السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

زوايا الرؤيا لدى حماس ما بين الامس واليوم

نشر بتاريخ: 07/10/2018 ( آخر تحديث: 07/10/2018 الساعة: 13:37 )

الكاتب: سليم النفار

بعد فوز حركة حماس في انتخابات العام 2006 وفي خطاب للسيد خالد مشعل من دمشق آنذاك قال: "على الجميع أن يركب قطار حماس، فهو الذي سيصل".
هذه الرؤيا الأحادية الاقصائية التي لا ترى أحدا، هي الناظم لعمل حماس السياسي منذ البدايات، وكأن الشعب الفلسطيني لم يفعل شيئاً طيلة عقود مضت، فهو لم يثر ولم يقدم قوافل الشهداء والجرحى والاسرى، على مذبح الحرية التي طال الطريق اليها.
غير أن الحقيقة: حركة حماس هي من تأخرت عن الالتحاق بقاطرة الفعل الوطني، فعلى مدار عقدين ونيف من عمر الثورة الفلسطينيية المعاصرة وقيادة منظمة التحرير لها، لم تشترك حماس "المجمع الاسلامي" في حركة النضال الوطني ضد الاحتلال آنذاك، بل كان لها دور وموقف مختلف لسنا في صدد الدخول اليه، فكل مطلع ومتابع لمسيرة الفعل الوطني يعلم ذلك.
ولكن الآن وبعد مضي الزمن وبعد الانقلاب الذي أدمى القضية وشعبها، يفترض أن تكون حماس قد حاولت التبديل في زوايا رؤيتها، فأي حزب سياسي او حركة وطنية تخطيء في سياق الفعل اليومي، غير أنها تغير وتبدل وفق معطيات الواقع والسياسات المحيطة بالحالة، بما يخدم القضية وشعب القضية الذي يفترض أن الفعل السياسي من اجله، فأحزاب فلسطين وفصائلها لم تنشأ من اجل بلد آخر، بل من اجل تحرير الارض الفلسطينية وحرية الشعب، وعليه فان ماشور الرؤيا عندما ينحرف ولا يخدم القضية وشعبها، لابد من الاعتذار وتغيير السياسات.
ولكن بعد الذي أوردنا، وبعد السنوات العجاف التي يعاني منها شعبنا وقضيته، يطلع علينا قادة الحركة في قطاع غزة هذا العام ومن خلال مؤتمر لهم حمل عنوان : المؤتمر العلمي الدولي الاول ،- الواقع والمأمول - في الذكرى الثلاثين لانطلاقة حماس، معتبرين حماس أنها هي حامية المشروع الوطني، فكيف يكون ذلك وهم من صنع الانقلاب، والانقسام الحاد في الحالة الوطنية الفلسطينيية ؟
كيف يكون ذلك وهم الذين يضعون العراقيل، في طريق انهاء الانقسام واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني ؟
كيف يكون ذلك وهم من يصرُّ على ابقاء الشعب في حالة الحصار، والعذاب الذي لم يكن لولا حالة الانقسام، كيف يكون ذلك وهم مازالوا يتسلحون بالنظرة الاقصائية التي لا ترى سواهم في ميدان القوى، وكأن تاريخ الكفاح الوطني لم يبدأ الا معهم ؟
إن هذه الرؤيا بالمطلق لا تعني أن القوى السياسية الوطنية الاخرى تسير في الاتجاه الصحيح، ولكن حجم الاحتياجات اللازمة لتطويرها وتفعيل دورها مازالت ممكنة، طالما انها لم تنتقل الى مربع الاقصاء للآخر والتخوين.
لذلك فان المطلوب من القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينيية، كبير وكبير جدا من اجل انقاذ القضية من براثن التشتت والهزال الذي لم يكن ذات يوم بهذا المنسوب.
وعلى الكل الوطني ومعه النخب السياسية والثقافية في هذا السياق ان يقول قولته، بعيدا عن الخوف الذي يسكن قلوبهم وعقولهم، وبغير ذلك فان العقود القادمة ستشهد أفولا للقضية وشعبها فوق هذه الارض.
وهذا ليس تشاؤما وتثبيطا للهمم، بل محاولة لقراءة معطيات الواقع الذي تُجافيه النخب السياسية في سلوكها وشعاراتها الرنانة، التي لا تأتي بغير الالم واطالة امد العذاب لهذا الشعب المعطاء.
السياسة لا تُدار بالعواطف بل بالعقول، ولا احد من شعبنا ضد المقاومة وضد "الله" لكن يجب ان تستخدم المقاومة في سياقها الصحيح الذي لا يتحول الى عبء على الناس، ويحولهم الى معاقين وفاقدين لقدرة الحياة، لان المقاومة هي انتصار للحياة وليس للموت.
وان الله في عقول وقلوب الناس جميعا، ولكن استخدام الدين في غير موضعه لإخافة الناس وارهابها، واحالة كل شيء عليه ليس سوى تبرير يخدم مصالح الحزب والافراد القائمين عليه، فلا تخيفوا الناس باستخداماتكم، وعلى الناس ان تعي هذه الاستخدامات وتخرج من حالة السكون الى دائرة الفعل، فليس معقولا ان يعيش شعب تحت وطأة كل هذه الشعارات ولا يأخذ غير العذاب والالم، فماشور الرؤيا وان استدار قليلا فهو لم يتغير ، فهي استدارة مخادعة للحفاظ على الحزب وفقط.