مقارنة بالأسلحة الكيماوية السامة القاتلة مباشرة، القادرة على افناء حياة كل شيء حي وقع في حيز دائرة الجريمة.
بات العالم أمام جريمة حرب ومجزرة ضد الانسانية في قرية الخان الأحمر ينفذها جيش الظل المخفي لحكومة ائتلاف نتنياهو، فأساليب وادوات ومواد هذه المجزرة ليست محرمة صراحة في القوانين الدولية، ربما لأنه لم يخطر في بال ناظم أو مشرع للقانون في هذا العالم بأن بشريا يعيش في القرن الواحد والعشرين يمكن أن يقدم على ارتكاب جريمة بهذه الأدوات وألاساليب، رغم فظاعة ووحشية المجازر بالأسلحة التقليدية والنووية والكيميائية.
الفارق بين الأسلحة الكيميائية وهذا السلاح أن السلاح الكيميائي ينتج في المختبرات بعد عشرات السنوات من الأبحاث والاختبارات، أما سلاح المستوطنين ألأسود هذا فانه نتاج مفاهيمهم وسلوكياتهم، وتعاميم حاخاماتهم، يفرزونها سموما، تفوح منها رائحة العدائية المطلقة للفلسطيني، وتتبخر منها غازات الرغبة بافناء ليس كل فلسطيني على أرض فلسطين وحسب، بل كل من نادى وعمل ومازال ينادي ويعمل من اجل الحق في الحياة والحرية والعدل والسلام على أرض فلسطين.